كتابات خاصة

ثقافة الفساد والتوظيف

أحمد ناصر حميدان

 للنظام السابق محاسن، تهدر في مساوءه، محاسنه في النظم والقوانين والتشريعات، التي لا تجد طريقاً للتنفيذ العملي على الأرض، وان وجدت طريقها للتنفيذ لابد لها من ثغرات يخترقها الفاسدون، أو تحايل وشطارة لهدر جوهر وفائدة  تلك النظم والقوانين.

 للنظام السابق محاسن، تهدر في مساوءه، محاسنه في النظم والقوانين والتشريعات، التي لا تجد طريقاً للتنفيذ العملي على الأرض، وان وجدت طريقها للتنفيذ لابد لها من ثغرات يخترقها الفاسدون، أو تحايل وشطارة لهدر جوهر وفائدة  تلك النظم والقوانين.

كان خير للجميع التوظيف وفق معايير ومقاييس وزارة العمل والخدمة المدنية، وسجل الانتظار، رغم شحت الوظائف، وطول أمد فترة التسجيل والانتظار، لكنها ظاهرة ترسخ العدل والإنصاف والخضوع للنظم والقوانين، ظاهر حضارية تؤسس لثقافة احترام النظم وحقوق الآخرين، وتزرع في المجتمع تلك الروح الرافضة للتحايل والشطارة والمحسوبية والأنانية روح إفساد المجتمع سياسيا وثقافيا.
ظاهرة استجاب لها معظم فئات المجتمع، ما عدا حثالة ممن تعفنت نفسهم، من لوبي الفساد والإفساد في أروقة النظام السابق ومؤسسات الدولة، باختراق تلك النظم بالتوظيف بما يسمى بالتعاقد، والكم الهائل من المتعاقدين في مرافق العمل والإنتاج ومؤسسات الدولة، دون شروط وموازين عادلة ومنصفة وبل ومهنية.
 ظاهرة التعاقد نافذة فساد أوجدها النافذين  في النظام لشراء الذمم وتوظيف الأقارب والأحباب والأصحاب، لتتحول مرافق العمل والإنتاج والثقافة والتعليم والمستشفيات والجامعة وكر للنشاط السياسي القذر لمصالح اسر وعائلات وجماعات سياسية وأبواق وحملة المباخر لتلميع صورة ذلك النظام.
نظام التعاقد بحد ذاته نظام مجحف بحق الموظفين برواتب زهيدة ودون حقوق واستحقاقات، ظل بعظهم لسنوات يتوسل التثبيت، وهو تحت رحمة ذلك النظام الذي يستثمر هولا لأغراضه القذرة، بل ويمتص عرقهم وجهدهم وعنفوان شبابهم بعضهم تجاوز به العمر لعشر سنوات وأكثر في الوظيفة دون تثبيت.
إلى يومنا هذا والدولة تعاني من  تركت هذا النظام من المتعاقدون في المرافق، بعضهم مستحق ولا يستطيع المرفق أن يستغني عنه أو يثبته، والبعض الأخر عالة على المرفق ومشكلة يعاني منها اليوم الكثير من المرافق، والتثبيت بالانتقاء الغير مهني لا شروط عادلة تحكمه، غير المحسوبية والفساد.
من المفترض اليوم في التحول المنشود وبناء دولة المواطنة والعدل، أن نركز على ترسيخ ثقافة احترام النظم والقوانين الفاعلة واحترم حق الآخرين، ليكن التوظيف بنافذة وزارة العمل والخدمة المدنية بشروط والموازين السائرة.
للأسف أن يظل أدوات النظام السابق وثقافته تعبث في حياتنا، في قرار توظيف 60 ألف وظيفة لشباب الثورة لازالت تشوبها كثيرا من الخلل والتجاوزات، والظلم والتعسف، أن أريد للقرار أن يشكل عقبة مالية في طريق التحول، فقد شكل أيضا أزمة أخلاقية للثورة نفسها بما تخلله من فساد.
ولا زالت الأزمات الأخلاقية تتوارى، ومنها للإشارة لا للحصر، هي توظيف عددا من المعلمين في تربية عدن بالطريقة نفسها التعاقد على طريق التثبيت، في خرق واضح للنظم  وموازين وزارة العمل والخدمة المدنية ولنفس الأهداف، بمبرر الأولوية للتربويين، وبانتقائية ومحسوبية.
إذا كان الهدف نبيل بمكافأة الرعيل الأول للتربويين، فالنبل يستدعي العدل، والعدل له موازينه وشروطه المهنية والأخلاقية، والإعلان للجميع بوضوح وشفافية، الكشوفات في متناول الوزارة وفيها ولي الأمر ووظيفته.
لكن أن تتم عملية توظيف أو تعاقد بهذه الطريقة التي لا شروط لها، من المسئول عنها؟! وعليها علامات من الاستفهام.
الرعيل الأول للتربويين، حياتهم شمعة أحرقت لتضئ حياة امة ووطن، افنوا شبابهم، هم اليوم في جور الظلم والقهر في الراتب والحقوق والمستحقات، بعض القامات في وضع لا يحسدون عليه، من الحاجة والفقر والمهانة.
ونكتشف اليوم أن الظلم مستمر ليمتد للأولاد والشباب في حقهم بالتوظيف، وفق الدستور وتشريعات البلد التي يتلاعب بها الفاسدون لاستمرار الظلم والقهر في إذلال البشر، من حقهم مقاضاة الظالمين ومطاردة أوكارهم، كشعب ثائر يقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، للدفاع عن التحول للمستقبل المنشود مستقبل الجيل والشباب الواعد، يرفض الفساد والإفساد للواقع والمجتمع.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى