المؤرخ اليمني جعفر السقاف.. مائة عام من الغوص في الأنساب والمخطوطات
حياة عاشها مليئة بالحراك والنشاط العلمي والثقافي، عشق خلالها عالم المخطوطات واشتهر واهتم بالأنساب، وعايش فيها أربعة عهود سياسية في بلاده.
يمن مونيتور/الأناضول
“أعيش أسعد لحظات حياتي”.. بهذه الكلمات عبر الوثائقي والمؤرخ اليمني، جعفر السقاف، عن شعوره وهو يحتفل بالذكرى المئوية (100 عام) لميلاده.
حياة عاشها مليئة بالحراك والنشاط العلمي والثقافي، عشق خلالها عالم المخطوطات واشتهر واهتم بالأنساب، وعايش فيها أربعة عهود سياسية في بلاده.
ولد السقاف، في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، شرقي اليمن، عام 1918، وتلقى تعليمه في مدارس وزوايا ومعاهد عليا أهلية، تخرج فيها بدرجة تعادل ماجستير.
**مغرم بالمخطوطات ومهتم بالأنسابذ
ويقول السقاف، الذي زارته “الأناضول” في منزله بحي الحوطة بمدينة سيئون، “أنا مغرم بالمخطوطات، لأن والدي يكتب المخطوطات، وعندي النسخة الوحيدة في العالم من كتاب مخطوط (المطرفية)، ويتحدث عن الأشياء عندما تتحول، مثلا الخمر عندما يتحول إلى خل والعكس”.
وذكر أن تلك المخطوطة “موضوع فلسفي خطير، وأريد مؤسسة عالمية لأقدم هذا الموضوع للدراسة”.
يمتلك المؤرخ السقاف، مكتبة تحتوي على 20 ألف كتاب في شتى المجالات العملية وبلغات متعددة، وفيها يعرض مؤلفاته البالغ عددها 20 كتابا.
برز واشتهر السقاف، باهتمامه بعلم الأنساب، الذي لديه فيه مكتبة خاصة، وكتب فيه ثلاثة مؤلفات، عن أنساب العالم واليمن بشكل عام وحضرموت والعلويين بشكل خاص.
**زيارة كل البلدان العربية
سافر وزار “السقاف”، جميع البلدان العربية بعضها أكثر من مرة، إضافة إلى بريطانيا وفرنسا وتركيا وقبرص وماليزيا وإندونيسيا وإريتريا وإثيوبيا وغيرها.
وذكر أن زيارته لهذه البلدان كانت عملية، ألقى خلالها ندوات ومحاضرات، والتقى فيه رؤساء وملوك ومسؤولين وشخصيات علمية، يحتفظ بصور أرشيفية مع الكثير منهم.
يعد السقاف، نفسه شخصية “كلاسيكية” بسبب معايشته 4 عهود سياسية مختلفة في اليمن، تولى خلالها وظائف ومسؤوليات، واختلط بالعمل مع مسؤولين رحل غالبتهم وبقي هو على قيد الحياة.
ويتقن المؤرخ السقاف، اللغة الإنجليزية، وله كتابات صحفية في الثقافة والنقد والأدب والمخطوطات، نشرها في صحف محلية عريقة.
في مكتبة داخل منزله يقضي السقاف، أغلب وقته في القراءة والكتابة والاطلاع، وفيها يحتفظ بأدوات وأجهزة إعلامية عمرها قرابة مائة عام، من كاميرا وأجهزة عرض السينما، اقتناها منذ صغره من والده بجهد شخصي، ولازال حتى اللحظة يجيد تشغيلها.
كما عمل مراسلًا لعدد من وسائل الإعلام، ووثق بكاميرته العديد من الأحداث والفعاليات، ولديه أرشيف لمئات الصور لملوك وحكام قدماء ومشهورين وسياسيين.
ورغم بلوغه 100 عام، إلا أن السقاف يمارس حياته بشكل طبيعي ويتمتع بصحة جيدة، يلقي المحاضرات والندوات ويشارك في الملتقيات، وله برنامج يومي بإذاعة سيئون (حكومية)، بعنوان “جعفر يتذكر” يروي أوضاع حضرموت وحالها قبل 60 و80 سنة.
ويأمل “السقاف” أن تتحقق وعود حكومية له، بتوفير “أمين” (موظف) لمكتبته لتكون محطة لكل باحث ومثقف وقارئ. **جعفر وتركيا
زار السقاف، تركيا في فبراير/ شباط 2011م، في رحلة عملية ثقافية، طاف خلالها بعدد من المدن، والمواقع الأثرية.
ويبدي إعجابه بالنهضة العلمية والصناعية المتقدمة في تركيا، مرجعًا ذلك النجاح إلى اهتمامها بالعلم.
وعن مستقبل تركيا يقول “تركيا اليوم بين مفترق طريقين، هل ينتصر (الرئيس) رجب طيب (أردوغان) أم لا؟ هناك مناوئون له”.
ويرى أن نجاح أردوغان، في المرحلة القادمة يعتمد على مستشاريه المتخصصين.
وأوضح أن انعكاس النجاح التركي على العالم العربي والإسلامي يعتمد على علاقاتها بتلك الدول.
وقال “نحن تقريبا فقدنا الأمل بالدول العربية، لكن الدول الإسلامية، كتركيا وماليزيا وإندونيسيا وإيران وأفغانستان، لها مستقبل ولديها قوة، أملنا في هذه الدول ليعود للإسلام مجده”.
وتابع “أريد أن يعاد لتركيا مجدها القديم، أيام محمد الفاتح، وتكون الإمبراطورية الإسلامية العثمانية بتعاونها مع بقية الدول الإسلامية”.
**اليمن مستقبل مجهول
ينظر السقاف إلى بلاده، اليوم، بأنها ماضية نحو “المجهول”، لكنه عاد للقول إنه “لا يستطيع أن يقدم وجهة نظر في ذلك، لأن المؤرخين عندما يقدمون وجهة نظر سليمة، تكون على مقاييس، وهذه مختلفة اليوم، والكثير من السياسات تتم في السر”.
وعلى عكس ذلك يرى أن محافظته “حضرموت”، التي تمثل ثلث مساحة اليمن، لها مستقبل زاهر، مستعرضا تاريخها القديم والحضارات التي أقيمت على أرضها، موضحا أنها “نسيج خاص ثقافياَ وهوية اجتماعية خاصة”.
ويأسف المؤرخ لتعثر تنفيذ مواعيد مؤتمرات في الكثير من المؤسسات العلمية الخارجية، بسبب الأزمة التي تمر به اليمن وغيرها من الدول العربية.
وقدم، في ختام حديثه، نصيحة للشباب العربي، بالاهتمام بالعلوم التطبيقية والصناعية والطبية والتقليل من العلوم الصوفية والدينية، مؤكدا أن القوة في العلوم التطبيقية.
وختم حديثه “اليوم بلغت من العمر 100 عام، أريد أن أعبد ربي أكثر من اتجاهي للمخطوطات، التي سأكلف تلاميذي بها”. –