كتابات خاصة

النت أَمْ الفياجرا؟

حسن عبدالوارث

سُئل الشاعر الساخر الشهير أحمد فؤاد نجم عن أعظم اختراعات العصر، فأجاب: الفياجرا.

ذهب من كل شيء أحسنه، كما قال الأولون وردّد اللاحقون. وهم مُحقُّون في وجوه عديدة، منها أخلاق الناس وطباعهم، ومنها بساطة الحياة وعفوية العلاقات، ومنها مظاهر العيش وظواهر المعيش.

غير أن عديداً من الأمور صارت الى أحسن مما كانت عليه في الماضي، ومنها هذا التقدم الهائل في مضمار المواصلات والاتصالات، والتطور الشاهق في مجالات تقنية الأعمال والعلوم والمعلومات، وانْ كان بعضها ما يزال باهظ الكلفة قياساً الى قدرات الأغلبية.
سُئل الشاعر الساخر الشهير أحمد فؤاد نجم عن أعظم اختراعات العصر، فأجاب: الفياجرا.
وسُئل الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل السؤال نفسه، فأجاب: شبكة الانترنت.
وكلاهما على حق، حسب نظرته، أو حسب حاجته، أو حسب تقديره للأمر.
فمثلما تمكَّن قرص الفياجرا من تغيير حياة البعض بصورة جذرية، هي أشبه بالقدرة على احياء “الموتى”.. استطاعت شبكة النت أن تقلب العالم رأساً على عقب، وأن تحضره إليك وتضعه بين يديك بسرعة البرق، بالقدرة ذاتها التي كانت لجان سليمان، في سياق الحديث عن عرش بلقيس!
ولستُ اقارن بين النت والفياجرا من قريب أو بعيد، غير أنهما من عجائب العصر، من وجهتَيْ نظر مختلفتين. ولو وجّهت السؤال السالف نفسه لشخص ثالث لأجاب بصيغة مغايرة لاجابتَيْ هيكل ونجم، فلربما قال: مركبة الفضاء.
إذن، ذهب من كل شيء أحسنه فعلاً، حسب كثيرين.. غير أن الأحسن أيضاً هو ذاك الذي شهده الانسان في العقود القليلة الماضية، بل في السنين القليلة المنصرمة منذ بداية القرن الحالي، حسب آخرين.
واللي يعيش ياما يشوف -كما يردّد العامة منذ قديم الزمان- فما نراه اليوم منجزات صناعية عملاقة أو اختراعات تقنية مذهلة، سيغدو غداً بالتأكيد من الأشياء بالغة التواضع أو شديدة الضآلة قبالة ما سيسفر عنه العقل البشري في مختلف مناحي الحياة ومن مختلف ميادين العلوم.
كان يوم أقلعت الطائرة مشهوداً في كتاب الزمن وسفر التاريخ وسيظل الأخوان رايت في الذاكرة الانسانية ملمحاً ساطعاً للأسطورة الخالدة، بل أن اسم عباس بن فرناس لن يُنسى حتماً من هذه الذاكرة برغم فعله “الأحمق” في نظر كثيرين.
إن الخلود سيظل دائماً لصاحب الفكرة الأولى والتجربة الأولى والنجاح الأول في أي مجال ابداعي حقّق انعطافة في صيرورة الانسان أو سيرورة الكوكب. وقد صارت الصفة الملازمة لهذه الانعطافة أو تلك هي “التقدم”.. وقد نشهد تقدماً هائلاً في قريب قادم من الزمن، يكون من نتائجه القدرة البشرية على العيش باطمئنان تام في القمر أو المريخ أو غيره من الكواكب أو الأجرام!
في قاموس التقدم ليس ثمة مكان لكلمة المستحيل.. حتى لو كان هذا القاموس في طبعته اليمنية!
المقالات المنشورة لا تعبّر بالضرورة عن سياسة (يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشرها دون الإشارة إلى مصدرها الأصلي.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى