كتابات خاصة

جرائم العنصرية

أحمد ناصر حميدان

 قضايا القتل والتعزير والسجن والتعذيب والتقطع، والنقاط في مداخل عدن، يتهم فيها مكون سياسي يعبر عنها في توجهاته وخطابه وأفعاله وقراراته قتل فتحي العريقي، وهو عامل في إحدى الشركات المملوكة لمواطن من شمال الوطن في الشيخ عثمان بعدن، من قبل عصابة تبتز التجار الشماليين باسم المقاومة الجنوبية، دون أن يوجد رادع وطني غيور على سمعة وكرامة هذه المقاومة، أو الجنوب وعدالة قضيته، التي لا علاقة لها بما يحدث من بلطجة، وكراهية وعنصرية مقيته.
لم يكن العريقي الضحية الاولى، فصحيفة الاتهام مليئة بالقضايا، قضايا القتل والتعزير والسجن والتعذيب والتقطع، والنقاط في مداخل عدن، يتهم فيها مكون سياسي يعبر عنها في توجهاته وخطابه وأفعاله وقراراته، مكون جعل نفسه خصم ليس للشمال فقط بل لشريحة كبيرة من الجنوبين المناهضين لثقافة الكراهية والعنصرية والمناطقية.
ومع اللامبالاة وتواطئ الاجهزة المعنية بتنفيذ النظام والقانون، والمليشيات التي تنفذ أهداف ونوايا ذلك المكون، والصمت المعيب من المجتمع والنخب المثقفة والواعية بخطورة هذه الثقافة، لن يكون الضحية الاخيرة.
هي ثلة مريضة بعقلية لا تزال تعيش في مقابر وأطلال وكوارث الماضي اللعين، ومنها كارثة  حرب 94م التي دمرت الجنوب، ويراد لها أن تستمر في عملية التدمير الذاتي بثقافة الكراهية ودائرة الانتقام.
لماذا يراد لـ94م أن تكون شمالية جنوبية، وهي كارثة نفوذ النظام السابق، من عسكر ومشائخ ورجال دين افتوا بالكارثة؛ وموظفون فاسدون تفوقت فيهم الأنانية على الانسانية، والعصبية على الوطنية، نفوذ موزع بعناية السيطرة والسطوة على الخارطة السياسية لليمن جنوبًا وشمالًا، بدعم سياسي ولوجستي من عدد من السياسيين والمثقفين والصحفيين والأكاديميين الداعمين للنظام فيهم جنوبين، منفذين سياسة فرق تسد الاستعمارية، لتبرئة المتهم الحقيقي، وتوزيع دم الضحايا على شطر من الوطن بتعميم قذر، بقذارة النوايا والدسائس والفتن التي مزقت أواصر وطن، وشتتت صف القوى الوطنية والامة، وقتلت في البعض الضمير والانسانية، وزرعت فيهم روح الانتقام كوحوش كاسرة.
وحوش بثقافة لإفساد المجتمع، باستهداف الوعي والعقل لترسيخ الجهل، وتعميق السلبية وحقن المجتمع بالأمراض الفتاكة، لتدفع به لنزعات المشاعر، وفقدان كوابح العقل والمنطق، فيدمر ذاتيا في تنوعه وأدوات تنميته السياسية، لإتاحة المجال للطائفية والمناطقية والجهوية لتستشري، لتكتسي الحياة بلون الدم والدموع ليعم السواد وينتشر الظلام.
ربع قرن كافية لتنهض امة، وتنفض من على كاهلها غبار الحروب والصراعات السلبية، كافية لتجاوز الكارث برؤى عقلانية، وفحص دقيق ومتبصر للحقيقة وجذور المشكلة، وإنتاج الحلول الناجعة.
واقع اليوم في الجنوب هو انعكاس طبيعي لهذه الثقافة والعقلية التي تتبناها، صارت اليوم مشكلة حقيقية تواجهنا على الواقع، في ارتهانها للخارج، كأدوات بيد الطامعين والمخربين. أدوات تدفع للتفريط بالسيادة والارادة، وخذلان الشعب في حقة بالحرية والاستقلال والدولة الضامنة للمواطنة والعدالة.
عقلية تقف كعائق لعملية التحرير، وترسيخ مؤسسات الدولة، والتوافق وتوحيد الجهود، ولملمت شتات الامة، ودعم مشروعها الوطني ومخرجات الحوار التي تلبي تطلعات وآمال الشريحة الأكبر من الجماهير.
إنه لأمر معيب، معيب في الخوف الذي يسري في المتخاذلين والصامتين عن ما يدور من جرائم يندى لها الجبين، بجريمة واضحة المعالم والخيوط، من التحريض والحشد والدعم والتنفيذ، وفي نهاية المطاف تدون ضد مجهول، كجرائم الاغتيالات والارهاب الفكري والروحي، جرائم العنصرية والكراهية، جرائم السجون السرية والنفي والمنع من العودة للوطن، والمجرم يسرح ويمرح ولا يزال يمارس هوايته بأريحية ودعم وتواطئ “سلطة الأمر الواقع”.
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى