كتابات خاصة

حرب والضعفاء منا

أحمد ناصر حميدان

ضعفاء النفوس هم تلك الثلة السهل امتطائها وتسييرها بما يشتهي المخرج للحرب تداعياتها وآثارها النفسية والروحية للإنسان اليمني جنوبًا وشمالًا، وهي أشد وطأة على الانسانية من دمار البنية التحتية، حروب تحدث تغيرًا في ملامح الامة، من خلال تدمير الرموز والمعالم الحضارية، بالمساس بإرثها وحضارتها، تتعمد الحرب أن تنزع منا تاريخنا وحضارتنا وارثنا وهويتنا، فقد تمكنت من ضعفاء النفوس منا.
ضعفاء النفوس هم تلك الثلة السهل امتطائها وتسييرها بما يشتهي المخرج، كان مستبدًا سياسيًا أو دينيًا أو طامعًا، هم كفة ميزانه في التفوق، لا علاقة لهم بالمبادئ والقيم وأخلاقيات الحياة والعمل السياسي، هؤلاء هم  أصحاب الدفع المسبق للعب دور في عملية سلب الشعب ارادته، وفي كل مرحلة يصطفون مع من يعتقدون أنه سيحكم، ويغدق عليهم بالجاه والمال.
كنا في نعمة الديمقراطية والتعددية، وعي جماهيري كان كافيًا في تغيير الواقع، واستطاع المستبد أن يلعب لعبته بتلك النفوس الضعيفة، كنا في الانتخابات نعاني ليس دهاء وحنكة المستبد، بل جهل وخطيئة هؤلاء الضعفاء، كان ينثر لهم علفهم ويقودهم كالنعاج، ليغير من النتيجة، وكان له ذلك في الجنوب وعدن أكثر من الشمال وصنعاء، والنتائج موجودة يمكن الرجوع لها.
المواقف والاختيارات حق مكفول دستوريًا وشرعيًا، واحترامنا لأصحاب المواقف الثابتة حتى وإن كانت مع المستبد، المشكلة تكمن في المتلونين كالحرباء مع المكان والزمان الذي يلبي جشعهم، يقفون حجر عثرة أمام الارادة الشعبية.
قال السيد ثورة قالو نحن ثوار، مع إنهم يعلمون جيدًا أن للثورة أدواتها، ولا يمكن لسيد كهنوت، يرى أنه مصطفى من الله، وأنه صاحب الحق في الحكم والإمامة أن يكون ثوريًا ديمقراطيًا مدنيًا، يلبي طموحات وأحلام الناس في الدولة الضامنة للمواطنة، ساروا على دربه، وعندما وقعت الواقعة، وكانت الحرب التي استدعت كل ما يحدث اليوم، حرب اقليمية على أرض وطننا الغالي، اصطدموا بواقع أنهم زنابيل أمام قناديل السيد، بدأ صراخهم وعويل ندم اختياراتهم.
هناك مشروع طائفي قابله في الطرف الآخر مشروع مناطقي، وأثناء الحرب تطفوا هذه المشاريع على سطحها، حرب استدعت تحالف عربي وأطماعه، ووجد غايته   بتلك النفوس الضعيفة ليستخدمها، هي نفسها المحبطة لإرادة الناس وتركب المشاريع الصغيرة وتدعمها، مواقفهم اليوم لترجح الكفة المعارضة لمشروع الدولة الضامنة للمواطنة، ومخرجات الحوار، التي كادت أن تجعل إرادة الناس هي السائدة في استفتاء وانتخابات نزيهة وشريفة، وبنفس الاسلوب من يوفر لهم العلف هو سيدهم ومولاهم وولي أمرهم، مع كثرة الرؤوس والرعاة، كثرت الحضائر ولكل حضيرة أجنداتها وممونها وراعيها وضاع الوطن والقضية في دهاليز هذه الأجندات.
لسان حال الناس اليوم يقول، يا آلة الحرب توقفي، يا آلة المال تمهلي، يا آلة الاستبداد والموت اكتفي بما حصدتِ وجنيتِ من رؤوس، ألم ترتوي دماء وتشبعي انتهاكات وموت وخراب، فهل تطلبي المزيد، كل ذلك محسوب في ميزان سيئاتكم في الدنيا والآخرة، كم ستحملونها، اليوم التقارير الاممية تدينكم، ومنظمات الحقوقية ترصد أعمالكم، ولاهاي ينتظركم بفارغ الصبر، لا تفرق بين شيخ وسيد وزعيم وقائد، الكل أمامها مجرم، ولا تسقط الجرائم بالتقادم.
وما زال البعض يطل علينا من قنوات الفتنة، سياسي برداء ديني، ليكذب، ويغذي الشقاق ويستدعي صراعات الماضي، ليخدم أسياده في محاربة الارهاب، إرهاب الآخر، وارهاب الناس وارهاب كل من يقول لا للانتهاكات والاستبداد والشمولية والتعصب الطائفي والمناطقي القذر.
أنتم في وطن الحكمة والايمان، وطن الحضارة والتاريخ، لا تساوون أمامه شيء، سينتصر على طاعتكم لأسيادكم، فاحت ريحتكم وفشلتم، وتبحثون عن كبش فداء لفشلكم هذا، لا والله، وهو على كل شيئ قدير.. 
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى