كيف يمكن أن تغير معارك الحدود مسار الحرب في اليمن؟! (تحليل خاص)
للمرة الألى تدفع السعودية بقوات برية للمشاركة في عمليات عسكرية داخل اليمن
يمن مونيتور/ صنعاء/ من عدنان هاشم
يحتدم القتال على الشريط الحدودي بين اليمن والسعودية منذ يونيو/حزيران2015، لكن منذ مطلع العام الجاري فقط كانت المعارك أشد قوة وبئساً من ذي قَبل؛ ولأهمية هذه الجبهة من جبهات قتال عديدة يديرها الحوثيون، فإن تأثيرها على حرب اليمن سيكون كبيراً للغاية.
منذ الأول من يناير/كانون الثاني وحتى (11 مارس/آذار) سقط 72 قتيلاً من الجيش السعودي على الحدود مع اليمن حسب إحصائية لـ”يمن مونيتور”؛ وخلال الأسبوعين الأخيرين لم يمر يوم دون مقتل جنود سعوديين بهجمات الحوثيين.
وتقتصر المعارك في ثلاث مناطق حدودية هي “نجران وجازان وعسير”، ويتحدث الحوثيون عن سيطرتهم على قرى ومناطق، وينفي السعوديون ذلك ويتحدثون عن صد هجمات على نوبات حراسة على الحدود، لكن الوضع أكبر من مسألة صد هجمات، فمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى تحدث في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن قرابة (265 كم) يسيطر عليها الحوثيون أو منطقة اشتباك كبيرة.
ميزة الحوثيين
يملك الحوثيون ميزة كبيرة مقابل القوات السعودية حيث ترتبط السلاسل الجبلية اليمنية على الحدود في معقل الحوثيين صعدة (تحد الثلاث المناطق السعودية) لتشكل الكهوف والمغارات مناطق آمنة من الغارات الجوية التي يقودها التحالف، ما يسبب عبئاً كبيراً على سلاح الجو السعودي الذي يحاول تأمين المنطقة.
لذلك قررت المملكة العربية السعودية إجراء منطقة مغلقة آمنة من الجانب اليمني خاضعة لسيطرتها، حسب مصدر عسكري تحدث لـ”يمن مونيتور”؛ مشيراً إلى أن هذه المنطقة سوف تأمن الحدود السعودية من الهجمات حيث سيبقى حاجز الصد داخل الأراضي اليمنية.
لكن إذا كان الحوثيون بالفعل يقومون بعملياتهم داخل الأراضي السعودية وفي المناطق والقرى السعودية، فإن هذه الخطة ستبدو منهكة للجيش السعودي، فالشريط الحدودي الكبير، علاوة على التضاريس الجغرافية وإمكانية دخول الحوثيين على شكل مجموعات من 7 إلى 15 شخصاً، وسيطرتهم على معظم الجبال والثكنات الجبلية فإن هذا الخطوة ستعني المزيد من القتلى في صفوف الجيش السعودي.
المرة الأولى: قوات برية
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشرت المملكة العربية السعودية قوة عسكرية ضخمة على الحدود تتضمن وحدات من قوات النخبة بأسلحة حديثة للغاية. وفي مطلع مارس/آذار الجاري تحدث وسائل إعلام سعودية أن الجيش السعودي تدخل في الأراضي اليمنية باتجاه منطقة “حرض” إلى جانب قوات من التحالف العربي وأعداد من الجيش الوطني.
وعجز الجيش اليمني عن التقدم في منطقتي حرض وميدي منذ2016 وضلت المعارك في مكانها منذ قرابة العام، إلا من تقدم ضعيف. وبالرغم من أن وسائل الإعلام السعودية لم تشر إلى عدد القوات التي وصلت إلى منطقة حرض إلا أن هذه الخطوة هي الأولى التي تشارك فيها القوات في عمليات عسكرية على الأراضي اليمنية. ولم يسبق أن تدخلت القوات السعودية التي ضلت تدافع عن الحدود من هجمات الحوثيين، إضافة إلى عمليات خاصة لاستهداف مواقع محددة، ثمَّ تعود إلى الأراضي السعودية.
ويعتبر هذا هو المتغير الأول للمعركة الحدودية؛ حيث أنّ تغير الاستراتيجية العسكرية السعودية بعدم التدخل في معركة برية في اليمن يشير إلى أن الأمر لم يعد يحتمل. وترى المملكة أن الدفع باتجاه تحرير ميناء الحديدة من الحوثيين سيجبرهم على الجلوس في طاولة مفاوضات لتنفيذ القرار الأممي 2216 والذي يعترف بالرئيس عبدربه منصور هادي رئيساً شرعياً. ولكن احتمالات ذلك تبدو ضئيلة مع تحول قادة الحوثيين -وآخرين- إلى أمراء حرب يتمكنون من استخدام الحرب كوسيلة لجلب الإيرادات.
كما أنّ ذلك إلى -جانب التغيرات العسكرية الأخيرة في الجيش السعودي- يشير بوضوح إلى أن المملكة عازمة على استمرار الحرب حتى تحقيق الانتصار. لكن إطالة أمد الحرب أكثر سيجلب الكثير من المشكلات على المملكة “إنسانية واقتصادية وسياسية ودولية” فالضغوط الدّولية المستمرة نتيجة “أسوأ أزمة إنسانية في العالم” -حسب تعبير الأمم المتحدة- والسمعة الخارجية للمملكة بكون أغنى دول الشرق الأوسط يهاجم أفقرها يدفعان باتجاه سرعة الحسم ويبدو أنّ ذلك أصبح صعباً، وكان مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح فرصة مثالية، إلا إذا حدثت متغيرات أخرى ليس أقلها عودة التحالف إلى أهدافه الأصلية، وتجنب إسقاط شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته “كما حدث في عدن في يناير/كانون الثاني الماضي”.
الحل السياسي
عدم حدوث ذلك تدفع المعارك الحدودية والصواريخ الباليستية الحوثية التي باتت تستهدف الرياض، (صواريخ بالستية سقطت في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول الماضيين)، ستدفعان المملكة باتجاه الحل السياسي بما يضمن عدم تهديد الحوثيين للأراضي السعودية؛ ويبدو أن دبلوماسيين غربيين ومراقبين يدفعون باتجاه على هذا النحو. وقال وزير الخارجية البريطاني خلال زيارة ولي العهد السعودي إلى لندن إن بلاده ستدفع باتجاه أنّ يكون الحوثيين جزء من حكومة انتقالية مع التزامهم بعدم تهديد الحدود السعودية.
كما أن الضغط المتنامي على المناطق الحدودية، والصواريخ البالستية التي تطال المنشآت النفطية السعودية، في “جازان” تحديداً إلى جانب عدم قدرة التحالف والحكومة الشرعية على تحرير الحديدة، إضافة إلى الأزمة الإنسانية التي تفاقمت وحالة السخط اليمني من المملكة بعد القوانين التي لم تستثني العمال اليمنيين وعودة مئات الآلاف إلى بلادهم منذ 2017، والغارات التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية، والتفكك المستمر داخل التحالف العربي جنوباً واستهداف الحكومة الشرعية وإضعافها، سيزيد ذلك من الضغوط الدّولية بما فيها الولايات المتحدة من أجل إنهاء الحرب في اليمن والحل السياسي الذي يبقي حالة الاحتقان استعداداً لجولة قادمة من الحرب.