“أمركة” الحوادث.. كيف يستثمر الحوثيون دماء قتلاهم؟
محاولات التحشيد والحديث عن ضعف التحالف وعدم اختراق صفوف الجماعة أحد أهم الأسباب. يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص
على الرغم من أن جماعة الحوثي المسلحة، أعلنت منذ الوهلة الأولى أن التحالف العربي أو ما تسميه “عدواناً” هو من استهدف القيادي البارز في الجماعة “صالح الصماد”، إلا أنها عادت اليوم الجمعة وعلى لسان أحد قيادييها لتزعم أن أمريكا هي من قتلته.
قالت الجماعة أيضاً إنها ستشيع جثمان الصماد في صنعاء يوم غدٍ السبت، وحسب سكان محليين تحدثوا لـ”يمن مونيتور”، فقد قامت سيارات تحمل مكبرات الصوت بالدعوة للتشييع، كما استخدمت منابر المساجد أثناء خطبتي الجمعة، وبعدها. ويبدو أن اتهام الولايات المتحدة سيدفع المزيد من اليمنيين لحضور جنازة التشييع، نتيجة الكراهية الشعبية نحو دور واشنطن في البلاد.
وقال المسؤول الحوثي في تصريحات لتلفزيون المسيرة، إنّ الطائرة التي استهدفت “صالح الصماد” أمريكية من نوع MQ-9. وسبق أنّ أسقط الحوثيون طائرة مماثلة في أكتوبر/ تشرين الأول2017، وأكدت “البنتاغون” إسقاطها وكانت طائرة استطلاع دون أنّ تحمل صواريخ موجهة.
تقول الولايات المتحدة الأمريكيَّة إنها لا تشارك في حرب اليمن، بل تُقدِّم الدعم الاستشاري والمخابراتي للتحالف العربي الذي تقوده السعودية؛ ولا تقصف الولايات المتحدة مواقع الحوثيين بل مواقع تنظيمي القاعدة والدولة، وإذا حدث وقصفت مواقع للحوثيين فقد تكون سابقة هي الأولى من نوعها تعمق الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاث سنوات.
لكن مسؤولاً حوثياً في المجلس السياسي، تحدث لـ”يمن مونيتور” طلب عدم الكشف عن اسمه، يرى أنّ الولايات المتحدة على الرغم من انخراطها في الحرب ضد جماعته، لكنها لن تحاول استهداف أحد قياديين فيها.
وقال المسؤول الحوثي إنّه “لولا الوجود الأمريكي ضمن التحالف العربي والدعم الذي يقدمه لفشلت العملية العسكرية. وبيّن أنّه وحتى لو لم تكن الولايات المتحدة من قصفت الصماد فنسب الموضوع إليهم يؤكد دور واشنطن في حرب اليمن وأنها أصحت لاعباً.
وقال براء شيبان وهو خبير في الشأن اليمني، في تصريح لموقع الجزيرة الانجليزية، إنّ استهداف الصماد يزيد من التحديات داخل جماعة الحوثي المسلحة، بسد الاختراق الحاصل في صفوفها والذي مكن السعوديين من الوصول إلى “الصماد” ومعرفة تحركاته.
ويقول مراقبون إنّ الحوثيين يسعون إلى التقليل من استهداف قيادات الجماعة ومن الأنباء التي تحدثت عن اختراق “سعودي” بنسب الهجوم إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة.
وعاشت جماعة الحوثي، خوفاً واضحاً من محاولات استهداف مماثلة، وأمس الخميس، تحدث “محمد علي الحوثي” القيادي في الجماعة ورئيس ماتسمى بـ”اللجنة الثورية العليا” عبر الهاتف مع المتظاهرين الذين خرجوا في محافظة الحديدة (غرب البلاد) للتنديد بمقتل “الصماد”.
وقال المسؤول الحوثي لـ”يمن مونيتور”، إن الاجتماعات الأسبوعية التي كان يعقدها قادة الحوثيين توقفت إلى أجلٍ غير مسمى، ما يشير إلى أن هناك خشية من استهداف هذه القيادات.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي علي الفقية، أن الحوثيون يخوضون حرباً مصيرية من أجل استعادة حقهم في الحكم يعتقدونه ويموتون من أجل هذا الإعتقاد.
وقال في تصريح لـ” يمن مونيتور” لهذا يسعى الحوثيون دائماً لإلباس معركتهم لباساً دينياً ابتداءاً من الشعار ومروراً بالتعبئة وانتهاءاً باستغلال أي حادثة ليؤكدوا للناس أنهم يواجهون أمريكا وإسرائيل”.
وأضاف، إلى جانب كونهم يحرصون على تغطية حربهم العبثية وإقناع الناس أنهم يخوضون حرباً مقدسة في مواجهة “أعداء الله”.
وتابع” الشعب اليمني شعب متدين وعاطفي وبسيط ويستطيع الحوثيون من خلال ماكينتهم الدعائية حشد الناس إلى الجبهات لأداء واجبهم فيما يسمونه بـ”الجهاد المقدس” ضد أعداء الله وأعداء الدين.”
وحول أمركة “الحوادث” أكد المحلل السياسي، أن “الحديث عن أن من قتل الصماد هم الأمريكان هو استمرار لهذا الخطاب واستثماراً لمقتل أحد قادة المليشيات حتى يحشدوا المزيد من اليمنيين إلى الجبهات ويقدمونهم وقوداً لحرب خاصة بهم ومشروعهم”.
ويُتهم الحوثيون بتلقي دعم من إيران التي تعتبرهم جزءاً من محور المقاومة المواجهة للولايات المتحدة الأمريكيّة، ويحمل الحوثيون في شعارهم “الموت لأمريكا”.
لكن الشهور التي أعقبت دخول الجماعة صنعاء شهدت تنسيقاً بين الجانبين. ولا يعرف في الوقت الحالي حجم التنسيق بين الجانبين. وتحدث السفير الأمريكي ماثيو تولر في وقت سابق أن لا اتصالات لبلاده مع “الحوثيين” منذ بدء العمليات العسكرية (مارس/آذار 2015) وأن التواصل إذا حدث يتم عبر طرف ثالث من الدول الصديقة.