الدور العُماني في اليمن.. إمكانية إعادة مؤسسات الدولة وحماية أمن المنطقة (تحليل خاص)
على الرغم من أن العمانيين يعيشون على هامش اضطرابات الشرق الأوسط، إلا أنهم عندما يتعلق الأمن بأمن السلطنة فإنهم يأخذون الأمر على محمل الجد يمن مونيتور/ صنعاء/ تحليل خاص
أظهرت سلطنة عمان مرونة وذكاء في التعامل مع الحرب في اليمن، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تشارك ضمن عمليات التحالف الذي تقوده السعودية ضد المسلحين الحوثيين؛ فعلى الرغم من كونها تعترف بالحكومة الشرعية إلا أنها تملك علاقة جيدة ببقية الأطراف الأخرى التي تحاربها.
على الرغم من أن العمانيين يعيشون على هامش اضطرابات الشرق الأوسط، إلا أنهم عندما يتعلق الأمن بأمن السلطنة فإنهم يأخذون الأمر على محمل الجد، ونتيجة ذلك ظلت السلطنة خالية من الاضطرابات العنيفة منذ أن خرجت من “ثورة ظفار” في عام 1976.
لذلك عندما سيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر/أيلول2014، وإعلان السعودية عمليات عاصفة الحزم في مارس/ آذار 2015 قدمت نفسها كوسيط وساعدت في إجلاء السفارات والرعايا الغربيين من اليمن، بمن فيهم موظفو السفارة الأمريكية في صنعاء.
في سبتمبر/ أيلول2015 نجحت السلطنة، الجارة الشرقية للسمن، في عقد صفقة كبيرة للإفراج عن ثلاثة أمريكيين وسعوديين اثنين احتجزهما الحوثيون في مناطق سيطرتهم، ومنذ ذلك الحين توالت الأخبار العُمانية التي تشير للإفراج عن آخرين من جنسيات مختلفة،.
وفي الشهر الحالي تمكنت السلطنة من قيادة وساطة للإفراج عن بحار فرنسي ظل طريقه في البحر حتى وصل إلى الشواطئ اليمنية حيث يسيطر الحوثيون وتم احتجازه كرهينة.
أما فيما يتعلق بالداخل، فقد تمكنت سلطنة عُمان، في وقت سابق هذا الشهر، من الإفراج عن أبناء الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح الذين اعتقلهما الحوثيون في صنعاء عقب قَتل والدهم أوائل ديسمبر/ كانون أول 2017.
واليوم الخميس، أعلنت السلطنة نجاح وساطة مكنت وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي المعتقل لدى الحوثيين من الاتصال بعائلته في تأكيد أنه ما يزال على قيّد الحياة.
وانقطعت أخبار الصبيحي منذ مارس/ آذار 2015 إلى جانب القائد العسكري فيصل رجب، بعد أن اعتقلهم الحوثيون خلال معارك في لحج جنوبي البلاد. كما انقطعت أخبار السياسي اليمني البارز محمد قحطان الذي اختطف من منزله في الفترة ذاتها.
القادة الثلاثة طالب مجلس الأمن أكثر من مرة بالكشف عن مصيرهم، وفشل مبعوث الأمم المتحدة السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد والحالي مارتن غريفيث في الوصول إلى أخبار عنهم، ما يفتح مجالاً أوسع لمشاركة عُمانية في عملية السلام باليمن.
وفي الحقيقة، أن مسقط احتضنت مشاورات خلفية منذ اندلاع الحرب يشارك فيها سفراء أوروبيون وحوثيون وموالون للحكومة الشرعية في فترات متقطعة منذ مارس/ آذار2015.
ويعاني المبعوث “غريفيث” من ملف “بناء الثقة بين الأطراف اليمنية”، أو أنها حالة من فقدان الثقة الحكومية بجماعة الحوثي المسلحة، وهذا له تاريخ طويل من الاتفاقات المُنتهكة. تقوم عُمان بإعادة بناء الثقة هذه، ويشمل الملف الذي يحمله “غريفيث”: الإفراج عن الأسرى والمعتقلين، والبنك المركزي المنقسم وتسليم مرتبات الموظفين.
سلطنة عمان هي الدولة الوحيدة التي استمرت في حالة الحياد منذ 2015م، فلا يمكن أن تكون بريطانيا أو فرنسا أو حتى روسيا التي توترت علاقتها بالحوثيين عقب مقتل الرئيس السابق. ومع اعترافها بالشرعية إلا أنها تسمح ببقاء قادة الحوثيين وقادة حزب “صالح” -المؤتمر الشعبي العام- على أراضيها والقيام بمحادثات مع سفراء الدول، أو التحرك منها والعودة إليها، وهي الدولة الوحيدة التي تسمح لليمنيين بالمرور عبر أراضيها للسفر خارج البلاد والمغادرة إلى دول أخرى، وتقوم مستشفيات السلطنة بالقيام بعلاج جرحى الحرب من الطرفين واستخدام مستشفياتها كتحضير حتى الانتقال للعلاج في دول أخرى.
هذه التحرك الإيجابي في الملف اليمني يجعل من السلطنة قادرة على حلحلة الملفات العالقة في اليمن ومساعدة الجهود الأممية؛ هذا إذا كان الحوثيون والحكومة اليمنية والتحالف العربي يرغبون في الإسراع من أجل التوصل إلى حل ينهي الأزمة.
بعد إعلان السعودية قيادة تحالف لإعادة الشرعية في مارس/ آذار 2015 قدمت مبادرة في الشهر التالي (ابريل/ نيسان2015) من سبعة بنود رئيسية وبعد قرابة أربع سنوات تعقدت الحرب وعادت الأطراف إلى الحديث عن حلول تشبه الرؤية العُمانية التي قدمتها والتي تشمل: انسحاب الحوثيين وقوات صالح من جميع المدن وإلزامهما بإعادة العتاد العسكري للجيش؛ عودة السلطة الشرعية إلى اليمن برئاسة عبدربه منصور هادي، المسارعة بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت؛ التوافق على حكومة جديدة تضم جميع أطياف الشعب اليمني وأحزابه؛ أن تتحول جماعة الحوثي إلى حزب سياسي يشارك في الحياة السياسية بطرق شرعية؛ عقد مؤتمر دولي للمانحين بهدف مساعدة الاقتصاد اليمني؛ تقديم اقتراح بإدخال اليمن ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي.