اخترنا لكمتقاريرغير مصنف

بعد أكثر من نصف عام على مقتله.. كيف يمحو الحوثيون ملامح “صالح”؟

تقرير يسرد محو الحوثيين لكل التفاصيل الدقيقة التي تُذكر الناس بصالح يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:
لم يعد للرئيس اليمني الراحل ذِكر في المحافظات التي كانت حاضنة لشعبيته الكبيرة، قام الحوثيون بإلغاء ومحو كل ما يمكن أن يُذّكر السكان في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم بـ”علي عبدالله صالح”.
كانت صور “صالح” تنتشر في معظم السيارات وواجهات المنازل والشوارع والمحلات التجارية، وكان شعار حزبه “المؤتمر الشعبي العام” (الخيل) يوزع على هيئة أعلام وملصقات، لكن بعد مقتله على يد الحوثيين في ديسمبر/كانون الأول2017 عقب مواجهات دامية بين الحلفيين في الحرب والسياسة، لن تجد صورة لـ”صالح”.
في محل حلاقة في حي الجامعة بصنعاء كانت صور صالح تغطي الواجهة الرئيسية، منذ عام 2011م، إبان الثَّورة الشعبية التي أسقطت نظامه، لكنها اختفت الآن، لقز تم محوها بالكامل، في زاوية المحل التجاري توجد صورة صغيرة قد خُدش وجه “صالح” ونجله الأكبر “أحمد” الموجود في الإمارات.
 
تغيير كل ما يشير لـ”صالح”
قال مالك المحل لـ”يمن مونيتور”، إنه ما يزال موالياً لـ”صالح” ونجله، وأن دورية “طقم” للحوثيين جاءه مطلع العام، وقام بقلع ما تبقى من الصور الصغيرة، حتى تلك التي لم يستطيعوا قلعها قاموا بخدشها بأسلحتهم.
وأضاف أن الحوثيين يديرون الآن السلطة “لم يسبق أن حدث هذا هنا حتى بعد سقوط نظام صالح، كنت أُعلق صوره بكل حرية رغم الاعتراضات، هؤلاء سيقتلونني إذا لم أنفذ ما يطلبون”.
يظهر السكان في صنعاء بالذات أولئك المؤيدين لـ”صالح” غاضبين من سياسات الحوثيين وإقصائهم حتى من قبل مقتل “صالح”، فخلال المعارك التي استمرت أياماً جنوب العاصمة بين الجماعة وحراسة صالح، اعتقل الحوثيون الآلاف من أنصاره في صنعاء وأُفرج عن معظمهم بعد أسابيع من مقتله.
يتكرر الأمر في حافلة للركاب في الطريق إلى باب اليمن، كانت صورة تم محوها بالكامل ولم يتبقَ إلا اسم “الزعيم علي عبدالله صالح”، وعلى الباب الرئيسي لنزول الركاب كان هناك صور قتلى الجماعة، قال سائق الحافلة لمراسل “يمن مونيتور”: ليس مهم أن يخدشوا صورته؛ قتلوا الآلاف وصالح واحد منهم. لافتاً إلى أن القتلى في باب حافلته هم “أنصار” سابقين لـ”صالح” قاتلوا مع الحوثيين فقتلوا.
 
صحيفة الميثاق
تكشف هذه التحولات تعقيدات الحرب في اليمن، حيث بدّل كثير من زعماء حزب صالح ولاءهم لجماعة الحوثيين بعد مقتله؛ بعد أكثر من شهر على مقتل “صالح” تم تعيين هيئة جديدة لرئاسة الحزب برئاسة صادق أمين أبو راس، وهو ما مثل شرخاً في الحزب التابع لـ”صالح” الذي كان قد تعرض بالفعل لشرخ عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء وترأس عبدربه منصور هادي (الرئيس اليمني) رئاسة الحزب بعد مؤتمر في الرياض عام 2015. ينفي الحزب حدوث شرخ جديد بداخله.
صحيفة “الميثاق” الناطقة باسم الحزب وبعد أكثر من شهر على مقتل صالح، عاودت الظهور بتعزية لمقتل “صالح” واستمرت في عدة اصدارات (أسبوعية) لاحقة تظهر “إضاءة صالح” التي تنشر مقولات لـ”صالح” قَبل وبَعد ترأسه اليمن (استمر 33 عاماً).
في عددها الصادر يوم الاثنين (23 يوليو/تموز) ظهرت الصحيفة على غير عادتها، فقد تم استبدال “من الذاكرة” وهي عبارات تمجد “صالح” أو مقولات له، بعبارات من الميثاق الوطني للحزب، “إن التعصب الأعمى لا يثير إلا الشر، وإن محاولات أية فئة متعصبة للقضاء على الآخرين أو إخضاعهم بالقوة قد فشلت عبر تاريخ اليمن بأكمله…”.
وفي صدر الصفحة الأولى نشرت عناوين مقابلة مع من أسمته “السياسي المفكر” عبدالجبار سعد يدعو أعضاء حزب المؤتمر إلى الالتفاف خلف “القيادة الشرعية” برئاسة أبو راس”. ولم تٌشر الصحيفة في أي من صفحاتها إلى “صالح” أو لصفته الدائمة التي كانت تتناولها “الزعيم”.
في الصفحة الأخيرة والتي كان الجزء العلوي منها مخصص لعبارات “صالح” تظهر صورة “أبو راس” مكتوب بجوارها: “المؤتمر يمرض لكن لا يموت -فيصل أمين أبو راس رئيس المؤتمر الشعبي العام”.
الموقع الرسمي للصحيفة “الميثاق نت” أوقف نشر الأعداد منذ مقتل صالح، وكان العدد الأخير في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، على الرغم من أن الصحيفة الورقية عاودت النشر بعد أسابيع قليلة من مقتل الرجل، وتحتفظ واجهته الرئيسية بصورة لـ”صالح” مكتوب عليها “حكيم اليمن”.
 
صور الصماد
يبدو أن جماعة الحوثي التي أزالت صور صالح بشكل كامل من العاصمة، خلقت زعيماً جديداً لها قُتل بغارة جوية للتحالف في ابريل/نيسان 2018 وهو رئيس ما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى”، صالح الصماد، وتظهر صور “الصماد” في معظم أحياء ومباني ومحلات العاصمة إضافة إلى اللوحات الإعلانية الكبرى.
وتحتفي الجماعة بمقولات له تُمجد مواجهة الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي الذي يقاتل الحوثيين منذ مارس/ آذار 2015، لتبدو العاصمة تحت سيطرة كاملة للجماعة المسلحة، فيما تختفي آثار صالح ورجال حكمه وحزبه تماماً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى