كتابات خاصة

وداعة الله يا ريهام

سلمان الحميدي

حبي لها.. رغم الظروف القاسية رغم المحن

حبي لها.. أمي سقتني إياه في وسط اللبن
تمكنت المليشيا من قتل ناشطة في تعز.. يا للانتصار الذي أحرزوه بتصفية امرأة.
كانت ريهام البدر تعمل بصمت، من موقعها كمحامية ترصد انتهاكات المليشيا، كثائرة شابة تعرفها الطرقات كانت تصنع الكعك وتوزعه على الرجال الذين يدافعون عن المدينة، شقيقها استشهد في مارس قبل سنة، وكإنسانة كانت تعمل مع فريق “حبي لها” وهو الفريق الذي استمد اسمه من أحزن أغنية تجيش بالحب للوطن:

حبي لها.. رغم الظروف القاسية رغم المحن

حبي لها.. أمي سقتني إياه في وسط اللبن

إلى أن تقول الأغنية:

من قال: محبوبتك من؟

قلت اليمن.

ريهام، كانت تتبنى مبادرات لإعانة المساكين، لم تكن تنل الكثير من الإعجابات فجل عملها منصب في الواقع لا في العالم الافتراضي الذي ستتصدره يوم استشهادها.

أحد الأبطال في جبل هان غرب تعز، كتب بحزن عن ريهام البدر: لا أخفيكم.. فقد كانت تسدد ديون بعض الشهداء ولا أحد يعلم بذلك. كانت تشتري الأدوية للجرحى عندما لا نستطيع أن نشتريها نرسل لها الفواتير وتعود إلينا بالأدوية.

ريهام ناشطة دؤوبة ظهرت بزمن قاس وظرف حالك، صاحب القضية والمبدأ يبزغ عندما يأفل المزيفون. لم تشتغل بالسفاسف، ولم يكن الوقت ملائمًا للمتاجرة تحت يافطة زواج الصغيرات أو التعبير عن الانزعاج تجاه منظر جندي فقير يرتدي بزة فضفاضة.

ريهام كانت تتوقع الموت

كانت تستوحش الأيام القادمة وكيف سنحتفل بـ 11 فبراير

ترصد وتفي مع الشهداء

تمشي في خط التماس في المسافة صفر أثناء الاشتباكات

ريهام لم تكن في الواجهة، ولم يتعرف عليها الإعلاميون إلا الخميس الفائت عندما استشهدت، فالواجهة محجوزة لمن يجيد فن التسويق بالشكل الحداثي لا جوهر الضمير، لمن يجيد رسم الخطط على الورق لا من يمشي مع الناس، من يصنع صورته بعلاقاته مع الآخرين لا بعمله.

الناس عرفوا أمل باشا.. لكن إبهارهم الكبير منحوه لريهام البدر في الوقت الضائع..

كانت أمل باشا أبرز ناشطة يمنية قبل الحرب، صورة قططها على السرير جلبت مئات الاعجابات، ومع اندلاع الحرب انتصرت أمل لنزعتها السلالية بالابتعاد عن العالم الافتراضي والإغفال عن أنشطة الحياة اليومية، أمل التي لفتت منظمات العالم فاكتظت صناديق البريد الإلكترونية ببيانات التضامن الضاجة ضد جندي دفعها بكتفه حسب المزاعم، وآخر تفوه على صديقتها اليمنية. أمل لم تتضامن مع امرأة قتلتها المليشيا.  تركت أمل اليمن وذهبت للدفاع عن المليشيا في المحافل الخارجية، لم تنشر صور تسريحتها الجديدة حفاظًا على مشاعر القتلى ولكي يتسنى لها معاودة النشاط بعد الحرب.

جيد للمرأة اليمنية أن تمثل بلدها خارجيًا نحن نفرح بالتمثيل وإن كانت ناقة تهامية في سباق الهجن بمضمار الخليج، نفرح بالتمثيل بغض النظر عن العائد المادي.

أمل باشا كانت في ندوة في مصر للحديث عن السلام في اليمن في الأسبوع نفسه الذي قتلت فيها المليشيا التي تنتمي إليها أمل، ريهام البدر في تعز.

وداعة الله يا ريهام.. وداعة الله..

المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.

*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى