فكر وثقافة

شعراء عرب: شبكات التواصل وسيلة تحليق برغم كل المساوئ

الشاعر اليمني عبد الغني المخلافي يؤكد: “من خلال شبكات التواصل استطعت التواصل مع مبدعين من مختلف الأقطار العربية يمن مونيتور/ضفة ثالثة

ماذا يحدث فيما لو أفقنا يومًا على حياة بلا شبكات تواصل اجتماعي وبلا فيسبوك؟
أجاب شعراء عرب عن هذا السؤال لـ”ضفة ثالثة”. تتباين رؤية كل منهم، لكنها، في المجمل، تؤكد على إشراقة الإبداع في خضمّ تفاعلية لا نهاية لها، غير أن شعراء قالوا في سياق رؤية مغايرة إن حياةً بلا شبكات تواصل سيغمرها الشعر أو ستعيدنا إلى ذواتنا على الأقل.
عالم عجيب
عن تفاعلية الإبداع على شبكات التواصل تعتقد الشاعرة التونسية سونيا الفرجاني أن هذه الشبكات “ليست عالمًا افتراضيًا بقدر ما هي عالم فضفاض واسع حد العجائبية، بحيث يجعل نصّك قابلًا للقراءة في نفس الثانية في كل أنحاء العالم”.
تقول الفرجاني: “إن العالم الآن خارطة مغايرة لما يتواجد على رقعة الجغرافيا، وأنا المختصة في التاريخ والجغرافيا أيقنت أن التوزيع الحقيقي لكتل القارات ليس حتمًا ما تعارف عليه العلماء بقدر ما تعارف عليه الناس الآن من تقزيم للمسافات وربما حتى نفيها. والكم الهائل من الكتابات التي تنتج على هذه الصفحات هو علامة صحية بامتياز”.
وتضيف: “ليس دورنا الآن أن نقوّم ما يكتب أو نقلل من شأنه. إن الكتابة بهذا الإسهال ليست بالضرورة حالة فوضى بقدر ما هي علامة صحية على حيوية اللغة والمعنى، وفي عالم الأدب والشعر. في النهاية الإبداع الأقوى سيمكث أكثر، والمتبقي هو سماد ضروري لنمو سليم لأشجار وارفة”.
وفيما لو أفقنا يومًا على حياة بلا شبكات تواصل اجتماعي وبلا فيسبوك، تقول سونيا: “ستكون حياة بالشعر. فالشعر هو فن الإنسان الأول والأخير”.
فيسبوك فضائي الأجمل
الشاعر اليمني عبد الغني المخلافي يؤكد: “من خلال شبكات التواصل استطعت التواصل مع مبدعين من مختلف الأقطار العربية، وصرنا قريبين إلى بعض وكأننا أسرة تسكن بيتًا واحدًا نتبادل الأفكار والآراء ونطلع أولًا بأول على نتاجنا الإبداعي”.
يضيف المخلافي: “لولاها لما وصلت إلى المتلقي العربي، ولما اختارتني مجلة نصوص من خارج اللغة ضمن سبعة وخمسين شاعرًا يمنيًا نشرت نصوصهم في ملف لقصيدة النثر اليمنية”.
ومتصورًا الحياة بلا شبكات تواصل اجتماعي، وهو الذي لديه حكاية مختلفة مع فيسبوك، يقول المخلافي: “قد تكون للبعض حياة جميلة ومريحة ومثرية، لكن بالنسبة لي لا أعتقد أبدًا، وإن كانت تستنزف من وقتي الكثير والكثير الذي يمكنني أن أستفيد منه في قراءة كتاب من الكتب المؤجلة لدي إلى أوقات الفراغ. حاولت مرارًا الهروب من هذا الفضاء (فيسبوك) ولو لبعض الوقت، لكن سرعان ما انتابني شعور وكأنني خارج الزمن، أو في وسط جدران من دون نوافذ”.
قد نكون أكثر فاعلية
