رسائل تهديد سعودية بلسان “أمريكي – بريطاني” موجهة لقيادة المجلس الإنتقالي يمن مونيتور/ صنعاء/ خاص
أثارت تصريحات السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر؛ في مقابلة متلفزة أجراها معه تلفزيون (بي بي سي)، حول القضية الجنوبية وتأكيده على أن مخرجات الحوار الوطني تضمنت حلولاً لها إلى جانب بقية مشكلات اليمن، العديد من التساؤلات حول موقف المملكة العربية السعودية والتحالف العربي الذي تترأسه، من المجلس الانتقالي ومشروعه المطالب بفصل جنوب اليمن عن الشمال.
وتدخل السعودية في اليمن جاء بناء على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، إذ تحرص على حماية الشرعية اليمنية من التعرض لأي تآكل ينعكس سلباً على شرعية تدخلها في اليمن، وتعي جيداً أن ضعف يلحق بالشرعية يدعم بطريقة مباشرة سلطات الحوثيين ويقويها أمام الغرب.
وحسب مراقبين، فإن مخاوف السعوديين من المجلس الانتقالي ليست بسبب حاجتهم للحفاظ على الشرعية فقط، فأحداث عدن الأخيرة كشفت عن خطورته حيث هاجمت مليشياته مبنى رئاسة الوزراء والمجمع القضائي ونهبت محتوياته، بعد أن أعلن التصعيد ضد الحكومة الشرعية إثر عقدها عدة اتفاقيات مع السفير السعودي الذي زار عدن قبيل الأحداث الأخيرة، ومن بينها اتفاقات إسناد تأمين مينائي عدن والمكلا لقوات خفر السواحل التابعة للحكومة اليمنية بعد طلب سعودي بذلك.
التصعيد أثار غضب المملكة ودفعها لتكثيف تحركها الدبلوماسي لدى الدول الغربية، وقد أفرز هذا التحرك مواقف رافضة لتمرد المجلس الانتقالي على الحكومة الشرعية في اليمن.
وكانت المسؤولة عن ملف اليمن في الخارجية الأميركية، جريسون فينسينت، قالت بأن الولايات المتحدة تدعم الموقف السعودي حول الأحداث الأخيرة في عدن بعد تصعيد المجلس الانتقالي عسكرياً ضد الحكومة الشرعية.
وأكدت في حديثها لجريدة الرياض السعودية، أن الموقف الحاسم للولايات المتحدة يرى في التقسيم “الخيار الأسوأ لليمن”، وأن واشنطن لا ترى موضوعية في أي طرح لتقسيم اليمن، لأن التبعات السلبية ستكون أكثر من الإيجابية، معلقةً: “أعتقد أن القادة الجنوبيين يعلمون ذلك أيضاً”.
أما رئيس مكتب اليمن في الخارجية البريطانية كريس هاليدي، فقد شدد على أن بريطانيا تدعم الوحدة اليمنية ولا تدعم انفصال الجنوب، وتدعم استقلالة إدارياً وعدم خلق أي مراكز صراع جديدة، جاء ذلك أثناء لقائه مراد الحالمي عضو رئاسة المجلس الانتقالي -بحسب يومية “الأيام”.
وتظهر التصريحات الغربية، وكأن ثمة رسائل تهديد سعودية بلسان “أمريكي –بريطاني” موجهة لقيادة المجلس الإنتقالي الذي يتنافس مع فصائل متصارعة من الحراك على المطالبة بفصل الجنوب عن الشمال.
الرفض السعودي ترجمه كتاب ومحللون مقربون من السلطات السعودية هاجموا المجلس الانتقالي الجنوبي، وحذروا من أهدافه وتحركاته التي وصفوها بالمتناغمة مع الحوثيين في صنعاء.
وقال الكاتب والمحلل السعودي المقرب من النظام “عبدالرحمن الراشد” إن مليشيا المجلس الإنتقالي في عدن تتساوى مع مليشيا الحوثي في جريمة رفع السلاح على الدولة، مشيراً بأن تحرك تلك المليشيا في عدن تناغم مع الحوثيين بهدف “فتح جبهة تعوضهم عن خسارتهم معسكر صالح، بمحاصرة الحكومة في عدن”.
واستغرب “الراشد” من ترويج المجلس الانتقالي لاستخدام القوة العسكرية، بناء على تظلمات من الوضع الحالي، مستدركا بأن الهجوم المسلح على مقر رئاسة الوزراء قد تجاوز حدود الخلاف السياسي.
وأضاف الراشد في مقالة له نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية تحت عنوان “من يدعم مسلحي عدن؟” بأنه وفي الوقت الذي كانت تعتقد فيه القوات الحكومية اليمنية أنها ستستعيد صنعاء وجدت نفسها معرضة لخسارة عدن، وفيما كان حديثه بهذه النقطة عن الحكومة اليمنية، إلا أنه حديث موجه ضمنيا إلى المملكة التي تسعى لإعادة صنعاء إلى كنف الشرعية.
ولفت إلى أن تحرك مليشيا الانتقالي ضد الحكومة في عدن أثبت المخاوف القديمة من أن القوى الجنوبية الميالة للإنفصال مخترقة من قبل القوى نفسها التي تريد إطالة أمد الحرب في اليمن، وتحديداً إيران.
واتهم الراشد “المجلس الانتقالي” بافتعال المعارك في الجنوب والتي يراهن فيها على إطالة الحرب في الشمال وفشل مشروع الشرعية، ظناً منه أن إطالة الحرب في الشمال سيحقق له نجاحاً مجانياً بإقامة دولة خاصة به في جنوب اليمن.
وأكد أن حرب اليمن هدفها القضاء على جيوب التمرد والاستيلاء على السلطة بطرق غير شرعية، وإعادة الدولة إلى كيانها وفق مشروع الأمم المتحدة لليمن الديمقراطي، وبدعم من المبادرة الخليجية، وهي حكومة انتقالية مؤقتة ثم كتابة الدستور أيضاً بإشراف أممي، وإجراء انتخابات برلمانية ومنها انتخاب رئاسي وتشكيل الحكومة.
وأشار إلى أن مستقبل اليمن لا تحدده السعودية أو الإمارات ولا غيرهما، بل الشعب اليمني، في إشارة واضحة إلى رضوخ أبو ظبي لضغوط سعودية تخلت بسببها عن دعمها لمطالب الانتقالي بإسقاط حكومة أحمد عبيد بن دغر.
المقال أثار حنق عضو رئاسة المجلس الانتقالي ورئيس دائرة العلاقات الخارجية والقيادي في الحزب الاشتراكي عيدروس النقيب الذي وصف كلام الراشد بـ”الترهات”، ولا يقول به إلا “جاهل أو محترف افتراء”.
هجوم النقيب جاء في مقالة له حمل عنوان “عبد الرحمن الراشد والقراءة بعين واحدة”، اتهمه خلاله بالتورط في ترديد ذات كلام وخطاب الحكومة الشرعية في اليمن.
ودأبت قيادات وناشطون في الانتقالي على مهاجمة السعودية ومحاولة إظهار انقسام بين السعودية والإمارات تجاه أحداث عدن الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بمطالبتهم بتغيير الحكومة، وهو ما نفاه السفير السعودي خلال مقابلته الأخيرة.
ولم يصدر المجلس الانتقالي أي موقف يدين الهجمات الصاروخية الإيرانية الصنع التي يطلقها الحوثيون بشكل متزايد خلال الآونة الأخير على أراضي المملكة العربية السعودية، وهو ما تفهمه الرياض على أنه تعبير من الانتقالي عن الرضا عن تلك الهجمات التي تستهدف مدنها وقراها خاصة المحاذية للشريط الحدودي.
ويعزز مخاوف المملكة من “المجلس الانتقالي” سيطرة التوجه الاشتراكي على قياداته المؤثرة، وعلى علاقته بالخليج -وفي المقدمة المملكة- خلفية عدائية تتصف بالعميقة والتاريخية، سيكون من الصعب جداً أن يحظى بدعمها.
وتزداد احتمالات الخطر لديها بالنظر إلى عمق الخلفية العدائية تجاهها، والأسوأ ان يقابل ذلك علاقة قديمة بإيران، ابتداء من فترة حكمه للجنوب اليمني باسم الحزب الاشتراكي خلال السبعينات والثمانينات، ومروراً بالعلاقة التي تجددت وتعززت خلال العقدين الحاليين، وانتهاء بالعلاقة الحالية التي تربط شخصيات كثيرة في الانتقالي بإيران، وهو ما انعكس مؤخراً تجاه موقفها من أحداث عدن الأخيرة ودعمها للحكومة الشرعية وقيادة جهود التهدئة.
العداء (القديم الجديد) لم ينهه تغير الأسماء ولا اختلاف الرموز؛ بقدر ما أبقت عليه أهمية الجغرافيا واستدارة التاريخ اللذان لا يحابيان أحداً ولا يتغيران بتغير عوامل التعرية.