(مجلة فرنسية) شهر على مقتل “صالح”.. لا توجد نقطة تحول في الحرب اليمنية
أظهر الحوثيون أنَّ حزب المؤتمر الشعبي العام يبدو كقذيفة فارغة. يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
قالت مجلة أوريان21 الفرنسية الإلكترونية إنه وبعد شهر من مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح لم يتغير المشهد العسكري في البلاد ولم يؤدِ إلى إضعاف الحوثيين.
وأضافت المجلة في تحليل للكاتب الفرنسي”لوران بونيفوي” (الخبير في الشؤون اليمنية) نقله للعربية “يمن مونيتور”: “بعد شهر واحد من اغتيال علي عبد الله صالح من قبل ميليشيا الحوثي في 4 كانون الأول / ديسمبر 2017، لا تزال عمليات إعادة التشكيل المتوقعة في الصراع اليمني غير موجودة. إن حل التحالف بين الحوثيين وصالح لم يؤدِ إلى إضِعاف الحوثيين أو تغيير المشهد العسكري لصالح التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية. هذا الحدث يلقي سلط الضوء بشكل قاسي على فشل عمليات التحالف وأظهر أن صالح لم يكن له من الأمر شيء، وأن الحوثيين هم المسيطرون الفعليون على المرتفعات المحيطة بصنعاء”.
وأشار الكاتب إلى أن نهاية صالح كانت مفاجئة، وهو الذي ظل في الجسم السياسي لليمن على مدى أربعة عقود، لقد افزع مواطني البلاد حتى خصومه صدموا بالحادثة. لقد أظهر فيديو مقتله فوق شاحنة بيك أب وكأنهم سيلقونه في المهملات، والدماء على وجهه وكسرت جمجمته، لقد وقع في الذل والانحطاط الذي تمكن من الفرار منها خلال مؤامراته- حسب الكاتب الفرنسي-. مضيفاً لقد نجا من الناحية العملية من انتفاضة الثوار في عام 2011م، مظهراً “برَكة عجيبة” لكن رهانه الأخير مع الحوثيين كان خاسراً.
استمتع الحوثيون بتشويه صورة صالح، ونشروا صوراً كبيرة لزجاجات الفودكا في منزله، ونزعوا عنه الشرعية واستهدفوا دعايته وشككوا فيها والتي استمرت 33 عاماً في السلطة. تتلخص قصة صالح في كونه قُتل أثناء خروجه من العاصمة صنعاء بعد أنَّ بدل ولاءه من الحوثيين باتجاه عدوة السابق “السعودية”؛ ويعتقد أنصار “صالح” أنَّ الحوثيين أرادوا تشويه صورته وإظهاره بالجبان بهروبه من صنعاء.
آثار عسكرية محدودة
ويذهب الكاتب إلى مناقشة أثار مقتل صالح، وقال إنَّه إذا كان الحدث تاريخيا لا يمكن إنكاره بالنسبة لليمن، فإن مقتله لم يكن نقطة تحول في الصراع كما توقع البعض في الساعات التي أعقبت تأكيد مقتله، ولم يتحقق حتى الآن الانهيار العسكري للتمرد الحوثي كما أمّل أعداء الحوثيين من مقاتلين جنوبيين وإخوان مسلمين ومقاتلين محليين ومليشيات سلفية وجنود للتحالف ومؤيدين لصالح.
وكان صالح قد أعلن فتح صفحة جديدة مع التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، وخرج متحدث التحالف متحدثاً عن “انتفاضة مباركة في صنعاء” وفي الحقيقة فقد حمل أنصار صالح السلاح في صنعاء لبضع ساعات لكنهم لم يحققوا شيئاً عدا انكشافهم للحوثيين.
ويعتقد الكاتب في الواقع أن التعزيزات العسكرية لمؤيدي صالح في مواجهة الحوثيين ما زالت محدودة، ولم يتمكن مناهضو الحوثيين إلا من أخذ مواقع قليلة في هجوم على السهل الساحلي لتهامة أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، في مسعى للوصول إلى ميناء الحديدة (المدينة الرابعة من حيث الأهمية في البلد) دون أن يمثل ذلك حتى الآن تقدما فعليا أو أن يكون حاسما، كما حدث تقدم في الجبهة الشمالية في الجوف. مشيراً إلى أنَّ هذه الانتصارات الصغيرة حفزت قادة التحالف الخليجي، فاتخذوها ذريعة لتكثيف القصف رغم أعداد الضحايا المدنيين الذين يسقطون نتيجة لذلك، مما يفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلا في اليمن.
وفي الوقت نفسه، زادت الضغوط الدَّولية على استراتيجية التحالف، بما في ذلك دونالد ترامب حيث إجراء مكالمة عامة يوم 6 ديسمبر مع العاهل السعودي تطلب منه رفع الحصار، بعد أنَّ تأثر بصور الضحايا. وبعد ثلاثة أسابيع، تحدث إيمانويل ماكرون أيضا عن تبادلاته مع السعوديين ورغبته في رؤية القضايا الإنسانية على نحو أفضل من جانبهم. ومع زيادة التغطية الإعلامية للصراع يبحث قادة التحالف عن صورة مشرفه لتدخلهم.
تسلح جيد للحوثيين
وتابع الكاتب القول: إنه وبعد شهر من مقتل “صالح” واختفائه من المشهد، لا يزال المشهد العسكري مجمدا إلى حد كبير. إن القدرة البالستية للحوثيين، التي وصفها السعوديون والأمريكيون على أنها تمثل عدواناً مباشراً من إيران، لا تزال كبيرة وتستمر باستهداف المدن السعودية بشكل منتظم، وعادة ما تعترضها دفاعات المملكة. ولا يزال تدخل إيران موضع نزاع شديد إذ لا يزال الحوثيون ينكرونه على الرغم من انسجامهم الواضح مع مواقف الجمهورية الإيراني في سوريا وفي الآونة الأخيرة ضد التحدي الداخلي القائم على السلطة في طهران. وعرضت السعودية في نوفمبر2017 حطام صاروخ لفريق تحقيق الأمم المتحدة وأكدوا أنَّ للصاروخ ارتباط بإيران (وبالتالي انتهاك محتمل للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة).
ويشير الكاتب إلى أنَّ ثمة توقعات بإحراز التحالف بقيادة السعوديين بعض الانتصارات في الأسابيع المقبلة في تهامة على سبيل المثال، أو حتى عبر سقوط ميناء الحديدة ذي الأهمية الإستراتيجية الكبيرة للحوثيين، أو في مدينة تعز ثاني أكبر مدينة يمنية. لكن لا شيء يبعث على الاعتقاد بأن الحوثيين سيفقدون المراكز الحضرية أو الحاميات التي تؤدي إلى صنعاء أو ذمار أو عمران أو صعدة، إذ إن الحوثيين يُخضعون هذه المدن لسيطرة صارمة ويخضعونها لإدارتهم ويقمعون بوحشية كل من يظهر أي معارضة لهم هناك.
ولفت الكاتب إلى أنَّ الحوثيين ليسوا مجرد قوة عسكرية، بل هم أيضا حركة سياسية دينية تتمتع بقاعدة مؤسسية وشعبية لا يمكن تجاهلها.
ويقول الكاتب إنَّه وفي جميع أنحاء اليمن، لا يبدو أن تحالف الحوثيين مع القبائل قد تأثر بشكل كبير بموت صالح الذي تم استخدام سلطته ونفوذه في الواقع. وبدون هذا الأخير (وعدد قليل من المسؤولين التنفيذيين الذين أزيلوا في الوقت نفسه، بما في ذلك عارف الزوكا)، أظهر الحوثيون أنَّ حزب المؤتمر الشعبي العام يبدو كقذيفة فارغة.
ويعتقد الكاتب إنَّ الحوثيين “يجسدون جيل سياسي جديد. لا قبيلة وعائلة صالح (بما في ذلك أحمد علي، ابن الرئيس السابق، الذي يختبئ في أبو ظبي منذ بداية الحرب، ويُقال إنَّ السلطات الإماراتية تحاول إعادته مرة أخرى للواجهة منذ وفاة والده) ولا القوات الموالية لهم قادره على التقدم في المرتفعات حيث الحوثيين. فالحوثيون يتسعون طائفياً بفضل “تجديد الزيدية” بقيادة زعيم التمرد عبدالملك الحوثيين.
المنافسون الجُدد
ويتابع الكاتب في تحليله، حسب ترجمة لـ”يمن مونيتور”، وفيما أظهر الحوثيون صلابة في تحالفهم، يعاني مناهضوهم من انقسامات حادة، ومنذ ديسمبر/كانون الأول برغم الألم بمقتل صالح للحوثين، لم يتضح بعد الموقع الذي سيخصص لمؤيدي صالح، خصوصا بعد البدء بالترويج لأحمد ابن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، فهذا لا يعني بروز منافسين جدد للرئيس هادي فحسب، بل أيضا لنائب الرئيس علي محسن الأحمر المقرب من الإسلاميين، الذي ظلت علاقته دائما صعبة مع ابن صالح.
ولفت الكاتب إلى أنَّ تلاقح المكونات بما في ذلك الحركة الجنوبية يمثل عقبة أخرى من الناحيتين العسكرية والسياسية، فقادة المؤتمر الشعبية العام وخصوصاً عائلة صالح، – بمن فيهم طارق محمد صالح وهربوا من صنعاء والانضمام إلى قوات التحالف في مأرب – يتوقعون مكافآت أو وظائف كبيرة ما يجعل المشهد تنافسي بالفعل. ويبدو أن التسوية بين هذه الأطراف صعبة للغاية.
واختتم الكاتب بالقول: “يبدو أن وفاة صالح لم تؤد على الإطلاق إلى ما توقعه الكثيرون منها، مما ولد المزيد من الترقب والانتظار، ولا بد في النهاية من توصل النخب السياسية إلى توافق معين، لكن يبدو أنه سيكون تدريجيا، وعلى حساب المدنيين اليمنيين، كما هي الحال منذ أكثر من ثلاث سنوات”.
المصدر الرئيس
Un tournant introuvable dans la guerre du Yémen