كتابات خاصة

نحو الحياة والممات

إفتخار عبده

سوف أصل وأصلي للرب الكريم هناك بعض ركعات وسأتجه نحوالحياة طلعت من اللاشيء تبحث عن طريق إلى الطريق، تبحث عن مدى علها تلاقي مبتغاها هناك، حيث يرتعش الحنين ويستفيق الفجر على وجه الظلام لتبدأ المشوار، مشوارها نحو الحياة، نحو الممات المستجير بجده المنفي من أرض البلاد، قالت تبسمل بالإله وتستعيذ به من الظلم ومن  كبار الظالمين، ياليتني ألقى  المراد بكل سهولة، ياليتني أمضي وألقاه كما ألقاه في حلمي على مر السنين، وتبسمت ثم مضت تخطو إلى الوجهة التي تريد، كانت خطاها مثل مر النسيم على الوجه في لحظة الحر الكبير، تحمل رادها في يديها، وتتمتم بكلمات تحمل الأمل الطويل، بقي القليل، بقي القليل.

سوف أصل وأصلي للرب الكريم هناك بعض ركعات وسأتجه نحوالحياة.. هناك سوف ألقي أبي الذي أضنى غيابه مقلتي،وتفحر في قلبي الحنين، مرت سنين لم تلق إلا كافلاً يهدي إليها تحيةً كل صباح ويدير ظهره طالباً منها الخروج إلى العمل، وما العمل، جريٌ وراء الناس بحثاً عن نقود لكي تعود بها إليه كل يوم، تمضي الرقيقة في تمهل وتريث، تنظر وراها كي ترى من يتبع لخطاها، وتحس بالأمل الطويل ألا متابع بعدها، سترى أباها بعد حين، بقي القليل، الجوع يأخذ منها كماأخذ الفراق، لاشيء يستدعي البقاء، قد ألفت كل الوجوه العابسة، وتلفتت نحو الممات لألف مرة بينما يهذي الجميع بأنها تحيا حياة رفاهية، هم يوهمون، أين أبي، قد صار هذا همها، ذهب ضياء الكون كيف لها أن ترى به من ضياء، ذهب بريق الشمس من قبل أن يأتي المساء، حتى الورود تغيرت ألوانها ألحانها، حركتها نغماتها، ولم تعد رمزاً على الحب أو لون النقاء، حتى السماء قد أصبحت تمطر هموماً لتُنبت الأرضُ العناء، الناس  غير الناس يا أبتي فبعهدك كانوا سواء، كانوا يرون بي الجمال، كانوا يرون بيَ النقاء ويقابلون براءتي ببشاشة  وبضحكة وبلمسة ناعمة ودعابة تبعث إلى قلبي السرور ،واليوم صاروا  ينفرون  لكأنني لست التي عهدوا لها الضحكات، كأنني قد اقترفت جريمةً كبرى بموتك، أوقتلتك لم تمت موتاً طبيعياً ولم أبقى على ذاك النقاء، أنا قد أتيت إليك، سأراك حتماً يا أبي وإن كان قد عزَّ اللقاء، ذهبت إلى تلك النوافذ المشرعة، بقية ذكرى والدها، صلت هنالك ركعتين، دعت الإله عسى الإله إليها ينظر يستجيب، (إني أتوق إلى اللقاء.. بقي القليل)، خذني إليك أياأبي، كم كنت تجلس في هذه النوافذ المشرعة، تنظر إلى ضوءالصباح، تشرب قهوتك التي هي من إرث أمك، تدلي الأومر والنواهي،كم كنت تحلم أن تستطع إغلاقها لننام في هذه الغرف، هياانهض اليوم؟ ألم تمل فرش التراب، أبتي إليك المشتكى بعدالإله، نامت هناك وتنفست روح أبيها، لملمت جسدا لها قد اتعبه الجري والحر وكثر السؤال،ستلقى أباها بعد حين من بعد ماعز اللقاء(بقي القليل)!
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى