انجذاب إلى الهواء المكور المستدير، انجذاب إلى حسناوات المدرجات، وانجذاب أشد إلى المنصة الرئيسية حيث تقف كاليندا رئيسة كرواتيا.
ذهب كأس العالم، من ليلة العيد ونحن منشغلين به، الآن وقد انتهى لا نعرف أين نذهب؟ سنعود إلى ما كنا عليه، سنعود إلى جحيم الفوضى الضاجة، إلى المهاترات، إلى السياسة، إلى الحرب والقتل والاغتصاب.
اتفقنا كما لم نتفق من قبل، واجتمعنا من قرى مختلفة بين مديريتين، تعمقت الألفة والمزاح والضحك، تباينت الأرواح رغم اختلاف الأذواق في التشجيع، أطلق الرصاص من أطلق في الجو ابتهاجًا بفوز الفريق الذي شجعه، تداعيات الفوز والخسارة لم تثر الضغينة بين المشجعين، تحولت كل ساعاتنا إلى رياضة.
انجذاب إلى الهواء المكور المستدير، انجذاب إلى حسناوات المدرجات، وانجذاب أشد إلى المنصة الرئيسية حيث تقف كاليندا رئيسة كرواتيا.
منذ الظهيرة نبدأ بالتحليلات، نطلق التخمينات الحماسية، نتحدث عن اللاعبين، عن أدائهم، عن حياتهم، كان لوكاكو لا يجد الخبز، نتحدث عن أرقام من لا نعرف، اللاعب رقم 17 تألق مع كولومبيا، أو رقم 11، نتفق أنه الأسمر أبو قعشة، ونتراهن على قنينة ماء على رقم قميصه.
نسينا الحرب، لم نعرف إن كان المبعوث الأممي قد زار اليمن أو لا، واستقبله عبدالملك الحوثي أم لا؟ لابد أن أطراف الحرب انشغلت بأشرف المعارك السلمية وأطهرها على المستطيل الأخضر: مباريات كرة القدم! معركة ولكن تحكمها القوانين.
أثناء ما ينطق المعلق باسم عربي داخل منتخب أوروبي؛ نبتهج من الداخل، يتدافع الخيال في تلافيف الرأس، كل يفكر بالهجرة علّه يجد اسمه ذات يوم على ألسنة الجماهير وبخزينته الملايين كما وجد لوكاكو الخبز واللحم.
لقد انفض الجمع الآن.. البيت الواسع الذي كان يجمعنا تم إغلاقه.. سنعود إلى جحيم الحرب وهوامشها المؤلمة.. اغتصاب وقتل، معتقلات سرية، أصدقاء في أقبية مجهولة، المبعوث الأممي يعلن عن إشارات لوجود حل، المنظمات تعلن عن مجاعة، فقر مدقع، الوادعي يخوض حربه الفكرية البلهاء مع القات، يتعقل قيادي وتهدأ تصريحاته، يظهر قيادي جديد يتحدث عن الخمارات، سنشاهد أبو اليمامة يتحدث عن طارق صالح أما المؤتمريون فيقعون في ورطة الرد، يحتارون دائمًا ليعودوا إلى مشجب الثورة: أنتم رحبتم بالحوثيين في الساحات..
نلتقي لنغيض بعضنا..
يتنامى السوء كلما اشتدت الجحيم، ذهبت الكأس التي أطفأتها شهرًا.
ليت كل الأيام كأس عالم..
مابوش بطولة قريب يا ناس؟
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.