الحوثيون عام قبل 21 سبتمبر وعام بعده.. التهام المُدن في وجه العاصفة (تقرير)
أفتعل الحوثيون الحروب منذ 2012م، بعد اتمام المبادرة الخليجية والدخول في حوار الوطني، وانتخاب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي رفضته الجماعة ورفضت معه المبادرة الخليجية. يمن مونيتور/ صنعاء/ عدنان هاشم
أفتعل الحوثيون الحروب منذ 2012م، بعد اتمام المبادرة الخليجية والدخول في حوار الوطني، وانتخاب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي رفضته الجماعة ورفضت معه المبادرة الخليجية.
وفي خط موازٍ لإشراكهم سياسياً “في مؤتمر الحوار الوطني- وحقائب وزارية” كانت الجماعة تتوسع من معقل الجماعة في “صعدة” شمالي اليمن، نحو الجنوب، وجرّفت معها “الهوية الوطنية” الجامعة، وحتى سبتمبر 2014 مع اجتياح العاصمة صنعاء، كانت قد جرفت العمل السياسي وأفرغته من مضامينه، ومع وصول 21 سبتمبر هذا العام كانت عشر دول عربي شكلت تحالفاً لإعادة السلطة اليمنية وإسقاط “تحالف” الحوثيين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي سقط بفعل ثورة شبابية شعبية عام 2011م، شارك الحوثيون فيها.
سيحاول هذا “التقرير” الوقوف على التوسع الميداني للحوثيين في الجمهورية اليمنية خلال عام قبل 21 سبتمبر 2014و عام بعده، عبر تسلسل زمني يرصد سيطرة الحوثيين على الأرض عسكرياً وإنشاء الحروب الداخلية.
تهجير “سكان دماج” و هزيمة “حاشد”
في سبتمبر/تموز 2013 حاول الحوثيون اقتحام “بلدة دماج”، شرقي صعدة، بالقوة ولبسوا ملابس عسكرية، واندلعت أخر الحروب مع “مركز دارالحديث السلفي”، التي بدأت في 2012م. أوفد الرئيس اليمني العديد من لجان الوساطة من أجل التوصل إلى حل وأعلنت العديد من الاتفاقات حتى نهاية عام 2013م، ولكن أياً من تلك الاتفاقات لم تصمد، وأتهم الحوثيون مراراً بخرقها.
في ذات الوقت حاولت جماعة الحوثي التمدد ناحية عمران وتحديداً في 20 أغسطس/آب 2013 عندما قدم مجموعة من مسلحي الحوثي إلى قرب منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر(شيخ حاشد) في قالت أن لتحرير البلاد من المستعمرين تحولت إلى اشتباكات.
وفتح الحوثيون ثلاث جبهات في 28 اكتوبر/تشرين الأول 2013 ، في حجور محافظة حجة، وكتاف في صعدة ثم قبيلة حاشد، كبرى القبائل اليمنية، ولم تصمد القبائل كثيراً وتم تفجير دار الحديث في كتاف يوم 30 ديسمبر/ كانون الثاني 2013 ، وبعد تهجير السلفيين تفرغ الحوثيون لقبيلة حاشد في عمران التي تبعد عن العاصمة صنعاء 50 كم، وعلى وقع معارك طاحنة مع القبائل على حدود معقل الحوثيين في صعدة، وعلى وقع مئات القتلى من الحوثيين سيطر الحوثيون على مساحات شاسعة من المحافظة واقتربوا من عاصمة المحافظة التي تحمل نفس الإسم.
وحتى 15 يناير/ كانون الثاني 2014م، أعلنت لجنة وساطة أنه جرى الاتفاق على ترحيل “سكان دماج” من ديارهم خارج “البلدة”، وبالفعل تم “تهجير” 15 ألف نسمة خلال مهلة أسبوع، وتاه المهجرون بين المحافظات.
صمدت قبيلة حاشد لعدة أيام بعد تهجير السلفيين وسقطت معظم معاقل شيوخ حاشد من آل الأحمر يوم 2 فبراير/ شباط 2014 وفجر الحوثيون منزل زعيم القبيلة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في “الخمري”.
سقوط عمران
في فبراير/شباط توسعت المعارك ليحاصر الحوثيون مركز محافظة عمران، بزعم مكافحة الفساد، وإقالة قائد اللواء “310” اللواء حميد القشيبي في عمران، وتوسعت معاركهم نحو قبيلة أرحب شمالي صنعاء، ودارت معارك عنيفة، وأعلن عن التوصل لاتفاق في فبراير/ شباط من نفس العام لكن الحوثيين نقضوه في اليوم التالي، وحشدوا مسلحيهم للقتال من جديد، كما أعلن اتفاق بين القبائل والحوثيين في عمران، وقدم رؤساء الوساطتين استقالتهما أكثر من مره، بسبب خروقات الحوثيين.
تطورت الأحداث سريعاً في عمران، وعلاوة على نقض الاتفاق في فبراير/ شباط 2014م، وتقديم اللواء على الجائفي الاستقالة وحمل الحوثيين المسؤولية، ثم “عبدالقادر هلال”، قام الحوثيين بتطويق المحافظة من جهة الجنوب و الغرب وبسطوا خيام مسلحيهم في معظم مناطق مديريتي «همدان» بمحافظة صنعاء و«ثلاء» بمحافظة عمران، وتطويقها من جهة الشمال باتجاه صعدة، وحتى مارس/ آذار كان الوضع شديد الانفجار بين اللواء 310 والحوثيين.
اندلعت حروب وهدنّ بين الحوثيين واللواء وسيطر الحوثيون على عمران ومقر اللواء 310 وقتل اللواء القشيبي في 9يوليو/تموز، قال قادة عسكريون أنه بخيانة من قادة عسكريين في الحكومة، بحسب فيلم وثائقي “الطريق إلى صنعاء” الذي بُث على قناة الجزيرة.
في 18 أغسطس/آب 2014تظاهر آلاف الحوثيين في صنعاء احتجاجا على أسعار الوقود، وطالبوا بإسقاط الحكومة وتطبيق قرارات الحوار الوطني. وهدد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بـ”رد عنيف” إذا تعرض المتظاهرين لأي هجمات، متوعدا بإسقاط الحكومة إن لم يستجب الرئيس هادي لمطالبهم. أعقبه اندلعت اشتباكات عنيفة في عدد من الأحياء في المدينة، ونصب الحوثيون الخيام أمام الوزارات وقطعوا الخط الواصل إلى مطار صنعاء الدولي، وحشد المسلحين على مداخل صنعاء “الصباحة” غرب و في “حزيز” جنوب وشرق و “المطار” شمالاً.
في سبتمبر/أيلول خرجت مظاهرات معارضة ومؤيدة للحوثيين في عدد من عواصم المدن وفي صنعاء، وعلى إثره منع الحوثيين السيارات الحكومية من الدخول والخروج من العاصمة. كما تعهد الحوثيون بالرد بكل الوسائل على أي هجمات جديدة على المعتصمين داخل العاصمة.
وفي 21 سبتمبر/ أيلول و بشكل مفاجئ سيطر الحوثيون على معظم أجزاء العاصمة صنعاء، بدون قتال، وسيطروا على مقر رئاسة الوزراء ووزارة الإعلام والتلفزيون الرسمي. وفرضت السلطات اليمنية حظرا للتجوال شمالي صنعاء في ظل استمرار الاشتباكات بين المسلحين الحوثيين وقوات الجيش والشرطة اليمنية. و وقع اتفاق مصالحة بين الحكومة والحوثيين يتضمن إنهاء الاعتصامات وتشكيل حكومة وفاق وطني وخفض أسعار الوقود سمي “اتفاق السلم والشراكة”.
بعد سقوط صنعاء
وبدأ التوسع الحوثي بشكل سريع في بقية المحافظات؛ وفي 14 أكتوبر 2014 أستولى الحوثيون على مرفأ الحديدة بالبحر الأحمر (230 كلم غرب صنعاء) ثم تقدموا نحو “الوسط” في محافظة “إب”.
وحتى يناير/ كانون الثاني 2015 كان الحوثيون يسرعون في “التهام الدولة”، وقدموا قائمة مستشارين ورؤساء مكاتب و وزراء إلى الرئيس هادي ليتم تعيينهم من بينه مدير مكتب جديد، بعد اختطاف مدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك، وقادة عسكريين لكن رفض الرئيس ورئيس الحكومة خالد بحاح، حولت موجة المواجهة إليهم. وفي 20 يناير سيطروا على القصر الرئاسي وحاصروا مقر إقامة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي انتخب في 2012 ورئيس الوزراء خالد بحاح وعلى وزراء الحكومة، والقادة السياسيين.
وفي 6 فبراير/ شباط 2015 أعلن الحوثيون “اللجنة الثورية العليا” حل البرلمان وشكلوا مجلسا رئاسياً، فيما اعتبرت هذه التدابير انقلاباً خلال تظاهرات.
استطاع الرئيس اليمني الفرار إلى عدن في 21 فبراير/شباط 2015م فيما أعلن هادي أن عدن عاصمة مؤقتة للبلاد، وفي 13 مارس/ آذار أعلن الحوثيون قيام مناورة عسكرية على الحدود السعودية، وبدأوا باللحاق بالرئيس هادي نحو عدن(كما يقولون)، تحركت قوات موالية للرئيس السابق في عدن وفي 19 مارس/ آذار أعلنت قوات موالية لهادي السيطرة على عدن، وتعليق العمل في المطار، لكن جرى السيطرة على المدينة في وقت لاحق.
بدأت قوات صالح والحوثي تتحرك من صنعاء باتجاه عدن، وبدأوا التقدم نحو تعز ثالث مدينة في البلاد وبدأ قتال مع المقاومة الشعبية هناك، في الوقت الذي دعا فيه زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إلى تعبئة عامة، وبرر الهجوم نحو الجنوب بقتال المتطرفين السنة في تنظيم القاعدة وتنظيم داعش. و استولت قوات الحوثي على المباني الحكومية في مدينة الضالع في 24 مارس وسط قتال عنيف مع تقدمهم باتجاه عدن، وفي25 مارس 2015م نقل الرئيس هادي إلى مكان آمن، فيما بات الحوثيون على بعد 30 كلم من عدن واستولوا على قاعدة العند الجوية وهي الأكبر في البلاد وفي المقابل، وتوجه الحوثيون نحو مرفأ المخا على البحر الأحمر الذي يفتح الطريق إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي.
سيطر الحوثيون على معظم محافظات الجمهورية خلال تلك الفترة، بالرغم من وجود ما يمكن تسميته “بإعاقة” في تلك المحافظات، لكنها لم ترقَ إلى مستوى إيقاف زحف تحالف الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق.
عاصفة الحزم
وفي 26 مارس 2015م السعودية تعلن بدء عملية (عاصفة الحزم) بشن ضربات جوية على معاقل يتمركز فيها الحوثيون، وتشارك في التحالف قوات خليجية من الإمارات والكويت وقطر والبحرين إضافة إلى مصر والأردن والسودان، وأعلنت الولايات المتحدة تقديم دعم لوجستي واستخباري.
غيرت قوات التحالف مسمى العمليات إلى “إعادة الأمل” في 21 ابريل/نيسان، واستمرت بقصف الحوثيين ومواقعهم، وانفجرت مخازن الأسلحة في عدد من المحافظات، وتكبد الحوثيون خسائر فادحة.
وعلى وقعً الضربات الجوية في البلاد تدور اشتباكات عنيفة بين الحوثيين والجيش السعودي على الحدود، استهدفت مدفعية الميدان وطيران القوات البرية المتمثل في مروحيات الأباتشي أرتالا وتحركات آليات ودبابات تابعة لمسلحي الحوثي في 28 مارس وذلك في المناطق المحاذية للحدود السعودية في منطقة نجران ومنطقة جازان، وفي 26 أبريل استهدفت الطائرات الحربية السعودية مواقع الحوثيين في محافظة صعدة، في حين أطلقت المدفعية السعودية قذافها على أهداف في محافظة حجة على طول الحدود البرية مع اليمن. وأعلنت الحكومة السعودية أن وحدات الحرس الوطني وصلت نجران بالقرب من الحدود مع اليمن. وفي نفس اليوم، شن مسلحون من داخل الحدود اليمنية هجوماً بقذائف الهاون على قوات حرس الحدود في منطقة نجران، وقتل في الهجوم جندي سعودي وأصيب 2 آخرين.
واندلعت اشتباكات فجر الجمعة 5 يونيو على الحدود اليمنية السعودية أستمرت لعشر ساعات، وصفت بالأعنف والأكبر منذ بدء العمليات العسكرية ضد الحوثيين التي تقودها السعودية، وقالت قناة العربية أن قوات الحرس الجمهوري اليمني والحوثيين شنوا هجوماً واسعاً على مختلف الاتجاهات في جازان ونجران، وزعم الحوثيون حتى أغسطس وسبتمبر السيطرة على معظم المناطق في المحافظتين السعوديتين.
المقاومة الشعبية
ومع ذلك استمر الحوثيون بالسيطرة على المدن في الجنوب، واستولى الحوثيون في 27 مارس على مدينة شقرة على بحر العرب، مطبقين بذلك الحصار الكامل على جميع مداخل عدن، وسط ضربات جوية لقوات التحالف.
وسيطرت المقاومة الشعبية في مدينة الضالع في 2 ابريل/نيسان 2015م فيما لا يزال القناصون الحوثيون في المدينة، وفي 4 أبريل، استولى الحوثيين على السجن المركزي في الضالع واطلقوا سراح 300 سجيناً، وأعطوهم الاختيار بين الانضمام إلى صفوفهم أو البقاء في السجن.
وليس على الفور تمكنت المقاومة الشعبية من تحرير المناطق من الحوثيين، وحتى أغسطس/ آب كانت معظم المحافظات ترزح تحت وطأة الحوثيين رغم وجود مقاومة في عدن حررت بعض المناطق وفي الضالع وفي تعز وشبوة، لكن الضربات الجوية لم تكن كافية، واستمر الوضع حتى شهر يوليو/ تموز.
بحلول 22 يوليو/تموز تمكنت المقاومة الشعبية من استعادة السيطرة الكاملة على عدن، وأعيد فتح مطار عدن الدولي، وفي 3 أغسطس/آب 2015 أعلنت المقاومة الشعبية، استعادة سيطرتها الكاملة على قاعدة العند الجوية، بعد حصارها لأسابيع، وبدأ الهجوم من منطقة جبلية غرب القاعدة، وبعدها بأسبوعين تم تحرير “الحوطة” عاصمة المحافظة.
في 9 أغسطس/آب استعادت المقاومة الشعبية السيطرة على محافظة الضالع، بعد اشتباكات أستمرت لأكثر من شهرين، وفي 15 أغسطس/آب استعادت المقاومة والجيش الوطني السيطرة على معظم محافظة شبوة، بما في ذلك عاصمتها عتق، بعد انسحاب قوات الحوثيين وحلفائهم من المنطقة.
وفي 18 أغسطس/آب قال قائد المقاومة الشعبية حمود المخلافي إن قوات المقاومة سيطرت على نحو 95% من تعز، وأنها تفرض حصاراً على القصر الجمهوري، مشيراً إلى أنه لم يتبق سوى المدخل الشرقي للمدينة وهو يمثل البوابة لمعسكر اللواء 22 مدرع.
وفي إقليم آزال شنت المقاومة هجمات نوعية على الحوثيين في عدة مناطق، من المحافظات التابعة للإقليم، ذمار وصعدة وعمران وصنعاء، وفي إقليم تهامة تشن هجمات نوعية على الحوثيين في المحافظات التابعة لها “الحديدة وحجة”.
وفي إب اندلعت مواجهات عنيفة مطلع أغسطس/آب وكبدت الحوثيين خسائر فادحة، وجرى طردهم من 13 مديرية، لكن ما لبث الحوثيون أن استعادوها لنقص الذخيرة.
في 30 أغسطس/ آب 2015 دخلت إلى محافظة مأرب من منفذ الوديعة الحدودي عشرات الدبابات من نوع إم1 أبرامز والعربات وناقلات الجند والأسلحة الثقيلة منها “راجمة الصواريخ جهنم” ومدافع، وطائرات أباتشي حطت في مطار مأرب وشوهدت منظومة دفاع جوي بانتسير-اس1 في مأرب.
وأخيراً أطلق الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية مع قوات التحالف العربي الأحد(13 سبتمبر) عملية برية واسعة النطاق ضد الحوثيين وقوات صالح في مأرب، بهدف استعادتها ومن ثم التحرك نحو صنعاء التي استولى عليها الحوثيون العام الماضي.