كتابات خاصة

ذكرى النكبة الوطنية

مأرب الورد

ماذا يمكن للمرء أن يتذكر في يوم نكبة وطنه ومواطنته؟ لا يوجد اسوأ من يوم 21 سبتمبر 2014 الذي عرفت فيه اليمن كل أنواع القبح والإجرام والخداع والدمار من قبل مليشيا طائفية ساعدها رئيس مخلوع أراد الانتقام ممن ثاروا ضده والعودة للحكم..!! ماذا يمكن للمرء أن يتذكر في يوم نكبة وطنه ومواطنته؟ لا يوجد اسوأ من يوم 21 سبتمبر 2014 الذي عرفت فيه اليمن كل أنواع القبح والإجرام والخداع والدمار من قبل مليشيا طائفية ساعدها رئيس مخلوع أراد الانتقام ممن ثاروا ضده والعودة للحكم..!!
بدأ الانقلاب بشعارات كاذبة تزعم حرصها على تخفيض أسعار الوقود وتنفيذ مخرجات الحوار ومحاربة الفساد وهي الشعارات التي سقط فيها من رفعوها في أول اختبار لهم عقب التهام مؤسسات الدولة في فضائح فساد لنهب المال العام بشكل غير مسبوق وعلى الملأ.
استكثر الحوثيون على حكومة المناضل محمد سالم باسندوة رفعها الجزئي لأسعار المشتقات النفطية في إجراء ضروري اقتصاديا حينها لحاجتها للموارد ولانعدام البدائل, رغم تأثيره السلبي على الشعب وتوقيته الملائم للانقضاض على الدولة كما حصل, وعندما حكموا رفعوا الأسعار كليا واسموا جرعتهم الجديدة لخداع الناس “التعويم”.
وفي أقل من بضعة شهور, تحول شعار المظلومية الذي زايدت به هذه المليشيا الطائفية لتبرير قتال الدولة في حروبها الست بصعدة إلى سلاح ضد كل معارض لها بل وضد اليمنيين عموما وأصبح تعريف الشعب عندها: إما تكفيري أو داعشي وبعد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم الشرعية وجهت لليمنيين تهما جديدة من قبيل عميل وخائن.
الحوثيون مجرد أداة بيد صالح الذي استبد وظلم شعبه 33 عاما وأراد أن يعاقبه بمليشيات لا تؤمن إلا بالعنف والقتل والتفجير وقدم لها كل ما تحتاج من رعاية إعلامية وغطاء سياسي ومشايخ يفتحون لها الطريق لتدخل القرى والمدن وتسقطها واحدة تلو أخرى.
إن حصاد عام تحالف انقلاب الثأر والانتقام من اليمن دولة وشعبا طال كل شيء ولم يستثنِ بشرا أو حجرا إلا وجاء عليه الدمار والخراب, وكان أول ضحايا هذا التحالف الانتقامي اختطاف الدولة وتعطيل مؤسساتها وتحويلها إلى لجان للفاسدين والسجناء الفارين وقطاع الطرق يديرونها كما تفعل العصابات حين تقع في أيديها الغنيمة.
هل هناك إهانة لرمزية وهيبة الدولة أكثر من جلوس سارق أختام الوزارات والمؤسسات على كرسي قصر الرئاسة وبجواره لفيف من المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان ومن لا تتجاوز سيرتهم الذاتية التقاط الصور فوق أنقاظ المنازل والمساجد بعد تفجيرها ومنهم من هو اسوأ من ذلك مكانه السجن..!!
والأخطر في مشروع هذا التحالف هو سعيه لإعادة الملكية البائدة بثوب جديد لكنها لا تختلف كليا من حيث المضمون عن ماضيها البغيض الذي أسقطه الأحرار في 62 وأعادوا الاعتبار للشعب وحقه في الحياة الكريمة والحرة.

لقد قاد هذا التحالف ردة مشتركة على ثورة 26 سبتمبر وما نعيشه اليوم إلا ذكرى لهذه النكبة التي يقترب الشعب بمقاومته الباسلة وجيشه الوطني ودعم أشقائه في التحالف العربي بقيادة السعودية من طي صفحتها بإسقاط الانقلاب وإعادة الشرعية للدولة.
ولعل اختيارهم لدخول صنعاء في شهر سبتمبر وتحديدا في تاريخ قريب لليوم الذي سقط فيه الحكم الملكي بشمال الوطن آنذاك إلا أحد هذه الشواهد على استهداف الثورة السبتمبرية والقضاء عليها بتاريخها وإقرار يوم النكبة عيدا بديلا لليوم الحقيقي والأصلي. وإذا كان الجديد هذه المرة في الثورة المضادة لثورة سبتمبر هو استخدام الحوثيين لمقدرات الدولة التي يسيطرون عليها لتحقيق حلمهم الرجعي, فإن حليفهم صالح سبقهم للانقلاب عليها خلال سنوات حكمه وأبرز مثال على ذلك هو تحويل نظام الثورة الجمهوري إلى ملكية عائلية لم يكن ينقصها إلا خلافة أحمد لأبيه لولا إجهاض ثورة 11 فبراير لذلك.

صالح لم يكن يؤمن بثورة سبتمبر كليا وعمليا وهي بالنسبة له مجرد شعار للمزايدة على خصومه السياسيين لابتزازهم عند حاجته ومنصة لتوزيع صكوك الوطنية والجمهورية والثورة في الأعياد والمناسبات الوطنية, بل إنه متهم من قبل مناضلي الثورة بتهميشهم ومنح الأوسمة والنياشين لغيرهم وهم أحق بها نضالا واستحقاقا.
إن من أعاد إحياء النعرات المناطقية والمذهبية وساهم في تدمير النسيج الاجتماعي لا يمكن أن يكون من أصحاب مشروع الثورة السبتمبرية التي جاءت للقضاء على هذه التقسيمات وإلغاء الفوارق والحدود الضيقة وأعادت الاعتبار لقيمة المواطنة المتساوية.
عن أي انجازات يفاخر هؤلاء وقد أدخلوا الحزن إلى كل بيت وعسكروا الحياة العامة وأهانوا المؤسسة العسكرية الأمنية بعدما حولوها إلى مليشيات تأتمر بتوجيهات أبو علان وأبو فلتان وغيرهم من الأسماء المجهولة.

من يريد حكم شعبه فهو يعرف الطريق الذي يسلكه وهو الذهاب للانتخابات وتقديم نفسه لمالك السلطة ومصدرها وهو وحده من يمنحه التفويض أو يرفضه ويختار غيره,لا أن يأتي على ظهر دبابة وسيارة شاص ويسقط مؤسسات الدولة ثم يريد حكمها وهي لم تعد ذا شأن لغيرهم بافتقادها لحيادها ووظائفها المختلفة تجاه مواطنيها.
ترفع شعار “الموت لأمريكا”, ثم تقتل مواطني بلدك وتهجرهم من منازلهم التي تفجرها وتفتخر بالتكبير فوق أنقاضها والتقاط الصور والفيديوهات لنشرها وبعد ذلك تزعم حبك للسلام والتعايش وقد فعلت ما لم يسبقك إليه غيرك وخلقت لك ثأرات مع من ظلمتهم تمتد لسنوات قادمة.
لا يمكن لمشروع غير وطني أن يستمر في الحكم مهما كانت قوة صاحبه, ذلك أن الناس لا يمكن تحكم بالقوة وتخضع للإكراه طويلا وعندما تتوفر لها عوامل المواجهة والقوة فإنها تنتفض للدفاع عن حريتها وحقها وهذا ما رأيناه عندما تفجرت المقاومة وتصدت ببسالة للانقلابيين وها هي تسقطهم رويدا رويدا بنفس سرعة صعودهم ومع استعادة صنعاء سيكون إعلان وفاة انقلابهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى