قطر والإمارات في اليمن.. تطابق ألوان القطط البرية
تحليل التغطية الإعلامية للدولتين في اليمن يمن مونيتور/ صنعاء/ من عبدالملك الطيب
لا أغرب من مستوى الحرب بين قطر والإمارات إلا مستوى التطابق بينهما في الأهداف والمواقف السياسية وكثير من الأداء الإعلامي تجاه الشأن اليمني.
تخوض الدولتان صراعا داميا له ميادينه المتعددة ووقائعه، ويعكسه الخطاب السياسي للدولتين والأداء الإعلامي لشبكاتهما الإعلامية ووسائلهما الرسمية والأخرى التابعة لهما بشكل غير معلن، ولا يتوقف ضجيج الدولتين حتى إنه لا يترك مجالا أمام المتابع مجالا لرؤية التطابق بينهما في الشأن اليمني رغم أنه تطابق في الهدف الاستراتيجي والعنوان الكبير وليس في نقاط تفصيلية صغيرة.
تعمل قطر بما أوتيت من قوة للنكاية بالسعودية، من خلال تبني خيار وقف الحرب في اليمن والتوجه بدلا عن استمرار الخيار العسكري ضد جماعة الحوثيين إلى التسوية السياسية التي تضمن بقاء جماعة الحوثي كقوة منظمة ومسلحة في خاصرة السعودية.
الإمارات من جانبها تسعى لذات الهدف، إذ لا تخفي رفضها لاستمرار التحرير في اليمن، وتتبنى هدف الدخول في ذات التسوية السياسية. تبرر قطر موقفها وهدفها بأنه موقف مبني على رؤية سياسية تجاه مصلحة الشعب اليمني، وتخفي هدفها الحقيقي المتمثل بالنكاية بالسعودية، أما الامارات فتبرر موقفها بالخلاف مع حزب الإصلاح، فيما تخفي سعيها لتحقيق هدف الأمريكان في الإبقاء على الحوثي بخاصرة السعودية.
يختلف الطرفان في المبررات ويتفقان على الهدف النهائي الذي تعمل السعودية بكل ما أوتيت من قوة على دفعه.
تقوم قناة الجزيرة بتغطية كبيرة لما تسميه مجاعة في منطقة الأزارق بمحافظة الضالع، لتدين بذلك السعودية وحلفاءها في اليمن، وفي المقدمة الرئيس هادي وحكومته. بالتوازي، وفي ذات التوقيت: تقوم قناة أبو ظبي ووسائل الإعلام الإمارتية بتغطية مماثلة لما تسميه مجاعة في مودية وزنجبار بمحافظة أبين، والأهداف متعددة وفي المقدمة إدانة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته الذين تستند السعودية إليهم في شرعية تدخلها باليمن.
تتهم قطر بالوقوف خلف تيار باعوم الحراكي الذي لجأ مؤخرا إلى التصعيد في عدن والمكلا لذات الهدف المتمثل في إثبات عدم سيطرة الجنوب للشرعية، وبالتالي دعم الضغوطات الخارجية التي تمارس على السعودية لإيقاف الحرب والتوجه إلى طاولة التفاوض مع الحوثي. وحتى لو كانت قطر تنفي دعمها لهذا التيار فلا يمكن لأحد إنكار تلقي هذا التيار دعما متواصلا من إيران التي تسعى لتثبيت أقدامها في اليمن بجماعة الحوثي.
بالتوازي، تلعب الإمارات بتيار المجلس الانتقالي الذي حولته إلى حراكي، والذي يعمل لذات الهدف، ويقوم حاليا بالتصعيد في عدن من أجل ذات الهدف.
ربما لهذا السبب يتحاشى الانتقالي أي احتكاك بتيار باعوم، ذلك أن للاثنين هدفا واحدا وتصعيد كل منهما يخدم الآخر ويحقق هدفه الآني، والتطابق بينهما في الهدف والاختلاف في التفاصيل يعكس حال قطر والإمارات بأجلى صورة.
على ذات المنوال، تتهم قطر بالوقوف خلف التيار المنادي بسلطنة المهرة وسقطرى، وحتى لو نفت ذلك فلا يمكن لاحد ان ينفي تلقي هذا التيار دعما من عمان ومن خلفها إيران، ووجود إيران أبلغ من وجود قطر. هدف تصعيد هذا التيار في الوقت الحالي -أيا تكن وطنيته بالنسبة لهم- هو الإضرار بموقف الشرعية والمملكة في معركتهما ضد الانقلاب الحوثي.
وبالمقابل: الإمارات وبذات القدر من التطابق، تلعب بتيار “طارق صالح”. ما يزال هذا التيار قوة عسكرية في مستوى متواضع ويفتقر إلى قوة مدنية سياسية توفر له الغطاء السياسي وتمنحه لقب “تيار”، وعجزت الإمارات عن الحصول على هذه القوة المدنية في ظل توزع قيادات المؤتمر الشعبي العام بين الحوثي، والشرعية، وفريق ثالث في القاهرة ينتظرون تجاوز المنعطف ليقرروا الوجهة.
لعب الإمارات بهذا الطرف لا يختلف عن لعبها بالانتقالي، والغريب أن هذا الفريق الذي قتل الحوثيون والدهم الزعيم، واعتقل العديد من أهلهم، وبسط على ممتلكاتهم وبيوتهم، وشردهم، وأحرق مستقبلهم في ظل وجوده.. الغريب والأغرب على الإطلاق أنه يطالب بنفس مطلب المجلس الانتقالي، مطلب التسوية مع الحوثيين. بالطبع، تمليه الإمارات على الاثنين.
تتوافق الآلات الاعلامية الهائلة للبلدين النفطيين، وتتطابق الدولتان بمواقفهما السياسية وأهدافهما مثل تطابق ألوان القطط البرية، وإذا كان من الطبيعي أن تمثل قطر بالنسبة للسعودية خصما وعدوا، فإن غير الطبيعي هو أن تكون الإمارات على هذا القدر من التطابق مع قطر ثم تكون بالنسبة للسعودية حليفا وشريكا..!!