كتابات خاصة

الكذب الجديد!

إفتخار عبده

هؤلاء الانقلابيين الذين يريدون أن يسودوا  البلد، قد اتخذوا الكذب سلاحهم بكل شيء كان الكذب محرماً لدينا ومستنكراً وممقوتاً، بل غيرَ مألوف بين أوساط المجتمع، وكانت الأمانة هي السمة الأبرز  والتي ينظر إليها بعين السعادة والرضا، حتى مواضيعنا التعبيرية التي كنا نكتبها في المدرسة كانت أغلبها تدور حول الصدق والأمانة والوفاء.

ترى لم هذه المصطلحات اختفت لدى البعض؟! ولِمَ تختف تطبيقاً وتبقى مظهراً يتظاهرون به؟
هؤلاء الانقلابيين الذين يريدون أن يسودوا  البلد، قد اتخذوا الكذب سلاحهم بكل شيء، وتحت مسمى الصدق، كما هو معروف لديهم  بانتقاء المصطلحات وتنفيذ عكسها تماما قصداً منهم أن يخدعوا المجتمع اليمني  الذي لم يجهل حقيقتهم قط. فهم يكذبون عندما يقولون إنهم يقاتلون ما يصفونه العدوان، وهم العدوان ذاته، يقولون: إنهم يقاتلون الإرهاب والدواعش، وهم أصل للإرهاب ورأس للفساد، كم يكذبون عندما  يستخدمون شعاراتهم، بل إن الشعار بحد ذاته كذبٌ في كذب، ناهيك عن أعمالهم التي يسترونها بزيفهم.
سأتحدث عن جانب واحد، من جوانب كذبهم وخداعهم ، علماً أن جوانب كذبهم كثيرة وكبيرة، سأتحدث عن الجانب الإعلامي، أنت عندما تسمع لهم وللأخبار التي تنشرها وسائل إعلامهم، تتعجب كثيراً، وتحدث ذاتك من أين يأتون بهذه الأخبار؟! ومتى حدثت على أرض الواقع، ربما أنهم مجيدون في صياغة أخبارهم كما يشاؤون، وعندما تسمع لإذاعاتهم التي تصيبك بالإعياء لمجرد سماعها، تجد كذباً يغيض الحليم، وبهذا هم لا يستضيفون إلا مَن يرغبون بهم ولا يتواصلون إلا مع من يريدون، فلماذا يعممون حديثهم على الشعب اليمني كلّه، يتحدثون وكأن الشعب كله معهم قلباً وقالبا، والمضحك هنا أنهم هم من يقومون بالكذب وهم وحدهم الذين يصدقون كذبهم، أما الشعب فهو يعيش يقضةً لاعلم لهم بها، هم يظهرون للشعب الحب والحنان ويبطنون الحقد والكراهية  والبغضاء، والشعب قد يظهر لهم ضحكة سخرية، ويبطنون لهم ما يبطنونه له، هم يتسترون بالدين كذباً للنيل منه ومن أهله، والشعب يكشف صفحاتهم واحدةً بعد الأخرى.
يتحدثون بوسائل إعلامهم عن أعمالهم لكأنها أعمال ملوك عظام، والشعب يجد أعمالهم في أرض الواقع عكس ذلك تماماً.
ترى متى سيعلم أولئك أن الشعب لم يعد قادراً على سماع كلمة منهم حتى وإن أضافوا لها الكثير من التزيين والتزييف ليستعطفوه بإعلامهم الكاذب!!
كنت أتعجب عندما أشاهد النزول الميداني الذي يجرونه للحديث مع عامة الشعب كما يزعمون، كنت أسأل نفسي: كيف للشعب أن يتحدث بهذا؟! وهل الشعب مغفل إلى هذه الدرجة؟
في الحقيقة إنني ظلمت الشعب عندما ظننت به السوء، ولم يكن كذلك، ولقد حدث المشهد أمام عيني ليؤكد لي وعي الشعب اليمني.
جاءت كامراتهم التلفزيونية لتلتقط مقابلاتٍ مع الطلاب، قادني الفضول، وذهبت إليهم لأسألهم عن المقابلة وسببها. فقال المذيع: إنها مقابلة تتحدث عن الصمود في وجه العدوان السعودي لمدة ألف يوم، ثم سألني هل ستتحدثين؟
قلت له: إن حديثي لن يفي بغرضكم، فابحثوا عن غيري، وظل المذيع متنقلاً بين الطلاب  وكان أغلبهم  يرفض أن يتحدث إليهم  والبعض يضع عذراً، وهذا يقول: إنه لا يستطيع أن يتحدث بسبب أنه لم يعد شيئاً، مع أن المذيع كان يبسط لهم المسألة، ويشرح لهم ما يمكن أن يتكلموا به.
لم يجد المذيع إلا القلة غير الواعية هي من تتحدث إليه، في الحقيقة أشفقت عليه وعلى المصور، فقد كانا متعبين وهما يتنقلان ربما أنهما لم يحصلا على العدد المناسب حتى وصلا إلى إحدى الفتيات يتلطفان إليها بأن تتحدث لكامرتهم حتى أحرجوها  فقالت ( مش عارفة ايش اقول)! عندها قال لها المذيع بكل بساطة: “سعليش أنا شاقول لش لاتخافي”.
كنا نضحك أنا ومجموعة من الطالبات على أسلوب المذيع وعجب الطالبة، ولم نشأ نشعره أننا نسخر منه، فقلنا للطالبة: لا تخافي الأستاذ بيوضح لك الموضوع اتكلمي وبس. فقالت (أيش أقول) قال لها المذيع: (قولي إننا صامدون أمام هذا العدوان السعودي الأمريكي الغاشم حتى ولو مر عمرنا كله ليس الا ألف يوم، وزيدي قولي ان أمريكا مرفوضة وقراراتها مرفوضة.
كانت الطالبة منتبهةً له بتساؤل. فقال لها: مستعدة نبدأ؟ طبعاً تحدثت الطالبة بما قالوه لها مع نوع من التكسير، ويبدوا أنها ليست قويةً في الحفظ أو أنها  لا تطيق الحديث إليهم. بدليل أنها غيرت اسمها عندما سألوها أمام الكاميرا.
إذن، هي هكذا أعمالهم، وبهذه الطريقة يخدعون المجمتع، عجباً لكم معشراً يحبون أن يسودوا مجتمعاً لا يطيقهم.
استحلفكم بالله؛ اتركوا الشعب وشأنه، انقلوا حقيقته بعيداً عن التزييف، لأن الهدف من الإعلام خدمة المجتمع وليس هدم المجتمع.
المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى