“لؤي” عمره عامان، جاء من الغرفة الأخرى يجري هارباً من صوت الطائرة ليختبئ في حضني؛ غرس رأسه الصغير وغطاه بيديه وهو يقول: “حالة أنا أحبي”، يعني “خالة أنا اختبيء”!!
“لؤي” عمره عامان، جاء من الغرفة الأخرى يجري هارباً من صوت الطائرة ليختبئ في حضني؛ غرس رأسه الصغير وغطاه بيديه وهو يقول: “حالة أنا أحبي”، يعني “خالة أنا اختبيء”!!
يعتقد الصغار أن أحضان الكبار تستطيع أن تحميهم دائما، ونعجز نحن عن اخبارهم أن اعتقادهم خاطئ، وأننا نحن أيضا نخاف، ونبحث عن حضن يحتوينا، حين خذلنا حضن الوطن.
مثل “لؤي” آلاف الأطفال اليمنيين، يسكنهم الخوف من هذه الحروب الظالمة التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، منهم من يكون جسده الصغير هدفاً عشوائياً يحمله إلى عالم السماء دون رحمة، ومنهم من سيكمل حياته مبتور اليد أو الساق أو فاقد عينه..أو مشوّه.
يخاف الأطفال، ونخاف نحن الكبار مرتين، مرة حين يخافون ومرة خوفا عليهم.
هناك كان طفل يجمع “الزراقيف” ليفاجئ رفاقه بماجمع، وطفلة أخرى تمشط شعر عروستها وتضمها إلى صدرها وتهدهدها علها تنام؛ تبعثرت “الزراقيف”، ونامت الطفلة قبل عروستها. نيران صديقة وأخرى شقيقة.
كان لديهما اسمان، وصارا ضحايا، شهداء، قتلى؛ كانا طفلين يضحكان، وصارا لا شيء، مجرد وجع في قلب أب وأم، لن يمنحهما لقب “شهيد” أو “ضحية” متعة في الحديث عن صغيريهما اللذين صارا كتل من اللحم.
يبيد القتلةُ الطفولةَ في اليمن باسم الله، وباسم الدين، ويوهمون أنصارهم أنهم يعيشون من أجل الله ومن أجل الدين، “المقدسات” تقتل أطفالنا وتقدس مدعييها.
هل كان ذنب أطفالنا أن “أبا بكر الصديق” و”علي بن أبي طالب” اختلفا بغض الطرف عن سبب ذلك الخلاف وصوابيته من عدمها؟!
هم لم يكونوا حاضرين ولم ينتخبوا أحداً ولم يؤيدوا طرفاً ضد آخر.
هل قاد أطفالنا معركة صفين؟
هل شهروا سيوفهم في وجه الحسين؟
ما الذي يحدث، وأي فكر هذا الذي يجعل الله( جل في علاه) شعاراً للقتل والموت!
لن يحفظ أحد حقوق هؤلاء الصغار هم طرف ضعيف عاجز يجيد الخوف والابتسامة فقط.
سيهلكنا الله بخوفهم..سيوجعنا بخوفهم..سنشقى بخوفهم..
عليكم يا أدعياء الله..يا من تنصّبون أنفسمن متحدثين باسم السماء أن تكفوا..توقفوا هنا. دوسوا على جثة آخر
شهيدة رضيعة في تعز،؛ تطهروا بشيء من دمائها؛ روحها من تتوسلكم أن تتوقفوا، اجعلوها أخر قربان لبشاعتكم، وارفعوا أيديكم عن رفاقي الصغار في اليمن.