أخبار محليةتقاريرغير مصنف

عدن.. مدينة الحرب والسلام

 إن كان من وصف تستحقه المدن الخارجة من الحرب هو وصف المدن المتوجسة. وعدن هنا ليست استثناء، فالمدينة التي طالما كانت مطمئنة وأليفة للمقيم والغريب على السواء، هي لم تعد كذلك بعد الحرب الأخيرة. 

يمن مونتيور/ عدن/ من عبدالله دوبله
 إن كان من وصف تستحقه المدن الخارجة من الحرب هو وصف المدن المتوجسة. وعدن هنا ليست استثناء، فالمدينة التي طالما كانت مطمئنة وأليفة للمقيم والغريب على السواء، هي لم تعد كذلك بعد الحرب الأخيرة. 
فالتوجس هو ما يمكن أن يلخص الوصف العام للحال في عدن الآن، فحيث تمرُّ لا ترى إلا التوجس، على الوجوه في الشارع، في مركبات النقل العامة، في الأسواق، وعلى المفارز الأمنية الشعبية على الطرقات، الكل يتوجس والكل يبحث عن إجابة للسؤال، ما التالي؟  ولا جواب حتى الآن، فيما يتقاسم المقاتلون الشعبيون النفوذ على الأرض، وهم مجاميع من تيارات عدة تشاركوا معاً الحرب ضد قوات الحوثي و”عفاش”.
ثمة من يرى أن هذا الوضع هو مقدمة لحرب داخلية بين هذه التيارات، إلا أنني لا أرى الحالة التي تمر بها المدينة الآن إلا مرحلة طبيعية لما بعد الحرب تحتاج لأن تأخذ مداها الزمني قبل أن تذهب. 
فما لمسته أيضاً أن العدنيين يبدون حرصاً استثنائياً على الأمن في مدينتهم، و على الرغم من غياب الأجهزة الأمنية الرسمية، ما تزال عدن مدينة آمنة حتى الآن.
 فالفتى ابن العشرين عاماً والذي تحولت قصته في الحرب الأخيرة إلى مجرد قصة للسمر مع الأصدقاء، بدا وكأنه قد غادر المعركة منذ عشرين عاماً وليس للتو، وهو يحدثهم عنها وكأنها مجرد قصص للطرافة والتشويق. كقصة انهم كانوا ينادون على بعضهم قبل الهجوم على مواقع الحوثيين كاشفين عن مواقعهم للعدو، أو قصة الشاب أبو سروال “طيحني” الذي قال أحد المتدينين انه ميّع الجهاد حين وجده يقاتل إلى جانبه، يتذكرون تلك الحكايات وينفجرون في الضحك.
كانت هذه المجموعة أيضاً من الشباب صغار السن، التي تلصصت على حكاياتها حيث يخرج الناس في عدن للسمر على الطرقات حين تنطفئ الكهرباء، فخورة بأن شباب سراويل الجينز قد أثبتوا إنهم مقاتلين أشداء لأجل مدينتهم، وأن مدينتهم ما تزال آمنة عكس التوقعات بأن تغرق في الفوضى بعد التحرير، فالحفاظ على الأمن هو هاجس الجميع هنا في عدن، وهو أكثر ما تلمسه في حديث الناس.
فالمدينة التي عرفت الحرب أكثر من كل المدن اليمنية، يبدو أنها تعرف أكثر كيف تخرج منها و تعرف أكثر ماذا يعني السلام.. أكاد أحس بعدن وهي تقول لي: لا قلق!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى