اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

(تحقيق حصري) “الغاز المنزلي”.. سلطة نفوذ وثراء قادة الحوثيين في صنعاء

مراكز مالية جديدة يديرها الحوثيون  يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص:
تنفرد العاصمة اليمنية صنعاء – الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي – بانعدام كامل لمادة الغاز المنزلي باستثناء الأحياء التي تدين بالولاء الكامل للجماعة التي يتم صرف مادة الغاز بشكل منتظم عبر كروت بدون أي عوائق تواجه أنصار الجماعة مع انعدام المادة الحيوية عن عشرات الحارات لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، ومع ذلك يتم بيعها بأسعار مضاعفة لسعرها الرسمي. فلماذا يحدث ذلك؟! 
تبلغ قيمة الأسطوانة بقيمة (20 لتر) بين 3500و4000 ريال للمواطنين عبر الكروت التي يقدمها مسؤولون تابعون لجماعة الحوثي، فيما تبلغ قيمة الأسطوانة في السوق السوداء 10 آلاف ريال؛ في محافظة مأرب المجاورة والخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية تبلغ قيمة الأسطوانة 1200 ريال يمني فقط. (قيمة الدولار=750 ريالاً)
وفي الثالث من مارس/ آذار الماضي قررت جماعة الحوثي في اجتماع لمسؤولي النفط والمالية بصنعاء بحث الأزمة، عبر فتح باب الاستيراد لتوفير الكميات المطلوبة على نحو عاجل، ولما فيه زيادة حجم المعروض من هذه المادة، وكسر الاحتكار القائم.
ويدير الحوثيون المسيطرون على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى منذ 21 سبتمبر/أيلول2014، الاقتصاد اليمني من خلال كيانات ومؤسّسات موازية، بعدما ألغوا أدوار المؤسسات الرسمية وهمّشوها، فاتحين أبواب الثراء لقادة الجماعة ومسؤوليهم ومشرفيهم، في الوزارات والأجهزة الحكومية.
وأنشأت الجماعة رؤوس أموال جديدة، حيث بدأ قادة في الجماعة بإنشاء شركات استيراد للغاز وبيعه في السوق السوداء. قبل استيراد الغاز، كان الحوثيون قد بدأوا بفتح استيراد المشتقات النفطية من الخارج بعد أن أوقفت الجماعة احتكار شركة النفط اليمنية (حكومية خاضعة لسيطرتها) لاستيراد وبيع المشتقات النفطية.
علاوة على رؤوس الأموال الجديدة بما يقابلها من ثراء قادة معينين من جماعة الحوثي، فإن هناك رؤوس أموال أصغر منها ضمن العملية الحوثية للحصول على أموال، تشمل صغار التجار، بمعنى آخر فإن الجماعة تسيطر الآن على التراتبية الهرمية من كبار التجار المستوردين للمشتقات النفطية وحتى صغار التجار الذين يبيعون في السوق السوداء. وحتى “عُقال الأحياء السكنية” من الجماعة يحصدون نفوذاً مضاعفاً، كما أن الحوثيين يربطون توزيع هذه المواد الأساسية بمدى ولاء العائلات والمنازل للجماعة وإن كان أحد أفرادها يقاتل ضمن جماعة الحوثي.
 
ثراء فاحش
يحتاج سكان العاصمة إلى 50 ألف أسطوانة غاز أسبوعيا على الأقل حسب مسؤول مطلع في حكومة الحوثيين تحدث لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويته. تكسب الجماعة وقادتها من وراء الأسطوانة الواحدة  2000 ريال على الأقل كفارق سعر، إذا لم تُباع في السوق السوداء وتمت العملية عبر الكروت. ما يعني 100 مليون أسبوعياً، في الشهر الواحد قرابة نصف مليار ريال وبحلول نهاية العام سيكون لدى هؤلاء القادة أكثر من 6 مليار ريال يمني، فارق سعر فقط لبيع الأسطوانات، بطريقة الكروت من العاصمة صنعاء وحدها.
يسيطر الحوثيون على معظم المحافظات الشمالية التي يعيش فيها أكثر من 75% من سكان البلاد. وفي صنعاء وحدها يعيش قرابة 4 ملايين نسمة.
حولت الجماعة الحصول على “الغاز المنزلي” إلى ميزة لأي من السكان، فتتعامل حتى مع البيع بطريقة عنصرية فتبيع للمقربين وتستثني المعارضين.
 
اهتمام بأحياء دون غيرها
يقول سكان تحدث لهم “يمن مونيتور” إن الجماعة تهتم بتوزيع “كروت الغاز” على الأحياء والمنازل الموالية لها بدرجة رئيسية واهتمام مضاعف ثمَّ يأتي دور المنازل الأخرى الذين لا يقاتل أحد أفرادهم في صفوفها، ما يتسبب بمجاعة محتملة وحالة من البؤس لمعظم سكان العاصمة غير القادرين على شراء أسطوانة الغاز من السوق السوداء.
ويقول محمد مزقر، مواطن يسكن في حارة القدس: منذ ثلاثة أشهر لم يدخل منزلي أسطوانة غاز واحدة سمعنا قبل شهر عن توزيع اسطوانات الغاز عبر عقال الحارات إلا أن كثير من الحارات ليست ضمن البرنامج المعد من قبل شركة الغاز – الواقعة تحت سيطرة الحوثيين – ويجري الاهتمام بعدد من الحارات والمناطق دون غيرها.
وأضاف في حديثه لـ”يمن مونيتور”: قضيت أصعب أيام حياتي الحالية وأنا أذهب إلى المطاعم كي أشرتي مرق – حساء اللحوم – واخلطه مع قليل من الخبز الذي وصل سعر الرغيف الواحد إلى 30 ريال يكفي للقمه واحدة كي أطعم عائلتي المكونة من سبعة أشخاص.
من جانبه يقول خالد حاشد، مواطن في حارة الفتح لـ”يمن مونيتور”: الآن يتم تكوين نفوذ جديد وقوة مالية وابتزاز وارتزاق وتجارة عبر نظام تحويل بيع أسطوانات الغاز المنزلي إلى عقال الحارات الموالين لجماعة الحوثي ومن يقومون بأعمال تجسسية لصالح جماعة الحوثي المسلحة.
يلفت حاشد إلى نقطة أخرى متعلقة ببيع هذه الأسطوانات، حيث أن تعبئتها لا يتجاوز (15 لتر) مع أن المفترض بين 20 إلى 26 لتر للأسطوانة الواحدة.
ويقوم الحوثيون بتقسيم الأحياء في العاصمة إلى أربعة أقسام بحيث يحصل كل قسم على مرة واحدة في الشهر لبيع أسطوانات الغاز عبر عُقال الحارات، وخلال الشهر يقوم عُقال الحارات بتجميع الأسطوانات من المواطنين، ثم يتم تعبئتها وإعادتها إلى المواطنين من جديد.
وكشفت مصادر سكانية في صنعاء لـ”يمن مونيتور”، عن قيام بعض عقال الحارات في ظل انعدام مادة الغاز المنزلي من السوق المحلية، ببيع حصتهم المقدرة لكل واحد بنحو 500 إلى 400 أسطوانة غاز منزلي في السوق السوداء، فيما تقوم بتوزع باقي الحصة على سكان الحي”.
وقال عاقل حارة في صنعاء لـ”يمن مونيتور” شريطة عدم الكشف عن وهويته، إن الحوثيين اشترطوا تسجيل 10 مقاتلين كل شهر، للقتال في الحديدة مقابل الحصول على حصة الحي من الغاز.
وحاول “يمن مونيتور” الوصول إلى الحوثيين للحصول على تعليق لكن اثنين من المكتب السياسي رفضوا الحديث عن الموضوع. وقال أحدهم إن “الموضوع خارج اختصاصهم وليس لهم معرفة كاملة بما يدور حوله”.
 
الحق الحصري للغاز
بعد أن تمكنت جماعة الحوثي من تدمير القطاع التجاري وإيقاف عشرات التجار من ملاك أساطيل قاطرات الغاز السائل (LBG) بعد الزج بهم في السجون رفض الحوثيون السماح بإدخال مقطوراتهم إلى صنعاء ما تسبب بنتائج كارثية على القطاع.
ويقول أحمد معياض وهو موظف حكومي في صنعاء إن: انتشار محطات بيع الغاز كان توفر لنا جزء من الأمان حيث كنت أقوم بتعبئة أسطوانة الغاز خمسة لتر أو أربعة لتر حسب استطاعتي أما الآن لا أستطيع الحصول عليها إلا في السوق السوداء بعشرة ألف ريال أو ثمانية ألف ريال وغير مضمونة.
وأضاف: بعد توقف جميع محطات بيع الغاز عن العمل سبب لنا إرهاق كبير في إمكانية الحصول على اسطوانة غاز، حيث أن عقال الحارات لا يعترفون بنا على أننا مواطنين نتبع نطاق حاراتهم وعندما نذهب للتسجيل يردون بأن الكشوفات مكتملة ولا يوجد أي فراغ لإضافة أسماء.
يوافقه أحمد مرشد، أحد السكان ويدعى عندما كانت الطرمبات “محطات الغاز” تعمل كان المواطن يتمكن من تعبئة مادة الغاز بحسب إمكانياته فمنهم من يقوم بتعبئة 5 لتر ومنهم 10 لتر”.
وأضاف في تصريح لـ”يمن مونيتور” أما الآن فتعد عبارة عن رحلة حقيقية للبحث عن مادة الغاز عبر عُقال الحارات المشكوك في عملية تعبئتها بشكل كامل وخلال فترات طويلة كي تصل إلينا”.
وقال يحي صالح سائق حافلة في صنعاء تعمل بالغاز لـ”يمن مونيتور”: إنه لم يعمل منذ ثلاثة أشهر وحافلته في المنزل، إلا في مرات نادرة كان يتمكن من الحصول على أسطوانة غاز من الجيران يتم بيعها له بالسعر الرسمي لأنها تقوم بتهريب الغاز من المفتاح ولا يمكن الطباخة بها.
ولم يتسلم الموظفون الحكوميون رواتبهم منذ أغسطس/آب2016م وحتى اليوم، ومعظمهم يعيشون في صنعاء؛ ما يعني أن الأزمة الإنسانية ستبلغ ذروتها في المستقبل القريب، فعلاوة على ارتفاع قيمة المشتقات النفطية والغاز المنزلي وصلت أسعار الغذاء إلى مستويات قياسية.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى