نواجه قوى ليست خفية، ومخطط سياسي واقتصادي وثقافي في هدم الدولة الوطنية، وتفكيك مفهومها في الثقافة الاجتماعية، لتنتزع من أحلام وطموحات الناس. اليمن، الجزء الأصيل في عالمنا العربي. هذا العالم الذي يواجه تحديات جسيمة في معركة الدولة الوطنية، منذ سقوط الامبراطورية العثمانية وحلّ نظام الخلافة، تلاه رحيل الاستعمار من على كاهل الأمة، وسقوط عدد من الأنظمة الإمامية والاسرية، وإعلان الجمهوريات بدولة وطنية ومشروع عربي.
الدولة الوطنية هي الكفيلة في وحدة الامة وقوتها ونهضتها، وهي الكفيلة في دمج الطوائف والسلالات والقوميات في إطارها والضامنة لحقوقهم بضامنتها للمواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية، والوحدة العربية، ما جعلها هدفاً لأعداء الامة.
اليوم، نواجه قوى ليست خفية، ومخطط سياسي واقتصادي وثقافي في هدم الدولة الوطنية، وتفكيك مفهومها في الثقافة الاجتماعية، لتنتزع من أحلام وطموحات الناس.
بعد أكثر من نصف قرن من الثورات التحررية، اصيبت الدولة الوطنية بهشاشة المنظومة، تطلبت ثورة فكان الربيع العربي، ثورة تهدف لتقوية الدولة الوطنية، لكنها واجهت تحديات وبؤر الهشاشة، وبرزت للسطح اضطرابات ذات طابع طائفي مناطقي عصبوي، تراهن قواه على انهيار الدولة القائمة والنظام والقانون، بوهم بناء مشروعهم على أنقاض هذه الدولة الوطنية الضعيفة بمنظوماتها السياسية المفخخة ببور طائفية مناطقية تنفست الصعداء في الربيع العربي.
اليوم، نحن في معركة واضحة المعالم والاستراتيجيات بين مشروعين، مشروع الدولة الوطنية أو مشاريع صغيرة تريد أن تتأسس على أنقاض هذه الدولة.
مشاريع أطماع استعمارية، تفكك الدولة الوطنية، وتحكم السيطرة بواسطة وكلاء لأطماعها ومصالحها، السيطرة على الأنظمة السياسية أو جيش لا وطني.
الحروب هي الوسيلة المثلى لإخضاع الامم بعد انهاكها، وانهيار الروابط فيها وإحداث شروخ في بنيتها الوطنية والانسانية، ومن ثمّ إخضاعها للمشاورات، تحت دواعي انسانية وإغاثية، وفي باطنها أطماع ومصالح سياسية واقتصادية، والبحث عن وكيل لهذه الأطماع والمصالح، ودعمه بقوة.
ما هي الدولة التي يدعمها المجتمع الدولي في اليمن اليوم؟ لا يمكن أن نسميها دولة وطنية، وهو يتعامل مع الإحتقان الطائفي القائم اليوم بطريقة تطبيب الخواطر، ودعم هذا الاحتقان ليستمر، والحفاظ عليه كبؤرة صراع قائمة يمكن أن تنفجر من حين لآخر في وجه الدولة الوطنية الذي يحاول أن يوهم اناس بصناعتها.
تسعى بريطانيا وبمساعدة أمريكا وتجمعهم مصالح مشتركة، إلى الابقاء على حالة التوتر، وبؤر الصراع الطائفية والمناطقية مسلحة، ليبقى حال الانسان اليمني مقهوراً ومهووس بالبحث عن احتياجاته الأساسية في ظل واقع مهترئ تمزقه الصراعات، والخلافات السلبية طائفية مناطقية فئوية، وتنحره مجاميع متخلفة ومتعصبة وأفكار ظلامية بمختلف خلفياتها، لتجعل منه مخلوقاً ضعيفاً لا يكاد أن يحقق أمنه وغذاءه، فضلاً عن أن يفكر في النظام السياسي والدولة الوطنية الحلم، في وطن تتقاذفه أهواء ومصالح وأجندات القوى الدولية والاقليمية، ووكلائها المحليين، التي لا يمكن أن تسمح لدولة وطنية أن تسود، ونهضة أن تحدث تخرج البلد عن السيطرة والتحكم.
نحن أمام مشروعين، مشروع الدولة الوطنية الاتحادية، التي تتمثل بمخرجات الحوار الوطني وقواه الوطنية، وبين مشاريع صغيرة طائفية مناطقية تفكك الوحدة الوطنية وتدعم مشروع السيطرة والتحكم بالبلد عن بعد بمشاريع استعمارية، وأدوات استبدادية تصنع وكلاء لها، في تحدٍ أن نكون أو لا نكون، وإن شاء الله الله سنكون أمة عصية على هذه المشاريع.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.