هل تغيّر الموقف الدولي تجاه “تحرير الحديدة” بعد فشل مشاورات جنيف اليمنية؟ (تحليل خاص)
فشلت مشاورات جنيف اليمنية، وأصبحت الحرب أشد قوة وبأسًا مما كانت عليه، استخدم التحالف الفرصة للتأكيد أن الحوثيين لم يكونوا ليذهبوا للمشاورات إلا بدافع كبير يجبرهم على ذلك ويبدو أن “الحديدة” وميناءها هي نقاط الحسم الكبيرة.
يمن مونيتور/ صنعاء/ تحليل خاص
فشلت مشاورات جنيف اليمنية، وأصبحت الحرب أشد قوة وبأسًا مما كانت عليه، استخدم التحالف الفرصة للتأكيد أن الحوثيين لم يكونوا ليذهبوا للمشاورات إلا بدافع كبير يجبرهم على ذلك ويبدو أن “الحديدة” وميناءها هي نقاط الحسم الكبيرة.
في يونيو/ حزيران الماضي، أعلن التحالف عن بدء عملية عسكرية لتحرير مدينة الحديدة بعد أن تقدمت القوات سريعًا 70 كم من بلدة “الخوخة” جنوب المحافظة الساحلية، لكن ضغوطًا دولية أوقفت العملية العسكرية، وحسب مصادر دبلوماسية عديدة تحدثت في ذلك الوقت، فقد طلبت “بريطانيا” و”الولايات المتحدة” و”فرنسا” من الإمارات والسعودية إتاحة الفرصة للأمم المتحدة لتحقيق توافق حول مدينة الحديدة، وتوقيع اتفاق، وكانت مشاورات جنيف هي الأمل المعلق عليها.
لكن المشاورات غير المباشرة، انتهت السبت الماضي، حتى قبل أن تبدأ، بعدما رفض الحوثيون في اللحظة الأخيرة التوجه إلى جنيف من دون الحصول على ضمانات بالعودة سريعًا إلى صنعاء الخاضعة لسيطرتهم.
عودة العملية العسكرية
في جلسة الثلاثاء، بمجلس الأمن الدولي بخصوص اليمن، عبّر المبعوث الأممي “مارتن غريفيث” ومندوبو الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسويد عن إحباطهم من تغيّب الحوثيين عن المشاورات.
عادت العملية العسكرية في الحديدة، مجدداً يوم السبت الماضي (9 سبتمبر/ أيلول2018) ووصلت القوات الحكومية المدعومة من الإمارات، اليوم، بعد معارك طاحنة، إلى بُعد 2كم من الخط الرئيس الواصل بين الحديدة وصنعاء، “كيلو 16″، وخلال الثلاثة الأيام الماضية غابت الضغوط الدولية التي كانت متوقعة على التحالف العربي من أجل هدنة جديدة.
وقال مصدر دبلوماسي لـ”يمن مونيتور”: إن ما حدث ليس تغيّر قناعات من الولايات المتحدة وبريطانيا بشأن السماح للقوات الحكومية المدعومة من التحالف بدخول الحديدة، لكن غض الطرف جاء بعد وعود قطعتها واشنطن ولندن بعدم الحديث عن عملية تحرير الحديدة إذا ما فشلت جولة المشاورات بجنيف في إيجاد حل للمدينة ومحيطها.
سخط دولي وتغيّر أمريكي
وقال المصدر، الذي اشترط إخفاء هويته، إن المجتمع الدولي أصبح ساخطًا على الحوثيين، وكان عليهم القبول بالذهاب إلى جنيف لتعزيز قدرتهم للضغط على السعودية والإمارات لوقف الحرب.
تأتي مخاوف المجتمع الدولي من تأثر المدنيين بالحرب، إما بحالات القصف الجوي أو المعارك البرية أو للأضرار غير المباشرة من الحرب كتوقف “ميناء الحديدة” عن العمل -المسؤول عن تدفق 80% من احتياجات اليمن الأساسية-.
في الكونجرس الأمريكي قَدمت إدارة الرئيس دونالد ترامب تقريرها للمجلس، اليوم الأربعاء، وهو التقرير الأول بموجب اتفاق تخويل الدفاع 2019، وأكد وزير الخارجية مايك بومبيو أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تتخذان “تدابير واضحة لتخفيض الخطر” على المدنيين أثناء عمليات التحالف العربي العسكرية في اليمن.
وتابع بيان بومبيو أنه أخبر الكونجرس أن: “إدارة ترامب تعتبر بشكل جلي أن إنهاء الصراع في اليمن يمثل أولوية للأمن القومي. وسوف نواصل العمل عن كثب مع التحالف، الذي تقوده السعودية، لضمان أن السعودية والإمارات تحافظان على دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن”.
تعتقد الولايات المتحدة والإمارات والسعودية أن تحرير الحديدة من الحوثيين سوف يجبر جماعة الحوثي المسلحة على الجلوس على طاولة مفاوضات مع الحكومة الشرعية.
ماذا عن جهود غريفيث؟!
توجه مارتن غريفيث، يوم الأربعاء، إلى مسقط للقاء وفد الحوثيين، وبحث الملفات المشتركة. يحمل “غريفيث” ملف لأسرى والمعتقلين، إلى جانب حل أزمة البنك المركزي وتسليم رواتب للموظفين.
وهي الملفات ذاتها التي كانت ستناقش في جنيف، قبل أن ترفض جماعة الحوثي الحضور، لكن لن يكون هناك تقدم في بقية الملفات الأخرى التي توصل إلى سلام دائم. وإذا ما حدث تقدم في الملفين -الأسرى والمعتقلين وأزمة البنك المركزي- فإن “غريفيث” قطع شوطاً في مرحلته الأولى من خطته التي تقوم ابتداء على بناء الثقة بين الطرفين، ومن شأن استعار الحرب مجدداً في الحديدة أن يجعل من فقدان الثقة أمرًا حتميًا.