الشاعر الأردني محمد زياد الترك له رؤية مغايرة بهذا الشأن: “لو لم تكن ثمة شبكة إنترنت ومنصات تواصل أين كنا نتشرّد، الآن، في تقديرك؟ ربّما كنّا أكثر فاعلية في أماكن عملنا، أو في حالتي على أقل تقدير شاب ضائع يبحث عن فرصة بائسة ليقول فيها لكل الناس: آسف. وينتحر بعدها بهدوء”.
من جهته يرى الشاعر والأكاديمي الليبي عبد الباسط أبو بكر محمد أن: “النص الشعري الحديث الآن اكتسب كثيرًا من التفاعل من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، من حيث حالات الكتابة اليومية، وكذلك حجم الأفكار المطروحة والمساجلات الفكرية التي تعطي النص الحديث حالته الصحية”.
مواقع انتهاك فكري!
لكن عبد الباسط ينوه إلى “حالة الانتهاك الفكري – إن صح التعبير- لمجموعة من النصوص والأفكار”. ويضيف مستدركًا: “لكن الفائدة من وراء طرح الأفكار والنقاش اللحظي حولها يمنح صاحب النص خلاصة جيدة حول الأفكار المغايرة لفكرته وبالتالي تمنح النص عمقًا مناسبًا”.
يعترف عبد الباسط: “نصوصي – بعد فيسبوك- أراها أكثر تطورًا مما قبله، وأراها الآن أكثر انفتاحًا وحداثة من خلال تواصلها المباشر مع المتلقي”. وبرأيه فإن “انعدام الفارق بين لحظة الكتابة والتواصل مع المتلقي، هو أهم إنجازات شبكات التواصل الاجتماعي، وهناك الكثير من التجارب التي حققت إنجازاتها عبر هذه الشبكات وكسرت حاجز المحلية بقوة ووصلت إلى المتلقي البعيد في لحظة”.
كما تحدث عن فيسبوك معتبرًا أنه “أصبح وطنًا افتراضيًا للمبدع، يحمله معه أينما حل، ومساحة هائلة للتجريب يحتاجها المبدع بشكلٍ مُلح”.
سُرّاق نصوص!
الشاعرة السورية ريتا الحكيم تشير إلى سلبيات الشبكات الاجتماعية، ومن أهمها “السرقات الأدبية”: “لا يمكننا إغفال ما يحدث من انتهاكات: سرقة النصوص بحذافيرها وما إلى هناك من أضرار تُحيق بكاتب النص الأصلي”. ونوّهت بأن “المطبوعات الورقية في مأمن من كل هذا، لكن الكلفة الباهظة للطباعة تدفع بالكثيرين إلى السوشيال ميديا لتعريف الناس بهم وبنتاجهم الأدبي. لكن علينا أن ننظر إلى النصف المليء من الكأس حتى لا نقع في فخ التجني على هذه الشبكات الاجتماعية، أي لا يمكننا تهميش دورها الإيجابي رغم كل ما ذكرته عن مساوئها”.
وإجمالًا تؤكد الحكيم أن “الشبكات الاجتماعية لها بالتأكيد دور إيجابي لمن يحسنون استخدامها”.
اختصار للزمان والمكان
الشاعرة اليمنية أميرة زيدان تجد في “العالم الافتراضي اختصارًا للزمان والمكان”. وتضيف: “كما أنه ساعدني على التعرف على منظومة الفكر الأدبي خاصة، والجمعي عامة، لكن تظل عملية التقنين وعدم الانغماس الزائد في هذه المنصات هي الأفضل، بعد التفريق بين جيدها ورديئها”.
وترى الشاعرة السورية أسماء كريدي أن شبكات التواصل الاجتماعي منحت الكُتّاب فرصة ذهبية لنشر نتاجاتهم، وهي الآن تقوم بالدور الأكبر في تفاعلية الاطلاع والتواصل الحاصلة اليوم. غير أن كريدي تشدد على أن الإبداع هو ما ينبغي أن “يبقى سيد الموقف”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى