مؤسسة أبحاث أمريكية.. استهداف “حزب الإصلاح” محور الاستراتيجية الإماراتية لتقسيم اليمن
تقول المؤسسة إن الإمارات تنظر للإصلاح بكونه أخطر -حالياً- من الحوثيين ولن تتحرك نحو صنعاء قبل التخلص من الوجود الإصلاحي في تعز ومأرب يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشرت مؤسسة جيمس تاون الأمريكيّة للأبحاث دراسة جديدة، عن الدور الإماراتي في اليمن، خلصت فيه إلى أن الإمارات باتت تنظر لـ”حزب التجمع اليمني للإصلاح” والحكومة المعترف بها دولياً خطراً على أهدافها في البلاد أكثر من الحوثيين.
وترى الدراسة أنه و”قبل أن تتحرك العمليات في صنعاء، قد تحتاج الإمارات وحلفاؤها إلى مواجهة جبهات تعز ومأرب، حيث تتركز معظم القوات الموالية للحكومة والمتعاطفة مع حزب الإصلاح”. وقالت إنه وبالرغم من ذلك، فإن أي تقدم جوهري لجهود الإمارات اليمن يتطلب موافقة السعودية.
وقالت الدراسة التي، نقلها للعربية “يمن مونيتور” إن اليمن تحولت إلى ساحة معركة رئيسية لدولة الإمارات العربية المتحدة. موضحة أنّ الإمارات تتواجد في البلاد كثاني أكبر قوة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية التي تقاتل في البلاد منذ عام 2015.
ولفتت الدراسة أنه و”حينما كان التحالف على وشك وقف تقدم الحوثيين وتحقيق انتصار على الجماعة المدعومة من إيران ركزت الإمارات منذ ذلك الحين على جدول أعمالها لتحقيق أهداف خاصة”.
وأشارت إلى أنه ومن خلال دعم فصائل من الأطراف المتحاربة، تأمل الإمارات في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، ومهاجمة جماعة “الإخوان المسلمين” السنة. وعلاوة على ذلك فإن استراتيجية الإمارات ليست فقط معالجة مخاوفها من تهديد محتمل يأتي من جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لكنه أيضاً يعكس تطلعات أبوظبي لزيادة النفوذ الجيوسياسي في المنطقة.
وما زالت إيران “الشيعية” التي تشهد نزاعاً إقليمياً طويل الأمد مع الإمارات، قوة إقليمية منافسة تمثل تهديداً للملكيات العربية السنية، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات. وفي الوقت نفسه تخصص الإمارات المزيد من الموارد لمواجهة حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يعتقد أنه الذراع السياسي للإخوان المسلمين في اليمن.
صدامات عدن
وتذهب الدراسة إلى القول بأنه وبالنسبة إلى الإمارات العربية المتحدة، أصبحت اليمن مساحة متزايدة حيث تعمل على توسيع قوتها، والعمل مع الشركاء المحليين – ولا سيما الانفصاليين الجنوبيين وبقايا نظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح – على حساب الحكومة المعترف بها دوليا.
وتتضمن استراتيجية الإمارات لزيادة مكانتها الجيوسياسية بعدًا بحريًا كبيرًا للغاية، وقد تحركت أبوظبي للسيطرة على المزيد من طرق الشحن المهمة استراتيجياً.
كان المبرر الرئيس لتدخل التحالف هو دعم الحكومة المعترف بها دوليًا في اليمن لمواجهة الحوثيين. ومع ذلك، تشير التطورات الأخيرة إلى أن الإمارات تفضل دعم الشركاء البديلين، وأبرزهم الانفصاليين الجنوبيين الذي يمثلهم “المجلس الانتقالي الجنوبي”، وبقايا حزب المؤتمر الشعبي العام الموالِ ل”علي عبدالله صالح”.
كانت الحكومة، رغم ضعفها واختلال وظيفتها، شريكة مهمة للتحالف الذي تقوده السعودية. ومع ذلك، في 28 يناير/ كانون الثاني، أطلقت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات عملية للسيطرة على مدينة عدن والتحكم فيها. وهذه المدينة الساحلية هي مقر الحكومة اليمنية المحاصرة – في حين يعيش الرئيس عبد ربه منصور هادي في المملكة العربية السعوديةـ ولا يزال مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر يقيم هناك. (عاد ابن دغر في ابريل/نيسان الجاري لكن يبدو أن الدراسة كُتبت قبل عودته بالرغم من أنها نشرت في 24 ابريل/نيسان-المترجم)
لا هادي ولا ابن دغر من أعضاء حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين، لكن الإمارات ترى أن أعضاء الحزب يسيطرون على المؤسسات والحكم.
وتابعت الدراسة إنه وفي نظر دولة الإمارات، يمثل حزب الإصلاح تهديدًا لها، وربما أكبر الآن من الحوثيين الشيعة. ونتيجة لذلك، هاجمت القوات الموالية للإمارات والتي تساند المجلس الانتقالي الجنوبي مواقع الحكومة في المدينة وطالبت بإقالة ابن دغر.
تم إنهاء الاشتباكات من قبل الوساطة السعودية الإماراتية في فبراير/شباط. على الرغم من أن ابن دغر حافظ على منصبه، فإن المجلس الانتقالي بقيادة الجنرال عيدروس الزُبيدي اكتسب قوة ونفوذ بسيطرته على المدينة.
أولويات الإمارات
تجادل الدراسة بأن الإمارات طالما اعتبرت، الإخوان المسلمين تهديدًا للأمن القومي. في تسعينات القرن الماضي وأوائل الألفية الثانية، كانت التوترات قائمة بين الحكومة وجماعة الإخوان، وأسفرت حملات القمع ضد أعضاء الحركة في الإمارات عن مئات الاعتقالات. بعد موجة احتجاجات الربيع العربي في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2011 ، نمت مخاوف الإمارات بشأن الإصلاحيين في بلادها.
على الرغم من أن سكان الإمارات يتمتعون بواحدة من أعلى المستويات المعيشية في العالم والدعم الحكومي السخي ومدفوعات الرعاية الاجتماعية، فقد دعا أعضاء الفرع المحلي للإخوان المسلمين (هم في الأصل جمعية الإصلاح) إلى المزيد من الإصلاح والمزيد من الحقوق. وكان رد الحكومة اعتقال خمسة من أعضاء جمعية الإصلاح اوتهامهم بإهانة الحاكم.
في مواجهة ما بدا أنه النداء المتنامي للإخوان المسلمين في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – والذي تجلى في المجموعة الفائزة بالانتخابات في مصر وتونس وليبيا – أطلقت الإمارات استراتيجية مناهضة للإخوان تختار دعم أي قوة قابلة للحياة تواجهها.
وكثفت الإمارات من تلك الحملات والدعم بعد أن قطعت السعودية والإمارات ومصر والبحرين العلاقات الدبلوماسية وفرضت عقوبات على “قطر” متهمين جارتهما الخليجية بدعم الإخوان المسلمين. وتنفي قطر دعمها للجماعة، لكن بخلاف متهميها لا تحظر الجماعة وتعتقد أنه يجب تضمينها في العمليات السياسية في جميع أنحاء المنطقة. وقد دعمت الحكومات التي يقودها الإخوان المنتخبون في مصر وتونس، فضلاً عن دعم الفصائل المرتبطة بالإخوان في ليبيا وسوريا.
ومن أجل وضع قطر تحت الضغط، تهدف الإمارات إلى إضعاف جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء المنطقة. وتدعم كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الحكومة العسكرية بقيادة عبد الفتاح السيسي في مصر، التي أزاحت محمد مرسي من السلطة، وقامت بقمع الفرع المصري من الجماعة. وهو الأقدم والأقوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتستدرك الدراسة بالقول إنّ الوضع في اليمن أكثر تعقيدًا. لم تستطع دولة الإمارات استبعاد حزب الإصلاح لأنه كان عنصراً قوياً في المعارضة، وكان مركزياً لحركة الاحتجاج التي أدت في عام 2012 إلى وضع نهاية لحكم الرئيس علي عبدالله صالح الذي استمر 32 عاماً. ومع ذلك دعمت الإمارات السياسيين الذين احتلوا مناصب رفيعة في اليمن ما بعد صالح، أبرزهم رئيس الوزراء السابق خالد بحاح الذي كان وزيرا للنفط في عهد صالح بين عامي 2006 و2008.
تقسيم الحلفاء
وحسب الدراسة التي ترجمها “يمن مونيتور”، ففي المقابل، تلتزم المملكة العربية السعودية بدعم حكومة هادي وكجزء من الصفقة التي أدت إلى إقصاء صالح تم إعفاء الإصلاح من تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية. في أعقاب صدامات عدن، أصبح الخلافات بين استراتيجيات السعودية والإمارات أكثر وضوحًا. في الوقت الذي تقود فيه السعودية التحالف وتحظى بأكبر قوة ضمنها، تحركت الإمارات بسرعة أكبر، للتأثير على الديناميكيات اليمنية الداخلية لمصالحها الخاصة.
ويمكن إرجاع الانقسام بين السعودية والإمارات بشأن اليمن إلى قرار هادي العام الماضي، الذي تم إعداده من مقره في السعودية، ليحل “ابن دغر” محل رئيس الوزراء الذي تدعمه دولة الإمارات “بحاح”. ورفع هادي أيضاً اللواء علي محسن الأحمر، حليف للإصلاح والقريب من صالح، وعينه نائباً للرئيس، وهو منصب آخر كان به بحاح يحتفظ به.
بينما لم تدعم المملكة العربية السعودية بالضرورة قرارات هادي، لكنها لم تعارضها. غير أن دولة الإمارات أدانت هذه الخطوة وشرعت في تنفيذ استراتيجية تهدف إلى تمزيق التحالف بين الحوثيين وصالح، حيث أن اختيار الأخير سيكون أفضل أمل لهزيمة الحوثيين في شمال اليمن. وفي الوقت نفسه، في الجنوب دعمت الإمارات أيضًا تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
تحرك “صالح” في ديسمبر/كانون الأول الماضي وانقلب ضد الحوثيين. مع ذلك فشلت “انتفاضته” في صنعاء وقَتله حلفاؤه السابقون في جماعة الحوثي. احتضنت الإمارات بسرعة ابن أخيه، العميد طارق صالح، رئيس قوة حماية صالح، وقدمت له ملاذاً في الجنوب. وبدعم من الإمارات، يقوم طارق صالح الآن ببناء قوة مقاتلة بهدف السيطرة على من مناطق الحوثيين في الشمال (تحركت قوات طارق صالح في الساحل الغربي الأسبوع الماضي-المترجم).
لقد حدثت الاشتباكات في عدن بعد أسابيع قليلة من انتفاضة صنعاء الفاشلة. إن الانفصاليين الجنوبيين ومؤيدي صالح، الأعداء لمدة 25 سنة، يشيرون الآن إلى أنهم منفتحون على التعاون وبناء تحالف استراتيجي. هذا التحول الملحوظ، وتحالف هذين الممثلين، يوضح مدى تعقيد الصراع في اليمن.
وقد حصل الانفصاليون الجنوبيون في المجلس الانتقالي الجنوبي ومؤيدي صالح في الماضي على دعم من إيران الشيعية، لكنهم استفادوا أيضًا من دعم الدول العربية السنية المعارضة لطهران. يقوم قادة المجموعتين الآن بإصدار خطاب معادٍ للإيرانيين ويدعون أن استراتيجياتهم جزء من جهد عربي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة، لمواجهة النفوذ الإيراني!
التحركات الخفية
وتذهب الدراسة إلى تحليل الوجود الإماراتي في بحار اليمن، مشيرة إلى أنّ الإمارات تحركت لتوسيع وجودها وتأثيرها حول مضيق باب المندب. بالإضافة إلى قواعدها البحرية في عصب بإريتريا وبربرة-في أرض الصومال، تسيطر دولة الإمارات أيضًا على جزيرة سقطرى اليمنية. يتهم المنتقدون اليمنيون الإمارات صراحةً بأنها قوة استعمارية تنتهج أجندة للسيطرة على منطقة باب المندب.
في نفس الوقت، تتهم الإمارات برغبتها في منع عدن من العودة إلى “عصرها الذهبي” – في الخمسينات من القرن العشرين، كانت واحدة من أكثر الموانئ ازدحاما في العالم، بعد نيويورك فقط- وأصبحت منافسة لدبي. تنفي الإمارات العربية المتحدة هذه الادعاءات، لكن نفوذها في اليمن، خاصة في الجنوب، وانتشارها البحري يجعلها في موقع استراتيجي قوي.
وتلفت الباحثة إلى أنّ “اليمن بلد صعب عندما يتعلق الأمر بالتحالفات السياسية والعسكرية. تاريخها الحديث هو عبارة عن مجموعة من الحروب الأهلية والتحالفات المتغيرة. من حضرموت إلى عدن، تدعم الإمارات المليشيات المحلية وقد ضمنت شبكة من التحالفات والشركاء المحليين في مختلف المحافظات اليمنية الجنوبية”.
بينما كانت القبائل مؤثرة تاريخياً في سياسات شمال اليمن، تتشكل الولاءات السياسية في الجنوب على طول خطوط المحافظات. وإدراكا من هذه الديناميكيات، دعمت الإمارات “الزُبيدي” لتولي قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي. ينحدر الزُبيدي من محافظة الضالع. ويواجه هو وكثير من الضباط العسكريين والزعماء المحليين من إقليمه المحلي ولحج المجاورة جذور عميقة من الخلافات والحروب مع أقرانهم في محافظة أبين مسقط رأس الرئيس هادي.
وهناك فصيل آخر مهم في المجلس الانتقالي يقوده الداعية هاني بن بريك، الذي تم فصله من منصبه الوزاري من قبل الرئيس هادي في أبريل 2017 في خطوة تهدف إلى تقليص نفوذ الإمارات في اليمن. لقد اجتذب السلفيين بعيداً عن القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP)، لكن مؤهلاته الإسلامية كانت مهمة أيضاً في المواجهة مع الإصلاح.
فرق تسد
استخدمت أبوظبي وكلاءها بشكل كبير، ونجحت في إبعاد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من مدينة المكلا، عاصمة محافظة، حضرموت، في عام 2016. لكن الميليشيات متهمة بانتهاك حقوق الإنسان وأدت إلى إضعاف قوة حكومة الرئيس هادي إلى حد كبير، وكان من المفترض أن يتدخل التحالف الذي تقوده السعودية.
في هذه الأثناء، كانت الحركة الانفصالية في المجلس الانتقالي الجنوبي، التي تلقت في وقت من الأوقات الدعم من إيران وكانت على علاقة ودية مع الحوثيين عندما كان صالح، عدوهم المشترك، في السلطة، هي الآن حليفة للإمارات العربية المتحدة والتحالف. ومع ذلك، ففي الوقت الذي شجعت فيه قيادة المجلس الانتقالي على إدارة ظهرها لإيران، من غير المرجح أن تدعم الإمارات انفصالها الكامل وعودة الدولة اليمنية الجنوبية القديمة. وسيكون ذلك مكلفًا للغاية وسيؤدي إلى تحديات جيوسياسية جديدة. بدلاً من ذلك، تستفيد الإمارات من إبقاء اليمن ضعيفًا ومنقسماً.
أدّت القدرات البحرية لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى بعض النجاحات عندما هاجمت الحوثيين في المدن الساحلية، وهو الأمر الأكثر وضوحًا في استعادة ميناء المخا. لكن هذه القوة لم يقابلها أي تقدم ملحوظ في أي مكان آخر، وفي شمال اليمن، تواجه إستراتيجية الإمارات صعوبات. بعد ثلاث سنوات من بدء الحرب، يصارع التحالف، بكل تفوقه العسكري، بشكل واضح لمواجهة الحوثيين.
وتبيّن الدراسة أنّ طارق صالح، رجل الإمارات الجديد في اليمن، لا يبدو أنه يتحرك بسرعة كافية في محاولاته لبناء قوة قادرة على مهاجمة الحوثيين وتحرير صنعاء. في الوقت نفسه، أثبت الجنوبيون أنهم قوة محاربة قوية ضد تحالف الحوثي – صالح في مناطقهم، لكن من غير المرجح أن يكون لهم نفس التأثير في الشمال.
وخلصت الدراسة بالقول: “قبل أن تتحرك في صنعاء، قد تحتاج الإمارات العربية المتحدة وحلفاؤها إلى مواجهة جبهات تعز ومأرب، حيث تتركز معظم القوات الموالية للحكومة ومتعاطفة مع الإصلاح. علاوة على ذلك، فإن أي تقدم جوهري لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن يتطلب موافقة السعودية”.
المصدر الرئيس
The UAE’s Divisive Strategy in Yemen