من يقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة بمحافظة عدن جنوب اليمن؟
نفْيُ تنظيم القاعدة في اليمن صلته بعمليات الاغتيال التي طالت قيادات في المقاومة الشعبية ورجال أمن، مؤخراً، بمحافظة عدن، جنوب اليمن، واتهامه جهات لم يسمها بالوقوف وراء تلك العمليات؛ لغرض خلط الأوراق، يخلط الأوراق فعلاً. يمن مونيتور/ خاص/ من محمد مراد
نفْيُ تنظيم القاعدة في اليمن صلته بعمليات الاغتيال التي طالت قيادات في المقاومة الشعبية ورجال أمن، مؤخراً، بمحافظة عدن، جنوب اليمن، واتهامه جهات لم يسمها بالوقوف وراء تلك العمليات؛ لغرض خلط الأوراق، يخلط الأوراق فعلاً.
فحين ينفي “تنظيم القاعدة” صلته بتلك العمليات، ولا يعلن “تنظيم الدولة الإسلامية” مسئوليته عنها، تصبح أهم جهتين يمكن أن توجه لهما تهمة الوقوف وراء مثل هذا النوع من عمليات الاغتيال، غير مستهدفتين بتساؤل مهم كهذا: “من يقف وراء تلك العمليات؟”، لذا تتضاءل فُرص الحصول على إجابة مقنعة له.
تفسير القاعدة
تنظيم القاعدة الذي يعتقد أن مشاركته في الحرب على جماعة الحوثي بجنوب اليمن قد ساهمت في خلق حالة من الود بينه وبين أبناء الجنوب، كما يُمكن أن يُفهم من بيان النفي، يذهب إلى أنه المستهدف الرئيس، وغير المباشر، بتلك العمليات، لذا قال التنظيم إن هناك من يريد أن يُوقع بينه وبين أبناء الجنوب من خلال القيام بمثل هذه العمليات وإلصاق التهمة به، أي أن “الحرب على الإرهاب” هي التي تقف وراء عمليات الاغتيال وليس “الإرهاب”.
على أن هذا التفسير، الذي يَفترض وقوف جهات استخباراتية وراء تلك العمليات، في سياق الحرب على الإرهاب، يستبعد جهتين وجهت لهما تهمة الوقوف وراءها.
“الحوثي” و”صالح”
ولا يخفى أن جماعة الحوثي، وبدعم ومشاركة من قوات الرئيس المخلوع، “علي عبدالله صالح”، اكتسحت الجنوب عسكرياً بذريعة الحرب على تنظيم “القاعدة” و”داعش”، وهي الذريعة التي رافقت توسع الجماعة العسكري منذ البداية في أكثر من منطقة يمنية.
وليس من مصلحة جماعة الحوثي و”صالح” أن تشهد المحافظات الجنوبية استقراراً بعد خروجهما منها، وقد تعمل هاتان الجهتان عبر خلايا نائمة تابعة لهما، ولاءً أو ارتزاقا، على إقلاق الوضع الأمني في الجنوب، وفي محافظة عدن تحديدًا، من خلال القيام بمثل هذه العمليات.
وربما تجد جماعة الحوثي و”صالح” في تقاطع مصالحهما مع مصالح بعض الجنوبيين المستاءين من الحضور البارز لحزب الإصلاح في المشهد الجنوبي، ثغرة تعود من خلالها لإقلاق الوضع الأمني على هذا النحو، وللحيلولة دون تحول الجنوب إلى نموذج يستهوي أبناء المحافظات الواقعة تحت سيطرتهما في وسط اليمن وشماله.
ما يعني أن هذه العمليات قد تكون فصلاً من فصول المعركة الدائرة بين جماعة الحوثي وقوات صالح من جهة وبين التحالف العربي وحلفائه في الداخل اليمني من جهة أخرى، فعدم استتباب الأمن في المناطق المحررة يُفرغ التحرير من مضمونه، والعكس يعني العكس تماما.
غير أن هذا يبقى مجرد تحليل، يربط بين عمليات الاغتيال والجهات المستفيدة منها، بغض النظر عن قدرة تلك الجهات على القيام بها أو عن استفادتها، بهذا الشكل، من آخرين يقومون بها لحسابات أخرى.
تنظيم الدولة
وتجدر الإشارة هنا إلى أن عدم تبني “تنظيم الدولة الإسلامية” لتلك العمليات لا يعني بالضرورة عدم صلته بها، رغم مسارعته إلى تبني العمليات التي يقف خلفها، كتلك التي استهدفت عدداً من المساجد في العاصمة صنعاء، فللتبني وعدم التبني حساباتهما أيضاً.
ومن الدلائل التي تُبقي “تنظيم الدولة” فاعلا محتملا، وإن بنسبة ضئيلة، تزامن تلك العمليات مع توزيع منشورات دعت أبناء محافظة عدن إلى عدم الانخراط في صفوف قوات الشرطة كان نصها: “لا تكن شرطياً معهم”، حيث عُرف عن “التنظيم” التواصل مع الناس من خلال مثل هذه المنشورات، وفي الآونة الأخيرة وزع التنظيم، وبشكل شبه علني، منشورات تعرِّف الناس بمنهج وعقيدة الدولة الإسلامية.
غير أن مصادر مقربة من “تنظيم الدولة” نفت لـ”يمن مونيتور” أية صلة للتنظيم بتلك العمليات، ونفي هذه المصادر، بالإضافة إلى عدم تبني التنظيم، يُرجِّح عدم صلته بها.
في السياق
ومن المرجح أن تأتي المحاولة الفاشلة لاغتيال محافظ عدن السابق، نايف البكري، في هذا السياق، وإن وضعتها كثير من وسائل الإعلام الحريصة على إظهار الوضع في عدن بشكل أفضل، في سياق عرضي غير مقصود، فالحديث هنا عن محافظ، وعن قائد مقاومة، وقبل ذلك عن شخص محسوب على حزب الإصلاح.
ويمكن الربط بين محاولة اغتيال “البكري” وبين المطالبة بإقالته، لأن الهدف قد يكون واحداً: “تصفية أو إبعاد الأشخاص المحسوبين على مشروع الوحدة اليمنية في الجنوب”، خصوصا في ظل إصرار التحالف على بقاء اليمن موحدًا، وشروعه بترتيب الوضع في الجنوب على هذا الأساس، وشروع قوى في الجنوب بترتيب الوضع بناء على موقفها الرافض للوحدة.
ويبدو أن علاقة مشروع الانفصال بعمليات الاغتيال الأخيرة في عدن أكثر منطقية، خصوصا بعد نفي “القاعدة” ونفي مصادر مقربة من “تنظيم الدولة” صلة التنظيمين بتلك العمليات.
الأكيد الوحيد
وما يبقى مؤكدا حتى اللحظة، هو عدم صلة “تنظيم القاعدة” بعمليات الاغتيال الأخيرة في محافظة عدن، لنفيه ذلك، ولم يعرف عن “التنظيم” أنه تبنى ما لا صلة له به، أو نفى ما له به صلة.