غير أن راقصتي غير راقصة احسان.. ولا السياسي هو السياسي ذاته.
والعنوان -كما يعرف عديدون- لروايةٍ من نسيج قلم جنتلمان الرواية العربية احسان عبدالقدوس، ثم لشريطٍ سينمائي مأخوذ عن الرواية ذاتها.
غير أن راقصتي غير راقصة احسان.. ولا السياسي هو السياسي ذاته.
راقصتي هي تلك الدمية المتوحشة، أو القطة المستذئبة.. أجمل وأغنج وأشهى أنثى في الكون.. لا تفتأ تشرع في احتضانها وتقبيلها، حتى تنسلّ إليك من عينيها كل شرور الدنيا، ومن شفتيها جميع سموم العالم!
وأنت تعشقها من النظرة الأولى، أو من القطرة الأولى، ثم لا تستطيع منها فكاكاً، حتى تتهافت تحت قدميها حطاماً منثوراً، في الحقيقة لا المجاز.
فكم من عاشقٍ أطاحت به هذه المعشوقة الجبارة، على مدار الزمان.. مُبدّلةً نعيمه جحيماً، وربيعه خريفاً، وليله رابعة نهار أكثر ضراوة من ناصفة آب.
وما انفكّ صديقي وأستاذي الدكتور عبدالعزيز المقالح يلومني منتقداً لأنني وقعت في هوى هذه الراقصة اللعوب، فكان من ناتج هذه العلاقة سيئة الصيت أنْ مهنتُ الصحافة فأمتهنتُ الشعر، مُندسّاً في صوف الكتابة السياسية، مُنسلخاً عن حرير الابداع الأدبي. وله في ذلك كل الحق. غير أن الغواية كانت أقوى سطوعاً من شمس حزيران، وأشدّ دفئاً من بُردة المغول!
وثمة من كانت حاله أشدّ وطأة من حالي. فإذا كنتُ قد خلصت من شوك هذه العلاقة ببعض مسامات جلدي، فإن سواي لم يسعفه حظه السيء من الافلات بمسامٍ خالٍ من ميسم. فهو لم يستطع -جراء تورطه في هذه العلاقة- أن يحتفظ لنفسه بشيء من قدرة على كتابة أو حتى قراءة.. فقد أحاط به الرماد من كل جانب، فلم تبقَ فيه جذوة واحدة مُتّقدة.
إن كل راقصات السامبا والرومبا والتانجو والفالس والتشاتشا تتضاءل براءةً وبساطةً وسلاسة قُبالة فداحة هذه الراقصة الفاسقة، وقاكم الله شرور شراستها وسموم شراهتها وجعل غوايتها لكم برداً وسلاماً.
قل لعنها الله وقاتَلها في كل شكل ولون ونمط. فلم يعرف التاريخ فراشاً أكثر حُرمة من فراشها، ولا رداءً أكشف عورة من ردائها، ولا أخلاقاً أحطّ مرتبة من أخلاقها.
واعرفوا أن كل من عشقَها قد خسر قدراً كبيراً من طهارته الوجدانية وسلامته الذهنية وصفاته الانسانية.
فمن كان منكم بمنأى عن أحضان السياسة، فليرمها بألف حجر مُسنّن وملتهب.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.