لن يخرج اليمنيون من هذه الدوامة الدامية قريباً، وربما لن يخرجوا منها البتة.
لن يخرج اليمنيون من هذه الدوامة الدامية قريباً، وربما لن يخرجوا منها البتة.
فالجيل الذي يسود البلاد اليوم -في الشارع السياسي والشعبي على السواء- ليس شبيهاً أو قريب الشبه بكل الأجيال التي سادت اليمن في كل منعطفات وفترات التاريخ اليمني.
هو جيل أنقطعت صلته بمبادىء السياسة والاجتماع وبقواعد الأخلاق والقيم وبهيبة القانون والمؤسسة.
إن قراءة سريعة لبانوراما العادات والممارسات والطبائع والجرائم التي أنتشرت في البلاد اليوم، وصارت ظاهرة واضحة المعالم وبليغة الأثر ، تقود بالضرورة إلى هذا الاعتقاد وإلى التشاؤم بالغ السواد من قادم الأيام.. أما البحث في التفاصيل والوقائع والبيانات والأرقام فقد يقودك إلى الهروب السريع من الواقع القائم في هذا البلد، لانقاذ ما يمكن انقاذه من معنويات وماديات حياتك وأسرتك.
الاعتقاد بأنني متشائم جائز.. لكن معرفة الحقيقة، أو قراءة مقدماتها على نحو صحيح، لابد من أن تؤدي بك الى هذه الحالة بالضرورة.
خُذ مدينة عدن مثالاً…
ان من يعرف هذaه المدينة قبل ثلاثة عقود على الأقل، ثم يأتي اليها اليوم، سيتيقّن -منذ أول وهلة- أنه جاء الى مدينة أخرى وقوم آخرين، لا صلة لهما البتة باسم عدن -مجرد الاسم- ناهيك عن الفعل والتاريخ والانسان والهوية.
فما هو سرّ الانقلاب أو التحول الحاد الذي حدث في انسان وأشياء هذه المدينة، وبالتحديد الأجيال الجديدة التي ظهرت وتشكلت خلال هذه العقود الثلاثة على الأقل؟
وهل التداعيات التي شهدتها البلاد عموماً، ومدينة عدن بالذات، منذ قيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990 على كافة الأصعدة -سياسية واحترابية واجتماعية واقتصادية- قد أسهمت بصورة مباشرة في حدوث هذا التحول؟
وماهي طبيعة الأثر الخطير على حاضر ومستقبل اليمن الذي تُحدثه صيرورة البوصلة الاجتماعية والثقافية العدنية، من هوية المدنيّة والتعايش والتسامح التي عرفتها عدن منذ نشأتها الحضرية الحديثة، الى هوية رفض الآخر والعنصرية والعنف التي صارت عليها عدن اليوم؟
وثمة غيرها من علامات الاستفهام الهامة الأخرى التي ربما يستبهم على المرء الاحاطة بما تستدعيه من اجابات قد تستحيل إلى مفاجآت يصعب على العاقل احتمالها!
وقد يكون بالضرورة عقد ندوات -تتسم بالطابع العلمي الحق، لا السياسي المحض- للاقتراب من امكانية الحصول على اجابات قريبة من جذوة الحقيقة ومتعايشة مع طبيعة الواقع.
إنني أدعو أهل الشأن والاختصاص إلى خوض غمار الجدل الجاد في هذه الظاهرة الخطيرة، لاسيما أن واقع الحرب وغياب القانون ومؤسسات الدولة -اليوم- يزيد من تفاقم ضرر هذه الظاهرة إلى مستويات خطيرة للغاية قد تبلغ تداعياتها مستويات كارثية بمعنى الكلمة!
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.