قافة النظام العائلي التوريثي والسلالي الاصطفائي تجتاح قيم الشرعية ومبادئها المفترضة والنزيهة.. قيم ومبادئ الدولة العادلة
في الصراعات اللاوطنية الحادة لاينبغي التعامل بكلاسيكية عاطفية مع التحولات المعقدة للحرب والسياسة. وبالضرورة سيكون من الاستخفاف أن تتعامل مع عدو عدوك كصديق دائما. بل انه في خضم الاستراتيجية الواقعية والوطنية لتحولات هذا النوع المركب من الصراعات هو ان تعرف متى يكون عدو عدوك هو عدوك أيضا. ولذلك تقتضي العقلانية الملائمة لإدارة مختلف التحولات الخطيرة التي تنتجها لاوطنية هذه الصراعات -بالمحصلة- العمل على هزيمة طرفيها في الوقت نفسه!
أو كما يقول غابرييل لاوب “أخطر من نظرية خاطئة هي النظرية الصحيحة في اليد الخطأ”.
أما الآن فإن أسوأ ما يحدث هو أن ثقافة النظام العائلي التوريثي والسلالي الاصطفائي تجتاح قيم الشرعية ومبادئها المفترضة والنزيهة.. قيم ومبادئ الدولة العادلة
لا قيم ومبادئ الأحساب والأنساب بصيغة” شيلني واشيلك”.
والثابت أن السعودية موجودة في الصراع الشمالي منذ ما قبل 1962؛ ثم تذكروا اليد البريطانية في صراعات الجنوب.. وما بين كتلة الفنادم التي نشأت بعد الثورة في الشمال إضافة إلى كتلتي السادة والمشائخ؛ تذكروا أيضا كتلتي الطغمة والزمرة إلى جانب الحبايب والسلاطين في الجنوب.. ثم تأملوا ماهو الثابت و المتحول في الصراع، وإلى ماذا تشير القيم التي صارت تتكئ عليها مختلف أطرافه الرئيسية. فضلاً عن ماهية القوى الأخرى التي دخلت المشهد كقوى سياسية ومدنية أو كقوى مناطقية ومذهبية.. وبالمقابل ماهية مختلف القوى الجديدة المجمعة على عمق التغيير لا سطحية التغيير ودلالات اصطفافاتها بالذات مع القوى القديمة.. حينها بالتأكيد سيفهم الجميع جيدا -وقد خاضوا ببصيرة شفافة وغير عبثية في ذلك الاشتباك المعقد ومصالحه المتناقضة- أن المستقبل لن يكون إلا لمن يجدد خطابه وينتقد أخطاءه فقط؛ متحداً مع من يحمل مشروعاً وطنياً جامعاً، تنصهر فيه مشروعية المصالح المحلية والإقليمية والدولية، وفي الوقت نفسه، يتجاوز تصلب وأنانية واستغلال الإرث التاريخي الملعون للجميع.
تحت شعار: “دولة لا طوائف.. دولة تحتكر السلاح ويسودها القانون”.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور