تقارن الكاتبة في المقال بين الحركات الانفصلية في الاتحاد السوفيتي واليمن في بعض البلدان يوجد اصوات تطالب بالانفصال عن الدولة الأم , واقامة دولة خاصة بهم إلا ان هذه المطالب قد تجرهم إلى ويلات لا يحمد عقباها , فكم من امثلة كثيرة مأساوية حدثت بعد الانفصال, كان مصير سكانها إما التهجير في المخيمات و المجاعة بسبب الحروب , او الاقتصاد الهش الذي وضع الدولة في مربع الفقر. سأذكر في مقالتي بعض الامثلة عن الدول التي انفصلت عن الدولة الام ولم تستقر بعد هذا القرار.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتقسمه الى خمسة عشر دولة , نهض الاقتصاد الروسي من جديد بعد تولي الرئيس فلاديمير بوتن الحكم, بالمقابل ضعف اقتصاد بعض هذه الدول مثل اوكرانيا التي تعاني حاليا حرب اهلية , وصراع بين الحكومة الاوكرانية وروسيا حول اقليم القرم الذي اختار ابناء هذا الاقليم في استفتاء انضمامهم الى روسيا , اما بقية الدول مثل طاجكستان أوزبكستان كازاخستان تركمانستان لا يزال اقتصادها ضعيف ويتوافد المئات من ابنائها الى روسيا للممارسة الاعمال الحرة, متمنين أن يكون معهم الجواز الروسي.
– صربيا ومونتينيجرو الدولتان اللتان انفصتا عن يوغسلافيا 1991 م كدولة واحدة , وفي عام 2003م انفصلت مونتينيجرو عن صربيا وتلاها في فبراير 2008م استقلال كوسوفو عن صربا , لا يوجد في كوسوفو صراع داخلي الا انها تعاني من التوتر والجريمة .
اقتصاد هذه الدول الثلاث ضعيف جدا ومواطنيهم يسافرون الى دول اخرى لطلب العمل ,وحاليا ترغبان صربيا ومونتينيجرو بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي .
– في جنوب السودان كان نتائج الاستفتاء الانفصال عن السودان بنسبة 98 % في 9 يناير 2011 م والذي اعلن فيها قيام دولة جنوب السودان و عاصمتها جوبا , حضر حفل استقلال البلاد الرئيس السوداني (عمر البشير) والرئيس هذه الدولة الجديدة (سليفا كير), اضافة الى بعض زعماء دول اخرى. الا أن هذه الدولة لم تنعم طويلا بالاستقرار وسرعان ما انفجرت حرب اهلية بين الرئيس سليفا كير ومعارضيه عام2013 م, وها هي البلاد تدخل العام السادس منذ انفصالها .
خيبت هذه الحرب امال المواطنين وشردت اكثر من ثلاثة ملايين نازح في المخيمات حسب احصائيات الامم المتحدة لحقوق الانسان عام 2017 م.
– ليس ببعيد استقل اقليم كردستان العراق في استفتاء 26 سبتمبر 2017م عن دوله العراق كانت نسبته 92% مؤيد ا , يحتوي هذا الاقليم على ثلاثة مناطق ( السليمانية ودهوك واربيل ).
– رفضت الحكومة العراقية هذا الاستفتاء وفوض البرلمان العراقي رئيس الوزراء بنشر قوات من الجيش لسيطرة على حقول النفط في المحافظات النفطية , ويمكننا القول ان هذا الاقليم بسبب هذا الاستفتاء خسر اكبر محافظة لنفط وهي ( كركوك). التي لا تزال محل صراع بينهما .
حاليا يوجد بعض الاصوات المطالبة بالانفصال في جنوب اليمن , متجاهلين انهم يجرون أنفسهم الى فوضى عارمة وواقع حرب اهلية كما كانت البلاد قبل الوحدة , مع ان هناك دول تمد لهم يد المساعدة الا انها ستتخلى عنهم في نهاية المطاف .
مع ان احتمالية الانفصال شيء ممكن في ظل ضعف الحكومة اليمنية التي خيبت آمال جميع مواطنيها في اخراج البلاد الى بر الامان , الا انه اذا تم انفصال جنوب اليمن عن شمالها فأن هذا الانفصال سيكون له عواقب وخيمة ومنها:
1.ان الجنوب يفتقد الى القائد الماهر الذي يمكنه ان يقود البلاد الى بر الامان ويرفع من اقتصادها فتجربة الحرب الاهلية السابقة قبل الوحدة في جنوب اليمن ستعيد نفسها
2. الجيش الجنوبي تشتت منذ الوحدة بين وجنوبها شمال اليمن مما يتوجب على الجنوب تأسيس جيش جديد
3.عادة ما تكون دعوات للانفصال من كافة ابناء الشعب , لكن الكثير من ابناء الجنوب لا يرغبون بالانفصال عن الشمال .
من الممكن المطالبة بحقوقهم وعرضها على الحكومة في حال استقر الوضع في البلاد فالوضع الحالي للبلاد لا يسمح لهم باستخدام قضيتهم كورقة ضغط عليها , فقضيتهم بالإمكان حلها اذا استقر الوضع البلاد , فهم يستطيعون فرض مطالبهم على الدولة دون الحاجة الى الانفصال واحداث الفوضى وتشريد المواطنين .
فالبلاد من شمالها الى جنوبها تعاني من حرب اهلية مع المتمردين الحوثيين الذين بدورهم قاموا بقتل عن حليفهم علي عبدالله صالح بعد ان جروا البلاد الى عدوان من قبل دول التحالف العربي مما سبب قتل الموطنين وحصارهم منذ اربعة سنوات وهاهم مثال حي للدمار داخل البلاد .
وبهذا في الوحدة تكمن القوة وفي التفرقة يولد الضعف ومن الافضل المطالبة بالحقوق بطريقة سلمية .