(فايننشال تايمز) مقتل “صالح” هزَ خطط الحرب في اليمن وأثار موجة من سفك الدماء
أكدت الصحيفة عزم الحكومة اليمنية والتحالف المضي في خطط تحرير الحديدة من الحوثيين يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
أبدت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، قلقها، من تصاعد الأزمة الإنسانية في اليمن، مع استمرار الخطط الحكومية المدعومة من التحالف بدخول ميناء الحديدة. وقالت إن مقتل الرئيس السابق هزَّ ديناميات الحرب في اليمن وأثار موجة جديدة من سفك الدماء.
وتحدثت الصحيفة البريطانية في تقريرها، الذي “نقله للعربية يمن مونيتور”، عن يمني يدعى محمد حسن ظل على مدى أكثر من عقد من الزمان، يشعر بالأمان في وظيفة تفتيش البضائع وإفراغها حيث يتم شحن المواد الغذائية والنفطية والأدوية إلى ميناء الحديدة على البحر الأحمر.
وقالت إن ميناء الحديدة هو ميناء الشحن الأكبر في اليمن حيث مثّل منذ فترة طويلة الشريان الرئيسي للبلاد، وكان حسن يعتقد دائماً أن السفن سوف ترسو هناك، لكن في نوفمبر2017، شدد التحالف بقيادة السعودية حصاره البحري على البلاد إذ كونه في منطقة سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران وتخوض المملكة حرباً عليهم منذ ثلاثة أعوام.
تأثير فوري
وتشير الصحيفة إلى أنَّ تأثير الحصار كان فورياً؛ إذ فقد حسن وغيره من عمال الموانئ وظائفهم، وارتفعت أسعار الأغذية بأكثر من 30 في المائة وتضاعفت تكلفة الوقود. وقام حسن – وهو في عمر 35 عاماً وأب لأربعة أبناء- بإبعاد ثلاثة من أبنائه عن المدرسة للعمل في شوارع الحديدة.
ويقول حسن للصحيفة: “لم أكن أريد أن يتوقف أطفالي عن دراستهم، لكن أسعار المواد الغذائية زادت كثيراً ولا أستطيع إطعام عائلتي”. مضيفاً “كان عليّ أن أختار خياراً صعباً، إما أن أطلب من أطفالي بيع الحلويات معي أو التضور جوعاً، واخترت الأول”.
وقالت الصحيفة إنَّ أسرة حسن تكسب الآن حوالي 1000 ريال (4 دولارات) في اليوم، نصف ما كان يحصل عليه حسن في الميناء. ومع ذلك، لا يزال أفضل حالاً من كثيرين؛ فأكثر من 8 ملايين يمني (ما يقرب من 30 في المائة من السكان) هم على وشك المجاعة، وفقاً للأمم المتحدة، وجميعهم ضحايا لكارثة من صنع الإنسان بدأت صراعاً على السلطة اليمنية قبل ثلاث سنوات، قبل أن تتحول إلى حرب بالوكالة أسفرت عن سقوط آلاف القتلى والجرحى.
الحرب الإقليمية
يأتي ذلك فيما يستمر تصعيد القوى الإقليميَّة في معاركها من أجل النفوذ – في وقت ظلت الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب برمي كل ثقلها وراء الرياض لمواجهة إيران – أصبحت البلاد المسرح الرئيسي للحرب حيث يتصارع حلفائهم في صراع مباشر. وقد خلق بالفعل أزمة إنسانية تخاطر بالتصاعد خارج حدود اليمن.
وقالت الصحيفة إن السيطرة على الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، وخاصة الحديدة، أمر حاسم بالنسبة للحملة التي تقودها السعودية للضغط على المحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الحوثيون، ووقف ما يدعي التحالف أنه تدفق الأسلحة إلى الحوثيين من إيران وحزب الله.
ونقل التقرير، الذي ترجمه “يمن مونيتور” خشية السكان من أن تصبح الحديدة ساحة المعركة الكبرى التالية في الصراع مع قيام القوات المؤيدة للحكومة مدعومة بالغارات الجوية السعودية بشن هجوم من قواعدها الجنوبية في هجوم للاستيلاء على الميناء وتطويق صنعاء العاصمة الخاضعة للحوثيين. وقال إسلام منتصر وهو رجل يتسول وأطفاله حول الميناء: “إذا وصلت الحرب إلى الحديدة سنموت جميعاً داخل منازلنا”.
بدأ الهجوم بعد أن قتل الحوثيون علي عبد الله صالح، حليفهم السابق والرئيس الذي حكم اليمن بعد توحيد الشمال والجنوب في عام 1990. وقد أدى هلاك شخصية رئيسية إلى هز ديناميات الحرب وأثار موجة من سفك الدماء-حسب الصحيفة البريطانية.
وكان التحالف العربي قد جذب صالح إلى جانبه لاستغلال نفوذه ومكره السياسي لتدمير المسلحين الحوثيين، واعتبر الحوثيون ذلك خيانة، وقتل الحوثيون صالح بعد أيام من الاشتباكات في صنعاء. وقد شددوا منذ ذلك الحين قبضتهم على العاصمة، وشن الحوثيون حملة لاستهداف حلفاء الرئيس السابق وقتلهم. لكن في نهاية المطاف فقد الحوثيون غطاءً سياسياً وفره التحالف مع “صالح” الذي دام أربع سنوات.
وردت الرياض من خلال تكثيف قصفها للمناطق الحوثية.
مرحلة دموية جديدة
يقول فارع المسلمي، المؤسس المشارك لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: “إن وفاة صالح تغلق مرحلة دموية وفتح مرحلة دموية أخرى”. ” الجميع يحاول الدفع إلى حل عسكري لتكون لديه اليد العليا، لكن ليس هناك حل عسكري، ويعني ذلك أنَّ السياسة معلقة” متوقعاً المزيد من التصعيد لتنزلق اليمن إلى ما هو أسوأ من الصراع مع تدهور الأوضاع الإقليميَّة.
ويتهم التحالف الذي تقوده السعودية الحوثيين بكونهم أدوات في يد إيران، وتنكر طهران تسليح الحوثيين، وهو ما وصفه محللون بأنه حليف إيراني أكثر من كونه أداة من أدواتها في نفس الوقت فإنه يخدم الرؤية الإيرانيَّة للحصول على مكاسب لمواجهة الحملة الجوية.
وقال بروس ريدل، وهو محلل سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ومدير مشروع الاستخبارات في بروكينغز، إن “الدعاية الحوثية تشير إلى أنَّ اليمن يتعرض لهجوم من مؤامرة سعودية اميركية اسرائيلية”. “ومن النتائج الرئيسية للحرب دفع الحوثيين وإيران وحزب الله إلى التقارب أكثر”.
ويقول عبد المالك المخلافي، وزير خارجية اليمن، إن الاستيلاء على الحديدة وضواحيها المحيطة بها ضروري لإجبار الحوثيين للجلوس على طاولة المفاوضات. “علينا السيطرة على الحديدة، فالميناء كان ولا يزال يستخدم لتهريب الأسلحة الإيرانية”، كما يقول.
وأضاف “أنها واحدة من المصادر الرئيسية للدخل [من خلال الرسوم الجمركية] للحوثيين ونريد حرمانهم من ذلك”.
ويصر المخلافي على أن المساعدات يمكن أن تأتي عبر الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة في الجنوب، وأن الإدارة المدعومة من السعودية مقرها عدن. لكن ما يقرب من 80 في المائة من الواردات إلى اليمن تعتمد على الوصول عبر الحديدة وميناء الصليف المجاور، وفقا للأمم المتحدة. وقالت في تقرير في نوفمبر / تشرين الثاني إنه على الرغم من الأضرار التي لحقت بالحديدة خلال النزاع، “لا يوجد بديل قابل للتطبيق كميناء سواء من حيث البنية التحتية وقربها من المناطق ذات الكثافة السكانية في اليمن”.
ويقول المخلافي إن الانتقادات التي تدور حول فرض الحصار على الحديدة أصبحت “مسيسة”. يسأل: “هل يمكن للمجتمع الدولي ضمان أن لا تدخل الأسلحة عبر الميناء مرة أخرى؟ وألا يستفيد الحوثيون من العائدات الجمركية ويكسبوا المال منه؟”.
المصدر الرئيس
Yemen: Trapped in crossfire of regional power struggle