كتابات خاصة

باب الحرية أحمر!

محمد الدبعي

ثورات الربيع العربي نعمة منّ بها الله علينا لتصحو الأمة وتتباين، ويميز الخبيث من الطيب، وبالتضحيات الجسيمة والدماء فقط تنهض الأمم وتبنى الدول.

قصتنا مع الأمل بدأت مع أول شرارة نار بائع الفاكهة المتجول الكادح التونسي محمد البوعزيزي، فانطلقت معه موجة من التفاؤل بقرب انتهاء الأنظمة الاستبدادية والخلاص من رؤوسها.
((جريدة النيويورك تايمز نشرت في 2016 تقريرا بعنوان (منجزات الربيع العربي)، الذي منحنا بصيص أمل نحو التغيير والديمقراطية، مفاد التقرير: تدمير أربع دول عربية هي: ليبيا، والعراق، وسوريا، واليمن، 14 مليون لاجىء، 8 مليون نازح، 30 مليون عاطل عن العمل، 1.4 مليون قتيل وجريح، 900 مليار دولار دمار بنية تحتية، 640 مليار سنويا خسارة في الناتج المحلي للدول العربية، 500 مليار تكلفة اللاجئين، تريليون و200 مليار تكلفة الفساد في الدول العربية، 14.5 مليون طفل لم يلتحقوا بالمدارس والسبب الربيع العربي، 70 مليون عربي تحت خط الفقر، منذ 2011 الى اليوم يزيد عدد الفقراء كل سنة 60% في الدول العربية.))
صبغت الجريدة الربيع العربي بالسواد، والهدف منه طبعا إرهابنا وإقناعنا أن الربيع العربي شر محض فلا ننتفض على أسيادنا المستبدين بأقواتنا وحياتنا وثرواتنا، ويكأننا كنا نرزح في النعيم المطلق تحت حكمهم، وكأن لا هناك عاطلون عن العمل، ولا سجناء رأي ولا قتلى وموتى ومغيبون، ولا مرضى ولا فقراء، ولا نازحون أو مشردون، أو كأننا كنا نعيش عصر النهضة التركي، وأن أبناءنا قد وصلوا أعلى مراتب التعليم …ووو.
الربيع العربي في الحقيقة ما هو إلا بداية للتحرر من الرهاب النفسي والفكري الذي نعانيه من الأنظمة القسرية، لكن هذا لا يعني بحال الإنتقال الميكانيكي أو التلقائي السلس للبناء الديموقراطي. فقد خاضت اوروبا والغرب حربا طاحنة (العالمية الثانية) راح ضحيتها أكثر من عشرة ملايين شخص، وصرفت عليها تريليونات العالم، وثارت رومانيا على الطاغية تشاوتشيسكو، واوكرانيا في ثورتها البرتقالية وغيرها من الدول، ثم ماذا؟ نهضت هذه الدول بعدها وبنت مجدها.
مع الثورات تكون التضحيات، المهم في ثوراتنا هو التحول النوعي في إرادتنا ووعينا كأمة أنه لا عودة عن الثورة مهما طالت فترات الانتقال أو تعثرت أو حتى تراجعت وانتصرت مؤقتاً قوى الثورة المضادة.
ولا ننس ولا يمكن أن ننسى انها أطاحت برؤوس أربعة مجرمين، وأدت إلى تعديلات دستورية مهمة في هذه البلدان إضافة إلى المغرب والأردن، وأفزعت من تبقى منهم.
ثورات الربيع العربي نعمة منّ بها الله علينا لتصحو الأمة وتتباين، ويميز الخبيث من الطيب، وبالتضحيات الجسيمة والدماء فقط تنهض الأمم وتبنى الدول.
فإن استمرينا نسمع لمثل هؤلاء الناعقين والعملاء العرب والمحللين الأجانب الذين يملون علينا إرادتهم ويريدوننا أن نصدقهم بأن الحياة ليست إلا لقمة عيش هنية ومكانا آمنا نسكن فيه، فسنظل في دبر التأريخ!
لقد صحت شعوبنا بفعل هذه الثورات، وما بعدها لن يكون مثل ما قبلها، ولن يفلحوا في تركيع شعوب خرجت من طوقها بتنصيب عملاء جدد عليها.
وللحرية الحمرآء باب ** بكل يد مضرجة يدق
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى