كتابات خاصة

مخاوف ما بعد العيد

سلمان الحميدي

ليس بالضرورة أن يصادف التاريخ ذاته، ولكن المناسبة نفسها: الخلاص من أذرع النهب والسلب، القتل والنكال، فيرتدي اليمنيون كسوة الفرحة بهذا الخلاص.

قد يكون عيد الحديدة كما عيد عدن قبل ثلاث سنوات: التحرر من مليشيا الحوثي.

ليس بالضرورة أن يصادف التاريخ ذاته، ولكن المناسبة نفسها: الخلاص من أذرع النهب والسلب، القتل والنكال، فيرتدي اليمنيون كسوة الفرحة بهذا الخلاص.
سيتقاسم اليمنيون الفرحة ذاتها التي جاءتنا من عدن.
ستنفذ الأسباب والمبررات لدى زعيم جماعة الحوثي، لن يقول أن ما حدث انسحابًا تكتيكيًا، أو يبتدع ذريعة أخرى كما حدث قبل أسابيع: تراجع لأسباب موضوعية.
سيستدعي ذهنه حدثًا مشابهًا صدمه فجأة: تحرير عدن، ويقول المبرر نفسه عن الحديدة: المرتزقة استغلوا زيارة المقاتلين لأرحامهم بمناسبة العيد وباغتونا. متناسيًا أن القاتل لا يفكر بأرحامه من قريب أو من بعيد، القاتل يفكر بالقتلى والضحايا. لن يخطر على باله أن هزيمته لا علاقة لها بالعيد أصلًا، أن القتلة الذين يسيرهم لا يمكلون قضية عادلة، بل لا يملكون قضية أصلًا، لن يفكر أن هزيمته الساحقة جاءت لأن الصبر على السلوك المتغطرس والعنجهية الباطشة قد نفد، أن أعصاب نواجذ الضحايا مشدودة على الآخر، أن الأسنان تصطك رغبة في هرس المخربين، وأن هناك لفيف خلف الضحايا يرون الحوثي عدوًا لهم، فانضم الخليجيون لإدارة المعركة بالعلن.
كلما تحررت منطقة ضم اليمنيون المناسبة لقائمة الأعياد: ذكرى تحرير عدن، ذكرى تحرير مأرب، ذكرى تحرير لودر، ذكرى تحرير البعرارة، خروجهم حتى من قرية صغيرة يعد ذكرى عيد.
وهاهم يترقبون بتلهف عيد الحديدة.
وعلى ذكر معركة الحديدة، لم تنتصر الإمامة مطلقًا حتى وهي وتواجه السعودية باسم الوطن، في الثلاثينيات تقريبًا تم طردهم من الحديدة، في عمله الروائي العظيم “الرهينة”، يعرج زيد دماج على الحديدة، أحد أشخاص الرواية كان يتباهى بنفسه بأنه بطل من “أبطال هزيمة الانسحاب”، هكذا كان يصف نفسه “بطل الهزيمة”.
الأستاذ علي الفقيه يعلق متفائلًا عن معركة الحديدة: “في الحديدة وتحديدًا داخل مستشفى العلفي كان الدجال الأكبر أحمد حميد الدين على موعد مع رصاصات الثوار التي ساقته إلى الهلاك، لهذا أتفاءل أن خروج الحديدة من قبضة الدجالين الجدد ستكون نهاية المشروع القذر”.
لكن الكثير تساورهم مخاوف ما بعد العيد، عيد التحرير، وذلك تحت تأثير التجاذبات والخلافات وتضارب الأهداف التي حدثت في عدن بعد عيدها، قد تحدث بعض القلاقل في الحديدة بعد تحريرها ولكن ليس بقدر ما حدث في عدن، لأن حسابات عدن كانت مختلفة باعتبارها مركزًا للحراك الجنوبي،
وباعتبارها عاصمة مستقلة للجنوب كما سيراها بعض قيادات شاركوا في تحريرها من الحوثيين، إضافة إلى أن ميناء عدن أهم من ميناء الحديدة.
ليأتي العيد، ونتحرر من المليشيا أولًا، هذا خيار وحيد، لم يترك الحوثيون لليمنيين بديلًا غير ذلك، واشنسد على التفاصيل.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى