وأنت في طريقك بأرض تعز تحس أنك ليس من أبنائها، وإن كنت من أبنائها قلبا وقالبا، تشعر أنك في دولة أخرى ينبغي عليك أن تدرك جيداً معنى الإقامة في البلدة التي أنت فيها.
تمشي في طريقك مطرقاً رأسك.. تضع يديك في جيبك لتعلن لمن يراك أن لا شيء تملكه سوى جسدك الذي ازداد هشاشة وخذلاناً بكل لحظة مضت عليك في الآونة الأخيرة من العمر.
تدور برأسك آلاف الأسئلة التي تتوقع أن نقدم إليك ـوأنت ماشٍ في طريقك- تحاول جاهداً أن تبحث عن إجابات لها في رأسك المشحون بالأسى والحزن، فلا شيء تتوقع وقتذاك غير المصائب والمحن، لا هم يدور برأسك غير صور الأطفال الذين تركتهم في البيت ينتظرون مجيئك، تلك الصور التي تفرش أمام عينيك واحدة بعد الأخرى متلاحقة كنبضات قلبك تماماً.
وأنت في طريقك بأرض تعز تحس أنك ليس من أبنائها، وإن كنت من أبنائها قلبا وقالبا، تشعر أنك في دولة أخرى ينبغي عليك أن تدرك جيداً معنى الإقامة في البلدة التي أنت فيها.
أسئلةٌ كثيرة توجه إليك تجعلك تحس أنك بين يدي منكر ونكير يصب عليك الغضب الجم إن لم تجب على بعض ما يسألون حتى وإن كانت الإجابة غير متوفرة لديك كأن يسألونك إلى من تنتمي ومع من أنت؟ بماذا يا ترى ستجيبهم وأنت قد أصبت بغثيان عظيم من السياسة السياسيين وأصبحت تكره الإنتماء لأي حزب من الأحزاب؟! ، تبادرهم بقولك إنك لا تنتمي لأحد وإنما أنت عامل يبحث عن قوته وقوت أبنائه فلا يصدقون، يأخذونك وتدلف إلى زنزانة لم يدعُ عدوُك يوما أن تراها وتعيش فيها..
عندها تقدم لهم المبررات حول مجيئك ومرورك بهذا المكان فتواجه منهم المصائب والمحن وكلٌ يسألك من جهته وتفتش حتى يأخذون ما معك من وريقات نقدية ويمنون عليك حتى تشعر أنهم هم الذين يقومون بتثبيت السماء كي لا تسقط عليك، وبعدها يخرجوك ملوماً مدحوراً تتخبط في الشوراع بحثاً عن المأوى، أو تأوي في زنزانة لا علم لك أين مكانها إلى أن يشاء الرحمن.
لقد وصل الضرر بالناس إلى أن يسلكوا طريقاً غير الطريق المعتادة للداخلين إلى المدينة والخارجين منها، ومع ذلك يصعب السفر كثيراً، فأنت عندما تريد الدخول إلى المدينة تحس أنك تسافر إلى محافظة أخرى بعيدة عن تعز؛ لأنك تتسلق الجبال الطوال وتمضي في الأودية سيراً على الأقدام حتى تصل إلى خط السير الذي يوصلك إلى المدينة بعد عناء لبعده عنها تمر بعدة مديريات مجاورة إليك فتصل بعد تذوق المر.
هكذا هي مدينة تعز، تعاني الحصار الذي لا يحسّ به أحدٌ غير المواطنين العزل، حصارٌ يخنق كل من يعيش فيها، كيف للعالم ألاَّ يرى هذا الحصار ما الذي يعميهم عن رؤيته؟ هل لأن أبناء تعز ما يزالون في صمود عظيم، وصبر جميل،
دمت يا تعز عزاً كاسمك… لن يغيرك حصارٌ أو قتل.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.