(الأزمات الدولية).. معركة الحديدة وصلت نقطة اللاعودة عدا فرصة “ضئيلة” لوقف القتال
منع قتال مدمر سيؤدي إلى أزمة إنسانية رهيبة ويزيد من تأخير المفاوضات الأوسع لإنهاء الحرب. يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
قالت مجموعة الأزمات الدولية إن معركة الحديدة وصلت نقطة اللاعودة؛ حيث من المتوقع أن تبدأ القوات اليمنية المدعومة من الإمارات بدء عملية عسكرية لتحرير المدينة والميناء الرئيسي من الحوثيين.
لكن- تضيف المجموعة- وفي هذه اللحظة هناك فرصة “هشة” من شأنها أن تؤدي إلى مفاوضات بقيادة الأمم المتحدة لمنع قتال مدمر سيؤدي إلى أزمة إنسانية رهيبة ويزيد من تأخير المفاوضات الأوسع لإنهاء الحرب.
وأضافت المجموعة في تقرير جديد نشرته السبت، ترجمه “يمن مونيتور”، أن مواقف الحوثيين والتحالف العربي التفاوضية متباعدة، وتكمن الآمال الآن في جهود المبعوث الخاص إلى اليمن “مارتن غريفيث” الذي يحاول إيجاد أرضية مشتركة.
ثلاثة أمور
وأفاد التقرير أن غريفيث يتمتع بفرصة حقيقية لكنها “محدودة النجاح” بسبب ثلاثة ديناميكيات متقاربة.
أولاً: أعرب الحوثيون، تحت الضغط العسكري، لأول مرة عن انفتاحهم لإدارة الأمم المتحدة لميناء الحديدة، أكبر بوابة لواردات اليمن. ثانياً: الإمارات- التي تقود العمليات العسكرية نيابة عن التحالف الذي تقوده السعودية- تفضل تجنب القتال في المناطق الحضرية التي من شبه المؤكد أن قواتها ستتكبد خسائر فادحة إضافة إلى أن ذلك سيشعل تحركاً دولياً مكثفاً وفورياً لتفاقم الحالة الإنسانية الرهيبة أصلاً. ثالثاً: هناك قلق متزايد بين الجهات الدّولية المعنية، بما في ذلك الولايات المتحدة، من أن معركة ضارية على الميناء والمدينة يمكن أن تكون لها عواقب إنسانية مدمرة وطويلة الأجل.
ولفت التقرير إلى أن إيجاد حل في الحديدة يعني انحسار مواقف الأطراف المتباعدة. ويتهم السعوديون والإماراتيون جماعة الحوثي باستخدام الميناء لتهريب الأسلحة إلى اليمن وتحويل عائدات الجمارك إلى مجهودهم الحربي. ويريدون أن يخرج الحوثيون بالكامل من المدينة. بالمقابل عرض الحوثيون تسليم إدارة الميناء إلى الأمم المتحدة وتكون إدارة أمن المدينة بشكل مشترك، لكنهم قالوا إنهم لن ينسحبوا بالكامل من الحديدة.
وأضاف تقرير المجموعة: سيتعين على الحوثيين والتحالف تقديم تنازلات. كما ينبغي على حلفائهم أن يضغطوا عليهم بقوة لقبول تسوية تفاوضية للميناء والمدينة باعتبارها الخيار الأفضل والوحيد المسموح به.
وقال التقرير، الذي أطلع عليه “يمن مونيتور” ونقله للعربية، “الرهانات عالية بقدر ما يمكن أن تكون. إن وساطة الأمم المتحدة الناجحة في التوصل إلى حل مقبول للطرفين تحمي المصالح الحيوية لجميع الأطراف فيما يتعلق بالحديدة يمكن أن يكون أساس التسوية ليس فقط للميناء، ولكن أيضاً للصراع الأوسع بين الحوثيين والتحالف. بالمقابل، لن يؤدي الفشل إلى تقويض آفاق مثل هذه المحادثات إلى تدمير المدينة فحسب، بل أيضاً – بمجرد دخول القتال إلى المدينة – سيتعقد التوافق حول نفوذ الحوثيين في ميناء الحديدة ولن يوقف الحرب.
