يتذكر اليمنيون والعرب أن ميلاد الجمهورية الأولى في اليمن كان عسيراً، ولم يكن الطريق إليه مفروشاً بالورود، بل كلف العرب كثيراً من الدم والمال.
يتذكر اليمنيون والعرب أن ميلاد الجمهورية الأولى في اليمن كان عسيراً، ولم يكن الطريق إليه مفروشاً بالورود، بل كلف العرب كثيراً من الدم والمال.
ساعد العرب تلك الجمهورية الوليدة فيما بعد على البقاء، وبعد رحيل المستعمر تهيأ المناخ لميلاد جمهورية ثانية في عدن.
في العام 1990م ولدت الجمهورية الثالثة، “الجمهورية اليمنية” بصيغتها الحالية، وخلال تاريخ الجمهوريات الثلاث، مرت اليمن بأحداث عاصفة ومؤلمة، لكن اليمن لم يحقق الكثير؛ لا على المستوى السياسي أو الاقتصادي، بل ظل محاطاً بالفقر والجوع وتعثر التنمية ومهدداً بالعطش. وبعد كل هذا التاريخ الطويل اكتشف اليمنيون ومعهم إخوانهم العرب والمجتمع الدولي أن الجمهورية الموحدة حديثاً، تحولت إلى إقطاعية تسير نحو الفشل، وبعد أن انتفض الشارع في وجه السلطة الإقطاعية في العام 2011م، حضر العرب وعرب الخليج وفي المقدمة السعودية مرة أخرى في محاولة لإنقاذ الوضع عبر المبادرة الخليجية، ورعوا أطول حوار في تاريخ اليمن، حيث استمر ما يقارب العام، شمل كل الطيف السياسي اليمني.
كانت التصورات التي خرج بها الحوار الوطني جيدة، وتحمل في طياتها مشروع تحول يضمن الكثير من الحقوق لليمنيين، ويعتمد توزيع الثروة والسلطة عبر نظام الأقاليم.
وفيما كان الحوار يجري في واحد من أفخم فنادق العاصمة “موفنبيك”، بحضور ممثلين عن القوى الانقلابية، كانت هذه القوى تبيت النية للانقضاض على الدولة بكافة مؤسساتها، رافضة أي إصلاحات سياسية لصالح اليمنيين، وضاربةً آمالهم عرض الحائط؛ وبدأت ترتب تحالف وقح مع قوى الشر في “طهران”، ولم تعبأ بأمن الجوار العربي الخليجي، متجاوزة التاريخ والجغرافيا والنسيج الاجتماعي المتداخل لشعوب الجزيرة العربية، وغير آبهة بمصالح الشعب اليمني متجاوزة كل الأعراف وكسر وشائج القربى.
أقفل هذا التحالف الشرير كل الأبواب، ولم يعد لدى دول الجوار العربي أي خيار في ظل طلب قيادة اليمن الشرعية النجدة من إخوانهم في الجوار غير التدخل العسكري بغض الطرف عن الظروف السياسية والمسميات، نجد أن التدخل العربي الثاني المكون من معظم الدول العربية الفاعلة تحت (عاصفة الحزم) قد تسبب فيه نفس الفكر الكهنوتي المتحجر، والقائم على الاستعلاء الذي واجهه التدخل العربي المصري في ستينيات القرن الماضي، ليكتشف العرب بعد أكثر من نصف قرن أن الزاوية الجنوبية الغربية لشبه جزيرة العرب لم تتأثر بالتغييرات وظلت تعاني من حالة انفصام وعدم القدرة على الاندماج في محيطها وجوارها السياسي.
جاءت “عاصفة الحزم” وهي عنوان التدخل العربي الثاني، لتمنع الوصول إلى الحالة السورية ونشوء كيانات متطرفة كل منها يغذي الآخر ويمنحه البقاء.
إن استعادة اليمن وانتشاله من الوضع الراهن ووضع الأسس لميلاد جمهورية رابعة هي مهمة في غاية الصعوبة، إذ الجمهورية الرابعة القادمة هي حلم اليمنيين، والذي تمثل في مخرجات الحوار الوطني، والوصول إلى دولة المواطنة وسيادة القانون.
لقد قطع التحالف العربي شوطاً كبيراً لإنجاز هذه المهمة الصعبة والشاقة، وهناك انسجام تام بين القوى الوطنية والتحالف العربي تمثل ذلك بالشراكة على الأرض والقتال جنباً إلى جنب لاستعادة اليمن من خاطفيه.
وتعتبر عودة الحكومة الشرعية ونائب الرئيس رئيس الحكومة “خالد بحاح” إلى عدن وممارسة مهامها فوق التراب اليمني، بعج أن كان ينظر في الأمس القريب إلى ذلك بأنه من المستحيلات، يعطي دليلاً قاطعاً على تصميم التحالف العربي واليمنيين على مواصلة المشوار، ليس فقط من أجل استعادة الدولة، بل وإعادة ترتيبها بشكل صحيح، يضمن استقرار دائم في هذا الركن الهام من جزيرة العرب.