(مركز دراسات يمني).. فساد وإهمال القوات الحكومية وغياب “القيادة والسيطرة” تطيل الحرب
الجيش الوطني يقاتل بنصف فعاليته فقط يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص:
كشفت دراسة حديثة لمركز أبعاد للدراسات والبحوث عن الأسباب المتعلقة بتأخر القوات الحكومية في حسم الحرب ضد الحوثيين في اليمن.
وحصل “يمن مونيتور” على ملخص لدراسة التقييم التي اعتمدت على مسؤولين وقادة عسكريين- حسب ما ذكر المركز؛ ولفتت إلى أن الفساد وغياب غرف القيادة والسيطرة للعمليات العسكرية في البلاد كما أن انعدام الذخائر وقِلتها والتمايز في التسليح وراء تأخر حسم المعارك.
وقالت الدراسة إن الجيش الوطني البالغ عدده أكثر من 200 ألف فرد يقاتل فقط بنصف فعاليته الحقيقية، مشيراً إلى أن 20 بالمائة من الجنود لا يقاتلون في الجبهات. كما أنَّ 15 بالمائة من الجنود من الجرحى والقتلى. ويتسبب انعدام أدوات السلامة مثل الخوذات ومضاد الرصاص وكاسحات الألغام السبب الرئيس في هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى.
وقالت الدراسة إن معركة الحديدة ستنعكس على المعارك المحيطة بصنعاء، وفي حال تمكنت القوات الحكومية من السيطرة بالقوة على الحديدة فستتحرك باقي جبهات القتال. لكنه لفت أنه وفي حال تمكن التحالف العربي بدعم المجتمع الدولي من فرض سيناريو إخضاع الحوثيين وتسليم المدينة ومينائها فإنه سيكون مقدمات للتفاوض الفعلي حول صنعاء.
وأضافت أن تحقيق “سيناريو الإخضاع” هو الأكثر قلقا للحكومة اليمنية والتحالف العربي، إذ أن توقيف الحرب في الحديدة من خلال الضغوطات الدولية سيؤدي إلى فرض التفاوض مع الحوثيين بشكل عام والقبول بالحل السياسي وهو ما سيشرعن قوتهم العسكرية ويضمن لهم حصة في الحكم دون دفع كلفة الحرب.
وحملت الدراسة عنوان (الجيش الوطني في الجبهات الساخنة – جاهزية الأداء ومعوقات الحسم) وقيمت مناطق التماس مع الحوثيين وشملت المناطق العسكرية ( الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة)، التي يقاتل فيها أكثر من 138 ألف مقاتل في حوالي 84 لواء ووحدة قتالية.
جبهات صنعاء
وتطرقت الدراسة إلى تقييم جبهتي صرواح التي تتبع المنطقة الثالثة ونهم التي تتبع المنطقة السابعة، وأشارت إلى أن جبهة صرواح فيها 8 ألوية ووحدات قتالية بأكثر من 13 الف مقاتل، بينما جبهة نهم يقاتل فيها 18 لواء وتشكيل عسكري بأكثر من 23 ألف مقاتل.
وتكمن أهمية مديرية “صرواح”، في أنها آخر معاقل “الحوثيين” غربي محافظة مأرب، وبتحريرها ستكون القوات الحكومية قد تجاوزت المحافظة، باتجاه “خولان” أولى مديريات العاصمة صنعاء وبوابتها الجنوبية الشرقية، بينما نهم هي أولى مديريات محافظة صنعاء وبوابتها الشرقية، تتجاوز مساحتها 1841 كلم مربع، وتتميز جغرافيتها بسلاسل جبلية وعرة تطل مباشرة على أمانة العاصمة وتبعد عن وسط صنعاء حوالي 60 كلم. وتحاذي “نهم” مديرية أرحب، البوابة الشمالية للعاصمة (يشكلان معا ثلث محافظة صنعاء بأكملها)، وأمام “نهم” من أمانة العاصمة “مديرية بني حشيش”، وتتميز هذه الجبهة بقدرتها على الوصول إلى مطار صنعاء.
جبهات البيضاء والجوف
أما في محافظة البيضاء فإن استراتيجية القتال تهدف للوصول إلى صنعاء وفالمحفظة لها حدود مع ثمان محافظات أخرى وتمثل مرتكزاً لوصول الإمدادات الحوثية إلى جبهات القتال المتفرقة، وتقع بالقرب من “ذمار” بوابة صنعاء الجنوبية ومركز تدريب معظم مجندي جماعة الحوثي ومخزونها من المقاتلين.
وأشارت الدراسة إلى أن حوالي 10 من الألوية والوحدات القتالية بواقع أكثر من 14500 مقاتل والمحسوبة على المنطقة الثالثة عسكريا تتقدم من خلال محورين الأول محور البيضاء ويتحرك من مأرب إلى مديرية “قانية” ، والثاني محور بيحان ويتحرك من بيحان (شبوة) إلى مديريتي (ناطع-نعمان).
حسب الدراسة فإن محافظة الجوف التابعة للمنطقة العسكرية السادسة هي الأخرى تمثل أهمية استراتيجية ما يجعلها جبهة محورية في اتجاهين الأول تحرير صنعاء وعمران، والثانية تحرير صعدة- ويقاتل فيها 12 لواء ووحدة قتالية بواقع اكثر من 17 الف مقاتل ضمن تضاريس أقل تعقيدا من جبهة صنعاء.
جبهات صعدة وحجة
تصف دراسة ابعاد محافظة صعدة التي هي معقل جماعة الحوثي بأنها المنطقة الأخطر كون أغلب الصواريخ البالستية التي تستهدف السعودية تطلق منها ، مؤكدة أن هناك ثلاث جبهات عسكرية مهمة فيها هي “كتاف، البقع”، و”باقم، مندبه” و”رازح، القلعة”، ويقاتل فيها حوالي 14 لواء ووحدة قتالية مشكلة من أكثر من 13 ألف مقاتل ضمن المنطقة السادسة عسكريا.
أما في حجة فتقول الدراسة أن الجبهة التي بدأت بتحرير مديريتي “ميدي” و”حرض” وتتبعان المنطقة العسكرية الخامسة فيقاتل فيها 9 الوية ووحدات قتالية بواقع أكثر من 11 الف مقاتل ، مضيفة ” تمتلك ميدي موقعا استراتيجيا جعلها محط اهتمام الحوثيين، وشكل الميناء قبل تحريره وحتى قبل انقلاب 2014- أهمية بالغة، إذ تلقوا عبره الأسلحة المهربة”.
جبهات تعز والساحل الغربي
وحسب الدراسة فإن معركة تعز تمثل أكبر نقاط الاشتباك مع الحوثيين فيما يقرب من 22 نقطة اشتباك أبرزها وسط المدينة، حيث يفرض الحوثيون حصاراً خانقاً عليها منذ ثلاث سنوات – تتبع المعارك في محور تعز (المنطقة العسكرية الرابعة)، وتقاتل 8 وحدات قتالية على مساحة قدرها (تقريباً) 50 كلم بعدد يزيد عن 27 الف مقاتل” .
أما في الساحل الغربي بالذات في الطريق إلى الحديدة التي تعتبر أهم منفذ للسلاح والتهريب إلى جانب أن مينائها مصدر دخل رئيسي مركز لتجنيد الحوثيين فحسب الدراسة – ” تقاتل القوات الحكومية مدعومة بقوات سودانية وإماراتية لحماية مدينة عدن من هجمات الحوثيين، ومع منتصف مايو/أيار 2018 كانت القوات تتقدم سريعاً على الساحل الغربي وقطعت (50 ميلاً) في أيام حتى وصلت على بعد (10 أميال) فقط من ميناء ومدينة الحديدة التي ظلت تحت سيطرة الحوثيين منذ عام 2014″.
هذه الجبهة التي تتبع المنطقة الرابعة أيضا هي جبهة واسعة، حيث يقاتل فيها أكثر من 20 ألف مقاتل موزعين على خمسة ألوية عمالقة مهمتها تأمين أطراف الحديدة، فيما هناك لواء سادس للإسناد والسابع تحت التأهيل، ولوأي الحديدة سيسند إليها مدينة الحديدة. وألوية تهامة التي سيسند لها ريف الحديدة ووبعض مناطق اقليم تهامة.
من بين الأولية كتائب خاصة بقبائل الزرانيق المعروفين بشراستهم القتالية، وهم سيتولون عمليات المساندة ودعم القوات في ريف الحديدة ومحيطها، بينما هناك قوات خاصة بنجل شقيق الرئيس السابق (طارق صالح) ، ومهامها ستكون تأمين المدن الثانوية والقرى خارج الحديدة، وهناك الوية اسناد وتغطية من بينها لواء في المؤخرة يقوده اللواء هيثم قاسم طاهر، ولواء يقوده نبيل المشوشي قائد الحزام الأمني في عدن.
معوقات الأداء
أشارت الدراسة إلى أن أغلب الجبهات تعاني من معوقات تتعلق بعدم انتظام الرواتب وضعف التسليح وقلة الخبرة وانعدام التدريب ووجود فساد مالي وإداري إلى جانب عدم تشكيل غرف عمليات موحدة بين التحالف والشرعية وارتفاع في معدلات الإعاقة والقتل لنقص أدوات السلامة مثل الخوذات والدروع وكاسحات الألغام، كما أن بعض الجبهات لا تملك أسلحة نوعية لمواجهة الحوثيين الذين يتفوقون باستخدام مكثف لصواريخ الكورنيت التي لا يمتلكها الجيش الوطني إلى جانب زراعة الألغام بشكل غير مسبوق.
وفي الحديدة تطرقت الدراسة إلى أن أهم المعوقات في الحسم هي المساحة الكبيرة التي تحتاج لمقاتلين كثر إلى جانب حصول اختراقات كثيرة بسبب تعدد ولاءات القوات المتنوعة هناك، مضيفة ” كان لاتخاذ القوات الحكومية الموالية للشرعية طريقاً جديداً في الساحل الغربي السبب في الوصول إلى “الدريهمي” بسهولة بدلاً من المرور عبر “زبيد” و”الجراحي” و”بيت الفقيه”، لكن عدم تحرير تلك المناطق عرقلت الدخول إلى المدينة حيث اتخذها الحوثيون منطلقاً لشن هجمات ضد القوات الحكومية من أجل قطع خطوط الإمداد وخاصة الهجمات على منطقتي “الفازة” و”الجاح”.
ومقارنة بـ”نهم” تقول الدراسة: جبهة الساحل الغربي الأكثر تسليحاً وعتاداً، وتفوق عدد المدرعات والدبابات و”الدوريات” (الأطقم) فيها باقي جبهات القتال داخل البلاد كلها، كما تتوافر بشكل دائم كاسحات الألغام وتشترك القوات البرية والجوية والبحرية في عملية منتظمة”، وهناك محفزات لمقاتليهم ولديهم مستشفيات ميدانية متقدمة إضافة إلى توفر القوات الخاصة (يمنية -سودانية- إماراتية) التي تتواجد لإنقاذ المقاتلين في حال تعرضوا لـ”حصار” أو جرى قطع الإمداد عنهم.
الضربات الخاطئة
جاء في دراسة أبعاد أن الضربات الخاطئة شكلت واحدا من اهم عوامل بطء التقدم العسكري واختلال الثقة بين التحالف وبعض وحدات الجيش اليمني، وأضافت ” تعرض الجيش الوطني لغارات خاطئة من قِبل طيران التحالف وأحيانا المدفعية من الخلف، ويعود ذلك لِعدة أسباب أهمها انعدام وجود مراكز قيادة وسيطرة لكل جبهة منفردة لتنسيق تحرك القوات البرية بالتزامن مع الغارات، فقد قتل وأصيب في 14 غارة خطأ مواقع عسكرية أكثر من 300 جندي منذ بدء العمليات في مارس 215م”.
وأوصت دراسة أبعاد بعدم إطالة أمد الحرب لأنها ستحمل التحالف والشرعية أعباء سياسية وإنسانية لها تداعيات حتى بعد انتهاء العمليات. كما أوصت بسرعة إصلاح الاختلالات في الجيش وحل اشكاليات الرواتب وعلاج الجرحى وحقوق أسر الشهداء ودمج كل التشكيلات العسكرية بالجيش والأمن، والبدء في بناء القوات البحرية والجوية وقوات الأمن الخاص لتغطية الفراغ بعد التحرير وتسليمهم المدن والمنشئات بالذات الموانئ والمطارات، وتدريب وتأهيل القادمين من خارج المؤسسة العسكرية، وتدشين الخدمات ورعاية الأسر النازحة وإعادتهم إلى مناطقهم مع بدء عمليات الأعمار لكل منطقة انتهت منها الحرب، كون استقرار هذه المناطق يساعد على تحرير بقية المناطق بالذات العاصمة صنعاء.