الشعب اليمني هو أكثر الشعوب تطلعا للسلام، منذ الأزل، ثورة فبراير الشبابية هي ثورة سلام ومحبة وتسامح، ثورة اندلعت لتزيح قوى الاستبداد والعنف وحروبها العبثية التي خيمت على الوطن، لتفرض واقع السلام الذي يعيد النظام حينها لجادة الصواب، ليحكم العقل والمنطق العلاقات، ويحتكم الجميع للنظام والقانون.
وسيظل هذا الشعب تواق للسلام، سلام ينصف ثورته المباركة وربيعه السلمي، وساحات النور التي انطلقت في كل المدن اليمنية التي تدعي للسلام، وما فرضته في طاولة الحوار الوطني هي دعوة الجميع لسلام دائم وتسامح وتعايش، هي تطلعات وآمال هذه الثورة المباركة، بمخرجات حوار وطني، حلم كان بعيد المنال، وصار قاب قوسين من التنفيذ، لمرحلة جديدة عنوانها التغيير للأفضل والسلام الدائم، الشعب فيها مصدر السلطات في عملية التحول الموعود لمستقبل منشود.
المؤسف أن القوى المتضررة من ربيع السلام اليمني، جعلت من الحوار الوطني فرصة لتعيد ترتيب اوراقها وتحالفاتها، وتعد العدة للانقلاب على الثورة وإرادتها الشعبية والسلام الدائم، لتفرض واقع الحرب والعنف.
انقلاب أشعل حرباً ضروساً “كارثية”، جعلت اليمن على حافة الانهيار السياسي والاقتصادي والانساني والقيمي، حرب وظفت الطائفية والمناطقية لتحدث شروخاً اجتماعية ووطنية وانسانية في الجسد اليمني، حتى جعلت منه وطن سقيم عليل تنخره كل الأمراض الاجتماعية والسياسية، فاقد للطبيب الماهر ليمده بوصفة علاج تشفيه وتعافيه، ليعم فيه السلام.
ولا يزال هذا الشعب يطلب السلام من قوى الحرب العبثية وأدواتها العنيفة يطلبه ضحايا رصاص بنادقهم وقاذفات راجماتهم وألغامهم المزروعة وصواريخهم، يطلبه اليتامى وثكالى الحرب، كل حزين على قتل قريب أو جار له، وكل من دمرت مدينته والمستشفى الذي يعالجه، والمدرسة التي يتعلم بها والمسجد الذي يتعبد به، كل محاصر ممنوع عنه الغذاء والدواء، كل جائع ومحروم من الراتب، ومصاب بالمجاعة والوباء وما أكثرهم في يمن ما بعد الانقلاب الذي داس على كرامة الانسان وومزق الأرض والهوية، وجعل البلد فاقد السيادة والإرادة، وساحة لحرب عبثية.
هكذا شعب يتطلع خيراً بمشاورات سلام توقف العنف المفرط، وتكبح جماح المليشيا التي تتمكن على الأرض لتفرض واقعها الآسي، ليستعيد الناس روح الأمل والتفاؤل بالحياة، ومسار التحول المنشود للتغيير نحو الأفضل لنكن امة كسائر الامم نواكب متغيرات العصر والنهضة.
لا معنى لمشاورات لا تفضي لسلام يوقف هذه الحرب، ويشرع لقوى العنف انقلابها على مخرجات حوار وطني شابه السلام والتوافق، سلام ينزع فتيل الأزمات للأبد، ويضع الحلول الناجعة لكل المشكلات، ويجمع شتات الامة ويلم صفوفها، ويستعيد الناس ثورتهم المباركة وتطلعاتهم بالدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة الانتقالية لترسيخ عدالة اجتماعية تفرض سلام حقيقي وتعايش وتسامح وتغيير حقيقي لواقع أفضل لحياة أجمل.
هذا هو السلام المنشود الذي يعيد التسوية ومسار التحول والتوافق على دولة ضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، وينزع السلاح من كل المليشيات ليرسخ كيان الدولة ومؤسساتها، ليكون السلاح بيد جيش وأمن وطني ولاؤه لله ثم الوطن، يحمي الحقوق العامة والخاصة والعقد الاجتماعي، ويحتكم للدستور والقوانين المتفق عليها شعبياً، والله الموفق لسلام دائم وعادل.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.