اليمن.. موسيقى رغم الرصاص
في إحدى زوايا استديوهات البيت اليمني للموسيقى تحرص الطفلة أسماء الأسعدي (12عاماً) على قضاء يومياتها مع عازف الكمان وآلة البيانو بعيداً عن كل أصوات الحرب وقصف الغارات الجوية في صنعاء.
العربي الجديد
في إحدى زوايا استديوهات البيت اليمني للموسيقى تحرص الطفلة أسماء الأسعدي (12عاماً) على قضاء يومياتها مع عازف الكمان وآلة البيانو بعيداً عن كل أصوات الحرب وقصف الغارات الجوية في صنعاء.
وبمجرد إعلان فؤاد الشرجبي رئيس البيت اليمني للموسيقى برنامج إعادة فتح البيت والذي اضطر لإغلاقه لأول مرة منذ تأسيسه في العام 2007 بسبب الحرب الحالية تفاجأ بتجاوب شريحة كبيرة من أولياء الأمور والذين سارعوا لاصطحاب أطفالهم وتسجيلهم لتعلم الموسيقى من جديد.
“جميع الشباب والأطفال والأسر قرروا عدم السماح لتفاصيل يوميات الحرب أن تغلق الحياة في وجوههم مرة واحدة” يقول الشرجبي في حديث خاص للعربي الجديد ويؤكد أن الحالة النفسية الانطوائية والقلقة بدأت تتلاشى وتتحول الى انسجام وتفاعل إيجابي عند الأطفال والشباب الذين يرتادون البيت.
رحيل معظم الفنانين اليمنيين وإغلاق الاستديوهات الصوتية والمرئية من قبل الحوثيين لم يمنع الشرجبي من التوقف عن نشاطاته الفنية، حيث قام بعمل فعاليات موسيقية وغنائية وترفيهية للأطفال وللأسر النازحة في مراكز الإيواء والمدارس في محاولة لإخراجهم من المعاناة والعزلة التي يعيشونها وتهذيب أرواحهم بالموسيقى.
يركز بيت الموسيقى على تعليم الأطفال ألحان العديد من الأغاني الداعية إلى المحبة والسلام ونبذ الفرقة والتعصب والعنف والاهتمام بالأغاني الوطنية ونسيان مخاوف القصف.
منذ بدء الحرب في اليمن عموماً قبل قرابة ستة أشهر تدهورت الحركة الفنية وانتشر الزامل (نوع من غناء القبائل والبدو في اليمن) الذي يدعو إلى الحرب والجهاد وبث الحماس في نفوس اليمنيين.
“البيت اليمني للموسيقى” وهو الذي قام الشرجبي بتأسيسه خصيصاً لرصد وتوثيق الأغنية اليمنية والتراث الموسيقي في البلاد والحفاظ عليه واستطاع أن يوثق ما يقارب أكثر من 46 ألف أغنية، لكنه منذ شهور لم يتم توثيق صدور أية أغان جديدة بسبب ظروف الحرب، التي أدت بكثير من الفنانين والمثقفين والموهوبين إلى السفر خارج البلاد.
المجتمع اليمني يعاني ضعفاً في الثقافة الموسيقية، ومن هنا توجد مساحة كبيرة لأي فكرة تساعد على عمل دورات في العزف وهو ما استفاد منه طلاب البيت، وكل من يرغب بدراسة الموسيقى بشكل علمي خصوصاً وهو الذي يمتلك أكبر قاعدة بيانات فنية.
بنبرة ممزوجة بالوجع يقول الشرجبي “لقد قررنا رغم كل هذا أن نبدأ التحدي ونعيد الدراسة والنشاط ونشجع الناس إلى العودة للحياة والخروج من الاكتئاب والعزلة وإيجاد متنفس للأطفال والشباب وخلق جو من الانشغال بالتميز والإبداع لإسعاد الآخرين ومن أجل ان يتناسوا أصوات الرصاص والمدافع وقصف الصواريخ وأزيز الطائرات”.
“حتماً سينتصر الحب والسلام ويعم الفرح أرجاء اليمن أول البلدان الحاضنة الإنسانية في العالم”، يؤكد لنا في النهاية رئيس اليمني للموسيقى، ويضيف سنعود من جديد لتوثيق الأغنية اليمنية الزراعية، وأغاني الإنشاد الصوفي، والبحر والصيادين، وأغاني الأمهات وهدهدات الأطفال، وأغاني العمل، ومعزوفات الأفراح، وأناشيد زومال البدو الرحل.