لماذا تعتبر اليمن مسرح حرب أساسي بالغ الأهمية للغربيين؟!.. صحيفة فرنسية تجيب
وكتب التحليل في النسخة الفرنسية من موقع الصحيفة “جان سيلفستر مونغرينير” الباحث في المعهد الفرنسي للسياسة الجغرافية
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشرت صحيفة هافنغتون بوست تحليلاً، عن حالة الطوارئ الإنسانية الدولية في اليمن وأسبابها مع اعتبار أن اليمن مسرح حرب أساسي بالغ الأهمية بالنسبة للغربيين.
وكتب التحليل في النسخة الفرنسية من موقع الصحيفة “جان سيلفستر مونغرينير” الباحث في المعهد الفرنسي للسياسة الجغرافية.
وقال التحليل، الذي ترجمه “يمن مونيتور”، إن الوضع في اليمن التي تناور فيها طهران مناورة جيو-سياسيَّة إلى جانب مكافحة الجهاديين والتي أصبحت أبرز قضايا ناقشتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ال73. وفي الواقع فإن مفاوضات جنيف، التي عُقدت في أوائل سبتمبر/أيلول قصيرة الأجل بعثت اليأس للمبعوث الأممي مارتن غريفيث بعد أن رفض الحوثيون الحضور إلى جنيف ما عزز من معركة الحديدة.
ولفت الكاتب إلى أن الرأي العام الدولي يشير إلى العواقب الإنسانية الخطيرة للصراع لكن تبقى الحقيقة أن هذه الحرب تحتوي أيضا على قضايا جيو-سياسية ذات أهمية كبيرة بالنسبة للغربيين.
حرب على جبهتين
بدأت الحرب الحالية في سبتمبر 2014، عندما استولت حركة الحوثيين، على صنعاء عاصمة اليمن، وأجبرت الحكومة الشرعية على اللجوء إلى السعودية. واغتنمت إيران الفرصة لفتح جبهة جديدة في جنوب شبه الجزيرة العربية، في الجزء الخلفي من الممالك السنية وقامت بزيادة مساعدتها للحوثيين الذين تلقوا أسلحة وصواريخ إيرانية الصنع. في آذار / مارس 2015، تدخل تحالف عربي بقيادة الرياض وأبوظبي لمواجهة الاستراتيجية الإيرانية الشيعية لزعزعة الاستقرار الإقليمي. تقوم القوات الجوية السعودية بقصف الهضبة الشمالية، التي يسيطر عليها الحوثيون، فيما تقوم القوات البرية لدولة الإمارات بدعم من الوحدات الميليشيات الموالية لها، بالعمل في الجنوب، على طول خليج عدن والمحيط الهندي.
وقال التحليل إن الحرب تم شنها على جبهتين: ضد الحوثيين، الذين يتم التلاعب بهم من قِبل طهران وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP)، الذي يستفيد من الفوضى في اليمن.
في البداية، قادت القوات الإماراتية ومجموعات مناهضة للحوثيين الحرب لطرد الحوثيين من ميناء عدن. في العام التالي، تم الاستيلاء على ميناء المكلا من تنظيم القاعدة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المحافظات الجنوبية في اليمن تحت سيطرة دولة الإمارات وحلفائها المحليين -الجبهة الجنوبية (الانفصاليين)، والعديد من الجماعات السلفية-.
من الآن فصاعدا، يذهب الجهد العسكري نحو الحديدة، على ضفاف البحر الأحمر، التي يسيطر عليها الحوثيون، 9/10 من الواردات بما في ذلك معظم المساعدات الإنسانية، تمر عبر هذا ميناء المدينة الاستراتيجية.
منذ أشهر، يحاول مارتن جريفيث التفاوض على إبقاء الحديدة تحت مسؤولية الأمم المتحدة. يؤكد الحوثيون أنهم على استعداد للانسحاب من الميناء -وفي نفس الوقت يقولون إنهم سيقاتلون حتى النهاية. يرفض التحالف أي خرق وتجاوز لمطالبهم: يجب أن يعود الميناء تحت سيادة الحكومة الشرعية. في يونيو/حزيران 2018 بدأت معركة الحديدة، مع سقوط المطار في أيدي وحدات أبو ظبي وحلفائها المحليين. وتريد الحملة العسكرية إنه بالإضافة إلى السيطرة على الميناء، تهدف القوات الهجومية إلى قطع الطريق الذي يربط الحديدة بصنعاء. إن انقطاع خطوط الإمداد، سواء كانت بضائع أساسية أو أسلحة إيرانية تم إدخالها في تحد لحظر الأمم المتحدة، من شأنه أن يغير ميزان القوى بين التحالف وحلفائه.
في الناحية الأخرى فإن الميناء يعتبر مهماً للحوثيين، إذ أنه يعطي إيرادات كبيرة للجماعة المسلحة، والخروج من الميناء من شأنها أن تخفف من تعزيزات الحوثيين المالية.
في حالة الانتصار في ميناء الحديدة، يمكن أن تؤدي هذه العوامل إلى دفع الحوثيين إلى فصل أنفسهم عن النظام الإيراني الشِّيعيّ والقيام بالتفاوض. إن الاستيلاء على الحديدة، ونقل الحوثيين إلى الداخل، وفتح المحادثات، من شأنه أن يعزز القوى التي تدعمها أبو ظبي.
إذا سمحت سلسلة الأحداث بإنهاء إطلاق الصواريخ الإيرانية الصنع على المملكة العربية السعودية، فإن الرياض ستصادق على هذه الصفقة اليمنية الجديدة، حيث ستنضم إلى حل سياسي مهمش لبعض حلفائها، على سبيل المثال تعتبر قريبة جداً من جماعة الإخوان المسلمين. حتى الآن لا يبدو أن الحرب وصلت إلى هذه النقطة، فقد رفض الحوثيون السير في طريق الدبلوماسية واستؤنفت معركة الحديدة.
اقتران التهديدات على أوروبا
من وجهة النظر الغربية، سيكون الخطأ اعتبار هذه الحرب صراعًا غريبًا بعيدًا تتنافس فيه الأطراف بقسوة غير مبررة. لا يمكن إنكار، أن اليمن هو أحد مسارح الصدام الكبير بين التوسع الإيراني الشيعي والأنظمة السنية العربية في الشرق الأوسط. ومن المؤكد أن هذه الحرب الطائفية الباردة غير قابلة للاختزال من الناحية السياسية إذ أنها تشكل خلفية الصراعات الإقليمية. إذا أردنا قمع إيران، التي أشارت الدبلوماسية الفرنسية إلى طموحاتها الإقليمية ونشاطها الباليستي، فعلينا أن نعطي أنفسنا الوسائل.
من ناحية أخرى، فإن الحرب ضد تنظيم القاعدة، من قِبل القوات الإماراتية كسبت ترحيباً من وزارة الخارجية الفرنسية. يُذكر أن الإخوة كواشي، مرتكبي الهجوم على أسبوعية “تشارلي-إبدو، قالوا إنهم من تنظيم القاعدة. ولذلك فمن المنطقي أن هذا الصراع معتمد من قبل القوات الخاصة والمعدات العسكرية التي تقدمها أي قوة غربية، وخاصة في جنوب شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي حيث تشكلان معا المسرح الجيوستراتيجي للتنظيمات المتطرفة.
النظر في أمور أخرى من حيث حجم التهديد يساعد في فهم المستوى العالي من المخاطر في هذه الحرب. فالسيطرة على شواطئ البحر الأحمر وخليج عدن من قبل المتمردين الحوثيين يعوق حرية الملاحة في الطريق إلى السويس الجسر البري بين أوروبا وآسيا. حرية الملاحة تواجه بالفعل خطر تلغيم مضيق هرمز في حال نشوب حرب مع إيران، أبو ظبي لا تنوي أن يغادر زبائنها بسبب التهديدات الإيرانيَّة لمضيق باب المندب. وفي هذا الصدد أيضا، تتداخل مصالح أبو ظبي، بحثا عن العمق الاستراتيجي، مع مصالح القوى الغربية.
ولفت الكاتب إلى أنه ونتيجة لذلك يتماشى دعم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة مع القراءة الغربية للصراعات الإقليمية والسياسة الخارجية الفرنسية. إن تأمين ميناء الحديدة والحفاظ على مسار قناة السويس من الأمور الجيواستراتيجية الهامة، وسوف يساهم التزام فرنسا بإخلاء الميناء من الحوثيين والألغام بعد ذلك في سلامة الملاحة في البحر الأحمر. ومن شأن هذه العملية أن تسمح أيضاً بالوصول الكامل إلى البنية التحتية الحيوية لإيصال المعونة الإنسانية.
في النهاية، تبرز الحرب في اليمن التوتر بين ترتيب القوة والنظام الخيري. إذا كانت السياسة لا يمكن أن تجاهل معاناة الناس وتعاطفها، فإنه لا يمكن تجاهل قوانين السلطة وقضايا الدفاع. لسوء الحظ، لن تكون دعوات النوايا الحسنة قادرة على عكس مسار الصراع. بدون تغيير العلاقة بين القوات على الأرض، لن تكون هناك عملية سياسية، تزايد الجدلية بين الشيعة والسنة الجهادية تطور دوامة جهنمية.
المصدر الرئيس
Au-delà de lurgence humanitaire, le Yémen est un théâtre de guerre crucial pour les puissances occidentales