كتابات خاصة

56 عامًا من قهر سبتمبر العظيم

أحمد ناصر حميدان

ثورة عظمتها في الخلاص من الإمامة والكهنوت، وخزعبلات أحمد يا جناه تقترب الذكرى 56 لثورة سبتمبر العظيم، حلم وطموح وآمال امة، بلغ بها التخلف والجهل مداه، واستفحل فيها الفقر والمرض والوباء، وأغلق الاستبداد والطغيان أي فرصة للخلاص، لتنهض  وتلحق بركاب الامم تطورًا وتقدمًا.
ثورة عظمتها في الخلاص من الإمامة والكهنوت، وخزعبلات أحمد يا جناه، في نفض الإرث العقيم من على كاهل الانسان، وتحطيم قيود الذهنية لأساطير التمايز العرقي والاصطفاء الالهي للبشر، وثارات الماضي السحيق، بنبل أهدافها الستة.
ثورة قدرها أن تكون في محيط يرفضها ويدعم اعدائها، وهذا ما يبرر أين نحن اليوم من أهدافها، بعد 56 عامًا من النكسات والخذلان، والاستبداد قابض بقوة على كاهلنا، وما زلنا لليوم نعيش منغصات تركت الاستعمار والامامة وإرث ثقيل من مخلفاتهما كأذناب متشبثة بعمق التاريخ وعاداته وتقاليده، بالعقلية الصدئة غير القابلة للتغيير ومواكبة العصر والمتحجرة بقيود الاستسلام والعبودية والفوارق والامتيازات الطبقية في زمن الحرية والمساواة والعدالة.
جثم على كاهلنا ثلاثة وثلاثين عامًا كمقاول يدير البلد كحديقة خلفية، أفرغ كل شيء من محتواه الوطني ليكون طائفيًا وسلاليًا وعائليًا، مسرحيات الزعيم وحروبه كانت كافية للتخلص من قلق الجيش الوطني حامي الثورة ومكتسباتها، وما تبقى من وحدات لتحمي الشعب للخلاص من الاستبداد، تكفلت في تصفيتها الطائفة بدعم من الجيش العائلي، لنكتشف بعد 52 عامًا أن لا جيش وطني يحمي البلاد، وأن اسطورة الحرس الجمهوري والأمن المركزي هما حارسان للعائلة والسلالة والطائفة والأطماع، وفي أول مواجهة للتغيير والتحول المنشود مع تلك القوى التقليدية العدو التاريخي للثورة وأهدافها، كان الانحياز وبقوة ضد سبتمبر. 
ومن حينها، يعيش الشعب نكبة وحربًا ضروسًا ليستعيد ثورته وأهدافها، حرب دمرت كل شيء حتى الشيء اليسير من الانجازات، قالها دون خجل كل ما بني بعهدي سأدمره، ومن المفارقة عندما أستسلم سلم الخزينة العامة بـ 4 مليار دولار وخزينته الخاصة  60 مليار دولار وأكثر.
حتى الوحدة اليمنية حلم وطموح امة لم تسلم من مؤامراته، شرخ النسيج الاجتماعي والوطني، وفكك أواصر الوحدة في الوجدان، وجعلها معولًا للتدمير، وأداة استبداده (الوحدة أو الموت)، نحتاج سنوات لنصلح الشرخ الاجتماعي ورأب الصدع الوطني.
56 عامًأ ونحن في ذيل كل التقارير الاممية دون استثناء، اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا وسياسيًا  وحقوقيًا وصحيًا.
من سخريات هذا المستبد، أنه قتل روح ما كان سائدًا من تعايش سلمي بين الناس بأعراقهم وثقافاتهم وعقائدهم قبل الثورة، واستثمرها كتناقضات في سياسته: فرق تسد، مفخخًا المجتمع والوطن ببؤر من الصراعات والنزعات الطائفية والمناطقية، تتجلى اليوم في أوضح صورها  مع تولي السيد الكهنوت “سلطة الأمر الواقع”، التي لا تحترم المواثيق الدولية للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتزاماتها اتجاه ذلك.
اليوم حربنا مع الإمامة التي اختبأت يومًا في دهاليز الجمهورية كمشايخ وأعيان وطوائف، ودعم اقليمي خوفًا من تمدد ثورة سبتمبر لتطال المنطقة والأنظمة الديكتاتورية الاصولية.
حرب استدعت الاستعمار وأعوانه والامامة وأدواتها، ويتكالبون اليوم في مواجهة قوى الثورة، سواء بدعم الانقلاب أو دعم الشرعية، كل من استطاع أن يزج بيده في اليمن دخلها عابثًا، مدمرًا ما تبقى من بنية تحتية وجيش وطني وسلاح و أواصر؛ اليوم في بلدي جماعات مليشيا تعبث به بأجندات اقليمية ودعم دولي، مليشيا لا تملك غير ما هو مرخص لها وفي حدود السيناريو المعد مسبقًا، دمى تحركها قوى عابثة، كل شيء متاح للعبث، دون استعادة الوطن شرعيته.
في بلدي اليوم، أي قطعة سلاح ثقيل قديم يدمر، ويبقى على تلك الأسلحة الخفيفة والمتوسطة للمليشيا التي يستطيع المخرج التخلص منها وقت اللزوم، بلدي اليوم سوق رائجة للمخدرات، في ظل حصار شديد للمداخل والمخارج التي هي بيد زعماء العصابات، بلدي اليوم يعيش مجاعة ووباء وانفلات أمنيًا، وتستفحل فيه الجريمة، ويقتل الأحرار والشرفاء والمناضلين، وكل من لا يطيع العبث بالبلد، وتنتهك سيادته، وكرامة الانسان فيه.
أين نحن بعد 56 عامًا من الثورة؛ نحن في قاع الارتهان والخيانة والرذيلة وفقدان السيادة والفساد والمرض والفقر والجوع وقريبا العطش. نهب الأراضي والمتنفسات، وانهيار العملة، ونهب الثروة والايرادات، والكراهية والعنصرية والثارات والانتقام، وما زالت المؤامرة مستمرة حتى ينهك هذا المارد العظيم اليمن وثورته العظيمة سبتمبر، وهيهات أن ينهك مارد وثورة عظيمة، سينتفض في لحظة ليقلب السحر على الساحر، ويفكك أواصل العبث، ويضرب بيد من حديد من حيث لا يعلمون. إنه اليمن التاريخ والحضارة والايمان، فحذروا من قهر اليمن والتمادي، حينها لا ينفع الندم.
 
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى