الفرصة سانحة أمام المؤتمر لترتيب أوراقه السياسية بعيدًا عن هيمنة أشخاص، فهل يستطيع المؤتمر كسر القاعدة التي تقول إن “الطبع غلب التطبع”، وأن يُجرب الحياة خارج ظل الرئيس أو الاسرة الحاكمة؟!
أمام حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن فرصة كبيرة ينبغي عليه استثمارها، وهي إعادة بناء لُحمته التي مزقتها الأحداث الأخيرة، بدءاً من التورط في التحالف مع جماعة الحوثي المسلحة للسيطرة على مؤسسات الدولة في 21 أيلول الأسود 2014، وما تلاها من أحداث جِسام.
هناك جناح كانت مواقفه ثابتة منذ اطلاق الرصاصة الأولى على العاصمة صنعاء، انحاز بعدها للشرعية ممثلةً بالرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة، فيما تمسك آخرون، بينهم قادة بارزون في الحزب، بـ”الزعيم” علي عبدالله صالح، الرئيس السابق الذي قتله حلفاؤه الحوثيون أوائل ديسمبر من العام الماضي؛ انشطر بعدها الجناح إلى قسمين، قسم بقي في صنعاء تحت حكم الحوثيين، وفرّ آخرون بينهم نجل شقيقه طارق، القائد العسكري الذي يقاتل الحوثيين حاليًا في الساحل الغربي، ولا يُفصح عن موقفه من السياسة، خاصةً فيما يتعلق بشرعية هادي التي كانوا لا يعترفون بها.
اليوم تبذل مؤسسة الرئاسة جهودًا كبيرة للملمة المؤتمر وانتزاعه من “حالة الشتات” التي وصفه بها “هادي” خلال لقاء قيادات مؤتمرية في العاصمة المصرية القاهرة مؤخرًا، فهل ينتهز المؤتمريون هذه الفرصة؟
لا أحد ينكر دور المؤتمر الشعبي العام كحزب جماهيري عريض، لكنه اُختطف من قبل أشخاص وصودرت إرادته، وهو ما عطّل فاعليته وأساء إلى صورته في أذهان الجماهير باعتباره حزبًا وطنيًا غير قائم على أيدولوجيا معينة.
عودة المؤتمر إلى مساره الوطني تخدم الجميع، وتنعش الحياة السياسية، وغياب الأحزاب الفاعلة عن الساحة هي فرصة مجانية لنشوء الجماعات المسلحة ذات النزعات المتطرفة والعدائية وغير القابلة للتعايش.
لكن الواضح أن الحزب الذي عاش في كنف السلطة منذ نشأته في 1982 ليس بوسعه الاستمرار على قيد الحياة موحدًا إلا داخل “حلباب الرئيس”، فحين انهار نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح على إثر الاحتجاجات الشعبية في 2011، واجه الحزب واقعًا جديدًا، حاول خلاله التراجع إلى صفوف “المعارضة” لكنه فشل بسبب حصته في حكومة الوفاق حينذاك؛ كما هو الحال اليوم في حكومة بن دغر التي يستولي على معظم حقائبها الوزارية.
الفرصة سانحة أمام المؤتمر لترتيب أوراقه السياسية بعيدًا عن هيمنة أشخاص، فهل يستطيع المؤتمر كسر القاعدة التي تقول إن “الطبع غلب التطبع”، وأن يُجرب الحياة خارج ظل الرئيس أو الاسرة الحاكمة؟!