وأضافت: “يمكن للحديدة أن تثبت أنها بداية النهاية لحرب اليمن أو بداية مرحلة جديدة أكثر تدميراً”.
الطريق إلى الحديدة
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة حملتها للسيطرة على الحديدة بعد أن أصبحت محبطة بشكل متزايد من الجمود المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات والذي تغيرت فيه الخطوط الأمامية بشكل هامشي فقط. من وجهة نظر الإمارات، فإن الحوثيين – الذين استولوا على العاصمة اليمنية صنعاء، في سبتمبر 2014، بدعم من الرئيس السابق علي عبد الله صالح – أصبحوا أكثر ترسخًا في الأراضي المرتفعة للبلاد، مستفيدين بشكل خاص من اقتصاد الحرب المزدهر.
ولفت التقرير إلى أن المسؤولين الإماراتيين رأوا منذ فترة طويلة أن السيطرة على الحديدة هو المفتاح لحلحلة الوضع الراهن وإجبار الحوثيين على الوصول إلى نوع التسوية التي يريدها التحالف: الانسحاب من المدن اليمنية. ضمانات الأمن عبر الحدود؛ تسليم الأسلحة الثقيلة، وخاصة الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون على المملكة العربية السعودية؛ وقطع العلاقات مع إيران، التي تدعم الحوثيين.
وقد تم تجميد خطط الهجوم على الحديدة منذ 2016، وما عززها هو انشقاق الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قُتل برصاص الحوثيين عقب معارك دامية في ديسمبر/كانون الأول 2017. وتمكن ابن أخيه “طارق محمد صالح” من النجاة والفرار إلى عدن وتكوين قوة عسكرية للانتقام بدعم من الإمارات. وشاركت قواته منذ مايو/أيار الماضي ضمن قوات مشتركة (المقاومة التهامية، ألوية العمالقة، وحرس طارق صالح الجمهوري) وأحرزوا تقدماً سريعاً في يونيو/حزيران ووصلوا إلى ضواحي المدينة.
ويعتقد الإماراتيون أنهم يستطيعون الفوز بالحديدة بشكل كبير فعلوا في منتصف عام 2015 في عدن، وأيضاً في المكلا (ابريل/نيسان2016)، التي كانت تحت سيطرة القاعدة. وفي كلتا الحالتين، قدموا الدعم العسكري لقوات من السكان المحليين. في الحديدة أيضاً، فهم يعتمدون على ما يشيرون إليه كمقاومة محلية داخل المدينة لإقامة نقاط تفتيش داخلية وأمن الأحياء عندما تعطي أبو ظبي إشارة لتنشيط هذه الجماعات.
وقد حرص التحالف على إيصال خططه لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية مع تحذيره من أن الحوثيين سيستخدمون المدنيين على الأرجح كدروع بشرية. وقالت المجموعة إن “الحقيقة هي أن كلا من الحوثيين والتحالف أظهروا تجاهلًا صارخًا لحماية المدنيين طوال فترة الحرب. لا تزال وكالات الإغاثة تشعر بقلق عميق من أن القتال في الميناء قد يمنع الوصول إلى أهم مصدر لدخول الغذاء والوقود والإمدادات الإنسانية في البلاد، في حين أن الهجوم على المدينة قد يعرض حياة سكان المدينة البالغ عددهم 600،000 نسمة للخطر. وتشعر الأمم المتحدة بالقلق من أن القتال قد يجعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم أسوأ، ويجعل 8.4 مليون نسمة من اليمنيين على شفا المجاعة في المجاعة.
أمكانية وأهمية التسوية
وقال التقرير: يقول معظم المحللين العسكريين الذين يتابعون الحملة أن الحوثيين لديهم فرصة ضئيلة في الاحتفاظ بالميناء والمدينة إذا استمرت الحملة المدعومة من الإمارات. يبدو أن الحوثيين يدركون هذا أيضًا. وفي الوقت الذي حافظوا فيه على خطابهم العدواني، فقد أشاروا أيضا إلى استعداد جديد لتسليم السيطرة على الميناء إلى الأمم المتحدة ومناقشة انسحاب جزئي على الأقل من المدينة – وهي أفكار كانوا قد رفضوها منذ عام مضى. في خطاب تلفزيوني في 20 يونيو/حزيران، قال عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة التي تحمل الاسم ذاته، أنهم على استعداد للتنازل عن السيطرة على الميناء.
وأضافت مجموعة الأزمات: هذا أمر مهم، لكنه لا يرقى إلى المستوى العام الذي يطرحه قادة التحالف مستفيدين من زخمهم العسكري، إلى الانسحاب الكامل للحوثيين وتسليم الميناء والمدينة إلى القوات الحكومية، مع توفير الممر الآمن للحوثيين نحو صنعاء. ومع ذلك، يمكن أن يثبت هذا الطلب أنه مرن. وأبلغ دبلوماسيون ومسؤولون في التحالف أن المفاوضات الخلفية الجارية تشير إلى قادة التحالف ألمحوا إلى أنهم قد يقبلون تسوية من أجل تجنب صراع طويل الأمد للميناء والمدينة التي سيكون تأثيرها الإنساني بالتأكيد مدمرا.
وقالت المجموعة: سيكون لدى التحالف سبب وجيه للقيام بذلك ففي ضوء التحذيرات الواضحة من العواقب المحتملة للهجوم العسكري، فإن أي تدهور في الوضع الإنساني سيؤدي إلى انتقادات دولية مكثفة وإدانة لدولة الإمارات وحلفائها في وقت تتعرض فيه للتدقيق من قِبل المجتمع الدولي.
وأضافت: كخطوة فورية ، يجب على غريفيث الإعلان عن حقيقة أن كلا من الزعماء قالوا له أن الصفقة ممكنة وأظهرت مرونة جديدة. هذا من شأنه أن يحد من خطر أن يدعي أي طرف أنه غير راغب في تقديم تنازلات ويستخدم ذلك ذريعة لوقف المفاوضات. الوقت ينفذ. ما نحتاجه الآن هو دعم دولي قوي لجهود جريفيث للتوصل إلى مثل هذا الحل الوسط ، إلى جانب الضغط الدولي القوي على الجانبين لقبوله.
وقالت المجموعة: “على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تدعم أو لديها خطوط اتصال مفتوحة مع الحوثيين – إيران وعُمان وروسيا والاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال – أن تتأكد من أن المجموعة تخضع لضغوط مستمرة للموافقة على حل وسط والتقيد بالتزاماتها في حالة صفقة. لدى الحوثيين سجل طويل من استخدام المفاوضات كفرصة لتغيير موضعهم أو إضفاء الشرعية على أفعالهم. لا يمكن السماح بحدوث ذلك مرة أخرى”.
واختتمت بالقول: “على مدى السنوات الثلاث الماضية، كان شعاراً دولياً أن الحل في اليمن ليس عسكرياً بل سياسياً فقط، حتى مع استمرار الحرب بلا هوادة. ما سيحدث في الحديدة في الأيام القادمة يمكن أن يثبت صحة هذا المبدأ والتزام المجتمع الدولي به، من خلال العمل كجسر لإجراء مزيد من المفاوضات، أو تقويضه إذا تصاعد القتال وتقلص احتمالات السلام بشكل أكبر. يوفر الحديدة فرصة لمجلس الأمن الدولي لإثبات قدرته على متابعة الحلول التفاوضية للصراعات في وقت يتزايد فيه الشكوك حول فعاليته وفائدته. إنه يوفر للأطراف المتحاربة خروجًا يحفظ ماء الوجه يحمي مصالحها الحيوية بعد سنوات من تعرضها للخطر بشكل متهور”.
المصدر الرئيس
Yemen Conflict Alert: Last Chance to Prevent a Destructive Hodeida Battle