شهد عرض الفيلم المحلي إقبالًا جماهيريًا واسعًا رغم الظروف السياسية التي تعيشها البلاد.
يمن مونيتور/ عدن / الأناضول
في الوقت الذي يشهد فيه اليمن حربًا متواصلة منذ 3 سنوات، بدا هناك مشهد مختلف بعيدًا عن صورة القتال والدم، في البلد الذي اقترن اسمه بصفة “السعيد”.
فقد شهدت قاعات عرض الفيلم المحلي “10 أيام قبل الزفة”، إقبالًا جماهيريًا كبيرًا من أهالي عدن، هو الأول من نوعه لعمل سينمائي يمني في تاريخ البلاد.
العاملون في شبابيك بيع التذاكر، أكدوا أن الاقبال على شرائها كان كبيرًا، لافتين إلى أن مئات لم يتمكنوا من الحصول على فرصة مشاهدته؛ بسبب نفاد حجوزات المقاعد، رغم عرضه أربع مرات يوميًا.
الفيلم الذي استغرق إنتاجه أكثر من ستة أشهر، بطاقم عمل تجاوز مائة شخص، تتجسد أحداثه حول قصة عريسين كانا على وشك الزواج، قبل أن تحول الظروف الصعبة وغلاء الأسعار دون إتمامه.
العمل الأول من نوعه، من بطولة نجوم الدراما اليمنية، وبمشاركة عدد من الوجوه الجديدة، وقد نال إعجاب الجماهير الذين اعتبروه “قفزة تبشر بعودة السينما إلى البلاد، بعد اختفائها في تسعينات القرن الماضي”.
محسن الخليفي، منتج الفيلم، يقول للأناضول إن “هذا النجاح الكبير يحفزنا مع طاقم العمل، على بلورة أفكارنا وجهودنا لإنتاج المزيد من الأعمال، وإحداث حراك يعيد للسينما اعتبارها”.
ويؤكد أن “إدارة الفيلم تناقش إعداد خطة قادمة للترويج والتسويق له؛ أملًا في المشاركة بمهرجانات دولية، عربية كانت أو أجنبية”.
ويوضح أن نجاح العمل يحفز على البدء بإنتاج أعمال جديدة ستمثل، وفق رأيه، انطلاقة حقيقية للسينما في اليمن مستقبلاً.
أما مخرج الفيلم، عمرو جمال، فيقول إنهم “تفاجأوا كثيرا بالحضور الجماهيري الكبير، خصوصًا أنها أول فعالية ثقافية كبرى تشهدها عدن بعد الحرب”.
ويضيف جمال للأناضول: “توقعنا أن يكون الناس أقل رغبة في الحضور، خشية الوضع الأمني المتردي في عدن”، مستدركًا: “لكن الحضور الكبير أثبت أن المجتمع كان متعطش للحياة رغم كل الظروف”.
ويتابع: “توقعنا نجاحًا تقليديًا يخفت مع مرور الأيام، لكننا في خامس أيام العرض تفاجأنا بأعداد الحضور المهولة (لم يحددها)”.
ويستطرد جمال حديثه بالقول: “بات كل من يريد المشاهدة، حجز التذاكر قبل العرض بيومين، وهذا شيء جديد جدًا في اليمن”.
ويلفت مخرج العمل إلى أن نجاح الفيلم يمثل “فرصة للمستثمرين، من أجل الانتقال جديًا للاستثمار في هذا المجال الذي أثبت نجاحه”.
ويعرب عن سعادته بتجاوز مشاعر الخشية التي تملكته طوال تصوير مشاهد الفيلم، نظرًا للحالة الأمنية المتردية التي تشهدها عدن.
وبهذا الخصوص يقول: “كنا نخشى من توقف عمليات التصوير نظرًا لانتشار الجماعات المسلحة والمتشددين، ولهذا لم نكثف المشاهد في الشوارع”.
ويبدى جمال تفاجأه من “الكم الهائل للترحاب والتقدير والتسهيل الذي لقيناه من المجتمع، لدرجة أن الناس فتحوا منازلهم ومحالهم لنا، وكانوا يقدمون الماء والعصائر”.
أما عن الصعوبات فيقول إنها “تمثلت في الانتاج والمبلغ المتواضع (لم يذكر التكلفة) الذي وجدناه من الرعاة، لكننا بالإرادة كسرنا حالة الجمود لهذا المجال في البلاد”.
ويعبر المخرج عن أمله في أن يقوم “بعرض الفيلم في المحافظات المحررة (الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية) ليتيح للجميع مشاهدته. ونحن نبحث هذا بشكل جدي”.
بطلة العمل، الممثلة سالي حمادة، عبّرت هي الأخرى عن سعادتها بنجاح الفيلم الذي جسدت بطولته في دور “رشا”، إذ تقول إن “الإقبال الكبير يعني لنا أن عدن ما تزال بخير، والناس قلوبهم نابضة بالحياة وترفض الموت”.
وتروي للأناضول تجربتها: “تفاعلت مع النص منذ الوهلة الأولى لاطلاعي عليه؛ لأنه لمس مشاعري من كل جهة ووجدت سالي بين سطوره، وكان بحق تجسيد للواقع”.
وترى “حمادة” أن “فكرة العمل الواقعية، وتوزيع المشاهد بين الممثلين، والمواقع والحبكات، والتوزيع المنطقي الحسي المدروس، كلها عوامل عملت على نجاحه”.
واختتمت حديثها بالقول: “من خلال (وكالة) الأناضول، أشكر كل من حضر وكل من تأثر ودمعت عينيه مع الفيلم؛ لأنه جسّد مأساة الوطن في ظل الحرب، وكان رسالة من القلب إلى القلب”.
و”10 أيام قبل الزفة (تقليد شعبي يسبق الزفاف)” هو الفيلم السينمائي اليمني الثالث في تاريخ البلاد، حيث سبقه فيلمي: “يوم جديد في صنعاء القديمة” وفيلم “الرهان الخاسر”.
وكانت تحوي البلاد نحو 50 دار سينما، اختفت جميعها مطلع تسعينات القرن الماضي، بسبب الفتاوى الدينية التي حرمت هذا النوع من الفنون.