تؤكد الوقائع والأحداث التاريخية أن التدخل الروسي في سوريا تحصيل حاصل لتواجدهم الدائم في قواعدهم البحرية والأرضية ليس فقط من بداية الثورة السورية وإنما من زمن الاسد الأب الذي استعان بهم ذات مرة لإخضاع شعبه أيضاً؛ والجديد فقط هو استخدام الطيران المباشر وهذا لن يستمر طويلا، فتصريح لوزير الدفاع يؤكد أن الضربات لن تزيد عن أربعة أشهر. تؤكد الوقائع والأحداث التاريخية أن التدخل الروسي في سوريا تحصيل حاصل لتواجدهم الدائم في قواعدهم البحرية والأرضية ليس فقط من بداية الثورة السورية وإنما من زمن الاسد الأب الذي استعان بهم ذات مرة لإخضاع شعبه أيضاً؛ والجديد فقط هو استخدام الطيران المباشر وهذا لن يستمر طويلا، فتصريح لوزير الدفاع يؤكد أن الضربات لن تزيد عن أربعة أشهر، وتؤكد الأخبار والتسريبات أيضا وجود ترتيب غربي روسي وتنسيق عكسته اجتماعات عقدت وستعقد اليوم بين العسكريين الروس والأمريكان، هذا التنسيق سيؤدي، كما تسرب، لوضع روسيا في موقف تفاوضي اقوى يسمح بفرض حل سياسي سينتهي الى خروج بشار من اللعبة تماما وهو ما صرح به قادة روس أكثر من مرة، ويبقى التحفظ الروسي فقط بضرورة بقاء هيكل الدولة.
إعطاء الموضوع أبعاد تصل إلى “سايكس بيكو” جديدة ربما تكون مبالغ فيها؛ لن تحدث مواجهة روسية أمريكية ولن تحدث مواجهة مباشرة سعودية إيرانية، وليس لروسيا إمكانية اقتصادية أو سياسية للدخول في مواجهات طويلة الأمد، ولديها من المشاكل الداخلية ومشاكل الجوار ما يكفيها، ولن يحلها إطلاقا الهروب إلى سوريا، ومن غير المعقول مقارنة روسيا بالاتحاد السوفيتي سابقا.
من المفارقات أن التدخل الروسي في سوريا قدم خدمة هامة ودعما سياسيا للتحالف العربي، فمن برر استدعاء “بشار”، غير الشرعي، تدخلا أجنبياً بحتاً لمساعدته في قتل شعبه لا يمكن أن ينتقد دعوة الرئيس اليمني “هادي”، المعترف بشرعيته عالمياً، لدول الجوار الخليجي والعربي لإنقاذ اليمن من مشروع فارسي لا يستهدف، فقط وبالتأكيد، هذا البلد الواقع في منطقة هامة تؤثر في السلم الإقليمي والعالمي.
لم يفعل بشارون غير أنه وضع محور المقاومة في موقف بايخ باستدعاء الروس وإيران وحزب الله رسميا .. وأسقط أكبر ذريعة لمهاجمة التحالف العربي الذي يؤسس لفعل عربي مبادر لأول مرة.
ليس ما يحدث في سوريا متعلق بمؤامرة دولية ولا “سايكس بيكو” جديدة، ما يحدث متعلق بنظم الاستبداد وانسداد الأفق السياسي الذي يجعل بلداننا العربية مسرحا ملائما لألف لاعب ولاعب، تحت مبررات نظريات المؤامرة والحرب الكونية.
نظريات المؤامرة تقدم الغرب كعباقرة ما يخططون له يتم تنفيذه بالمسطرة، حتى تحولت هذه النظريات إلى مسلمات لا يمكن مناقشتها أو مواجهتها وأقدار واجبة التنفيذ، وهذا غير صحيح بالمرة؛ فأمريكا عجزت عن أحداث أي تغيير على مدى عقود طويلة في كوبا مثلا وفي امريكا اللاتينية بشكل عام.
نظرية المؤامرة لا تنجح إلا في منطقتنا نحن، لأن لدينا شعورا متعاظما بأننا صغار جدا، وأننا أضعف من أن نواجه رغبات الغرب .. لدينا استعداد هائل على اختراع النظرية وتطبيقها على أنفسنا باستسلام كامل!
الاستبداد السياسي وانسداد الأفق لدى كثير من الدول العربية سمح بالتدخل العسكري وغير العسكري وسمح أيضا بتطور حركات العنف السياسي، وللتذكير فحركات العنف الديني والعرقي تنتشر في كثير من مناطق العالم، لكنها لم تنجح في تكوين تحركات مسلحة ولم تستطع قوى الاستعمار توظيفها، فأوروبا وأمريكا وآسيا تمتلئ بتلك الحركات والنزاعات، الفرق أن لدينا الاستعداد الموضوعي للتحول إلى العنف كنتيجة منطقية لممارسات الإقصاء والافقار، لا يمكن أن تنجح نظريات المؤامرة في مجتمعات مستقرة ومتماسكة، وفرص تعاظم حركات العنف الديني تزيد في بيئة الفقر والقهر.