كتابات خاصة

عدن والإرهاب

أحمد ناصر حميدان

 الحقيقة الوحيدة الموجعة اليوم في عدن هي الاغتيالات، تسير بوتيرة عالية لتجريف المجتمع من تنوعه وإعادة نسجه وفق أهواء وغد يطمع بالاستئثار والاستحواذ بعدن والجنوب.

 الحقيقة الوحيدة الموجعة اليوم في عدن هي الاغتيالات، تسير بوتيرة عالية لتجريف المجتمع من تنوعه وإعادة نسجه وفق أهواء وغد يطمع بالاستئثار والاستحواذ بعدن والجنوب.
اللعب تجاوز قضية الوحدة أو الانفصال، المحكومان أصلا بإرادة الناس، وإرادتهم محكومة بالدولة الضامنة للمواطنة والحريات والعدالة، بالديمقراطية كسلوك حضاري وصندوق الانتخابات كوسيلة راقية للتعبير.
اللعب اليوم صراع إرادات، بالتعصب والعصبية، صراع بين الوعي والعقلية القروية، العصبية جزء من تركيبها السلوكي، أن تعلمت ووصلت لأعلى الدرجات العلمية، تنتقل من التعصب القروي للتعصب الفكري والأيدلوجي، مع بعض الفروق الفردية، ويصعب عليها تقبل المختلف والتنوع، نوازعها تنصب في الصراع العنيف مع الآخر في التسيد وفرض الإرادة.
ولعدن نسيجها الاجتماعي المتنوع والمتعايش، منذ خمسين عاماً وعدن تعاني من هذه العصبية القروية، العصية على التكيف والاندماج مع نسيج عدن الحضاري، تعاني من محاولة الاستيلاء على عدن بتجريف مجتمعها من تنوعه وإعادة نسج خيوطه بما يواكب رغبات تلك القوى المستبدة.
عدن لن تقبل العبث بنسيجها، وستقاوم بشراسة لتحافظ على تنوعها وألوانها الزاهية الفكرية والعرقية والعقائدية.
ما يحدث اليوم من إرهاب فكري لتدمير البنية السياسية من أحزاب ومكونات فكرية، للدفع بالأمور للاصطفاف متعصب مناطقيا أو عقائديا، يبث عبر صحف ومواقع إلكترونية وحملات إعلامية مناوئة قذرة لشيطنة الآخر وبث إشاعات وفتن وتأجيج مناكفة بقصد ترسيخ التعصب، برسائل واضحة لاستهداف عدن وتنوعها وتعايشها، تتجلى اليوم بالتصفية للخصوم كإرهاب عام للمدينة.
الإرهاب الفكري كأخطر أنواع الإرهاب، للعبث بعقول الناس، واستدعاء العصبية، والبحث بين ركام الماضي عن جراح يدميها ونفوس عليلة يشعلل فيها روح الكراهية والأحقاد والضغائن، لتوجيه الصراع لما يخدم أهدافه الخبيثة.
عدن اليوم في امتحان عسير وظروف عصيبة لمواجهة هذا التيار الجارف لتنوعها وتسامحها وتعايشها، تيار يرفض أن يكون مع مشروع الدولة الاتحادية، ويتحالف مع مستبد الأمس وقواه العنيفة بشعارها الوحدة أو الموت، يتسلح رافعاً شعاره: (أنا أو الموت)، تلك هي تحالفات العنف بشعار الموت الحقيقة الذي تتجلى اليوم.
كتب ابن خلدون في مقدّمته: “إذا رأيت الناس تكثر الكلام المضحك وقت الكوارث، فاعلم أن الفقر قد أقبع عليهم، وهم قوم بهم غفلة واستعباد ومهانة كمن يساق للموت وهو مخمور”؛ مشهد نراه اليوم. البعض ينساق خلف جزاريه للمسالخ، ليذبح كالأنعام، وهو يعيش وهم التسيد والهيمنة واجتثاث الآخرين، يرهب بشعار محاربة الإرهاب النافذ اليوم، وكلما تكشفت خيوط إرهابيين تختفي بين أروقة الأمن و قوة محاربة الإرهاب.
السؤال المتداول اليوم في عدن: أين هم الإرهابيون الذين تم الاعلان عن القبض عليهم منذ سنوات وأشهر؟ وما هي نتائج التحقيقات؟ ولماذا لا يقدمون للقضاء؟
هناك الكثير من الأسئلة حول الإرهاب وحقيقة محاربة الإرهاب، بل من هو القاتل الخفي اليوم الذي يتصيد كوادر وأئمة وخطباء الوعظ والتنوير في عدن؟!
فالحقائق تتجلى اليوم والصورة تتضح معالمها مع مرور الوقت، والتاريخ لا يرحم، وعدن وأبناؤها سيتصدون للمؤامرة، وما جنازة الشهيد الشيخ شوقي كمادي إلا دليل على مدنية وحضارة وتماسك أبناء عدن للحفاظ على نسيجها الاجتماعي الرائع.
الرحمة والمغفرة للشهداء والموت والعار للجبناء والقتلة.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى