لا يزال العرب يُثرثرون عن ماضيهم التليد. وأظنهم سيظلون على هذا النحو إلى يوم النشور . فليس لدى بني يعرب غير التغنِّي بأمجاد الأجداد، بعد أن عجزوا عن تحقيق ما يستدعي الفخر ويستوجب الاعتزاز.
لا يزال العرب يُثرثرون عن ماضيهم التليد. وأظنهم سيظلون على هذا النحو إلى يوم النشور . فليس لدى بني يعرب غير التغنِّي بأمجاد الأجداد، بعد أن عجزوا عن تحقيق ما يستدعي الفخر ويستوجب الاعتزاز.
ففي مضمار الانتاج والابداع العربي تكاد تكون النتيجة صفراً -عدا انتاج الكلام وابداع الشعر- قياساً بشعوب ودول كانت تتغوَّط في العراء يوم كان العرب يُراكمون الاختراعات والاكتشافات والمؤلفات على رفوف الانسانية حتى تبلغ سقف العالم.
أما في مجال الاستهلاك فليس لغير العرب انجاز أضخم مما للعرب في هذا المجال. انظر إلى اللائحة الاستهلاكية العربية العربية -وكلها من منتوجات الغرب بالطبع- بدءاً من الماكنة بمختلف أغراضها وأحجامها، مروراً بتخريجات التقنية الرقمية في عديد الميادين، وصولاً إلى آخر صرعات الأزياء والكماليات والمكيجة!
وماذا بشأن الصراع العربي الاسرائيلي التليد؟
لا أنصحك بالحديث في هذا الشأن. ويكفي أن نعرف أن حرب أكتوبر 1973 هي أول وآخر حدث يرفع رأس العربي في وجه عدوه الصهيوني. أما بعد هذا التاريخ فقد راحت كل الرؤوس -إلاَّ من رحم ربي- تُطأطىء حتى غاصت في الرمال الباردة، بل أن بعضها تنكَّس في دهاليز اللقاءات السرية التي لازالت تُعقد حتى هذه اللحظة في تل أبيب!
قال الشاعر العربي معروف الرصافي ساخراً:
” يا قوم لا تتكلموا.. إن الكلام مُحرَّمُ
ناموا ولا تستيقظوا.. ما فاز الاَّ النُوَّمُ
ودعوا السعادة، إنما هي في الحياة توهُّمُ
من شاء منكم أن يعيش اليوم وهو مُكرَّمُ
فليُمْسِ لا سمعٌ ولا بصرٌ لديه ولا فمُ”.
والحق أننا لم نعد في حاجة إلى من ينصحنا أو يأمرنا أو يشير علينا بالصمت والغفلة، بل والغيبوبة.. فنحن خير من يثرثر ويهرف بما لا يعرف، ثم يصمت صمت القبور حين يكون للقول قيمة وللكلام ثمن. ونحن خير من ينام ملء جفونه عن شواردها، فيما يضطرب العالم ويصطرع من حولنا. يستوي النوم لدينا على فراش وثير أو على شوك نثير، بل نحن من اكتشف ذبابة التسي تسي واستخدمها على نفسه وأهله.. فالأقربون أولى بالتنويم!
الأم العربية أفضل من تجيد تنويم طفلها: “نام نام واذبح لك جوزين حمام”.. ما ذنب الحمام، رمز الحرية والمحبة والسلام؟ .. ألم يكن أجدى -وأجدر- لو قالت له: “نام نام واذبح لك جوزين حُكَّام”.. أو جوزين صهاينة؟ .. أو هكذا توهمه على الأقل!
والأب العربي يُغري أولاده بالنوم باكراً في مقابل منح جائزة لمن ينام منهم قبل الآخرين.. فيعتاد الجميع على النوم، طمعاً في الجائزة.. وغالباً ما ينام الأب قبل الأولاد!
قال الشاعر العربي محمد مهدي الجواهري:
“نامي جياع الشعب نامي.. حرستْك آلهة الطعامِ
نامي فانْ لم تشبعي من يقظةٍ، فمن المنـــــــــــامِ
نامي تصحِّي، نِعمَ نوم المرء في الكُرَب الجِسامِ
نامي إلى يوم النشور ويوم يُؤذن بالقيـــــــــــــامِ
نامي على نغم البعوض كأنَّه سجع الحمــــــــــامِ
نامي على الخُطَب الطوال من الغطارفة العظامِ
نامي تُريحي الحاكمين من اشتباكٍ والتحـــــــامِ
نامي، اليكِ تحيَّتي.. وعليك نائمةً ســـــــــلامي”.
..وتصبحوا على نوووووووووووم!
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.