(تقرير حصري) اللحظات الأخيرة للرئيس اليمني السابق حدد فيها نهايات حزبه لصالح عائلته
منذ مقتل صديقه “خالد الرضي” في أغسطس آثر صالح منزله وعائلته فيما كان الحوثيون يدرسون نهايته وإبقاء الهشاشة في حزبه يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص:
في 30 أغسطس/آب الماضي، أدرك الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، أن جماعة الحوثي تلف حبل الموت حول عنقه بعد ثلاث سنوات من التحالف الهش بين الطرفين، كان الحوثيون قد وضعوا في ذلك التاريخ أولى النقاط الأمنية في المربع السكني الخاص به في منطقة حدة جنوبي العاصمة صنعاء.
كان “صالح” يخضع لحصار فعلي منذ ذلك التاريخ، لقد كانت الأوضاع تتجه إلى ما آلت إليه في النهاية بمقتله منذ أول نقطة صدام عائلية بين الحوثيين وأحد أبناء صالح عندما قُتل خلال الاشتباكات أبرز رجال صالح ومقربيه “العقيد خالد الرضي”، قال صالح وقتها إنها “حادثة”، وتوافق مع الجماعة لم يستمر الأمر طويلاً حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني حتى تجددت الاشتباكات مجدداً.
وقال قادة في جماعة الحوثي شاركوا في مواجهة “صالح” لـمراسل “يمن مونيتور” في صنعاء، إنَّ الأمر لم يكن مجرد “حوادث” مع صالح بل مواجهة، كانوا يرغبون بمعرفة مدى القوة المتبقية معه بعد أنَّ امتصوها لصفوفهم طوال الثلاث السنوات من التحالف الهش، واستهدفوا عمق ترسانة “صالح” العسكرية الموالية، كما تمكنوا من خلق قوة “قبلية” موازية جمدت رصيد صالح من الولاء القبلي في القبائل السبع المحيطة بصنعاء.
وأضافوا أنَّ جماعتهم: “أخذت قراراً بتصفيته والبدء بمرحلة جديدة دون “صالح” خوفاً من المكر بها لإشارته مراراً وتكراراً بصرف المرتبات ووضع الجماعة في مأزق حقيقي “إتخذ القرار في آخر احتفال حزبي لصالح في السبعين عندما حاصر الحوثي مداخل صنعاء بالقبائل”.
خلال جنازة “الرضي” سبتمبر/أيلول2017- يمن مونيتور
“صالح” يشاهد الموت
كان مقتل “الرضي” برصاص الحوثيين، واحدة من علامات الموت وشبحه الذي ظهر في وجهة صالح عند تشييع جنازة صديقه المقرب، لقد كشف عن وجهه بعد الصلاة عليه، مع آخر اثنين بقوا مع الرئيس السابق إنهم “طارق محمد عبدالله صالح” رئيس حرسه الخاص وابن شقيقه، و”عارف الزوكا” أمين عام الحزب. قُتل الزوكا مع صالح، فيما تمكن “طارق” من النجاة.
خرج التشييع مهيباً ونُشرت بقايا قوة “صالح” الشعبية والعسكرية، في مناطق سيطرتهم، لكن الحزب وصالح لم يطالبوا بتسليم الجناة ومعاقبتهم، فيما ظل الحوثيون يثيرون صخباً واسعاً عن خيانة الرجل وانقلابه، فقد اكتفى الحزب بمناشدة تنص على نناشد المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني والأجهزة الأمنية استكمال التحقيقات وجمع الاستدلالات للقضاء لينالوا جزاءهم العادل جراء ما اقترفوا”.
كان “صالح” أول من وصف أحداث أغسطس/آب بالفتنة، وقال واصفاً ما حدث “كانت فتنة لا يُحمد عقباها ولكنا احنا تحملنا مسؤوليتنا”؛ في ديسمبر/كانون الأول كانون الحوثيون يعلنون مقتل رأس الفتنة “صالح” ومعاونيه وإخمادها.
قال قادة في جماعة الحوثي، لـ”يمن مونيتور” رفضوا كشف هوياتهم، إن صالح حاول منذ تلك الأحداث ترتيب أوراقه وأخذ وقت كاف لرص صفوفه في معسكر 48 ومعسكر الملصي ومعسكر يقال إنه تم تجهيزه في محافظة شبوه -حسب تصريحات في قيادة جماعة الحوثي- إلا أن الاستراتيجية كانت مراقبة ومدروسة بعناية فائقة من قِبل مسؤولي الجماعة وقادتها، وتدرس التعامل مع كل تكتيك لـ”صالح” بحذر وترتيب مُسبق.
تحرك سياسي
كان لافتاً أنَّ الجماعة المسلحة حركت إطارها السياسي قبل التحرك المسلح ضد “صالح”، بحلول منتصف نوفمبر/تشرين الثاني تمكنت الجماعة من فصل أحزاب فيما يعرف بالتحالف الوطني الديمقراطي عن حليفهم (المؤتمر الشعبي العام جناح الرئيس اليمني السابق) وأعلن هذا التحالف الانشقاق عن علي عبدالله صالح وحزبه.
المؤتمر الصحافي للإنشقاق كان مراسل “يمن مونيتور” في صنعاء حاضراً، وجاء في بيان الأحزاب: “نعلن اليوم الخروج من التحالف السياسي مع المؤتمر الشعبي العام لعدد من الأسباب ونؤكد أننا نعتبر منذ اليوم الممثل الشرعي لتكتل أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي باعتباره تكتلا سياسيا مستقلا، وأن التواصل قائم على قدم وساق مع ماتبقى من أحزاب وهي قليلة جدا لإعلان موقفها الذي نعرفه جيدا ولايختلف مع موقفنا في شئ، والاستمرار في مسيرة النضال السياسي من هذا الموقع، ولانعني بذلك الأحزاب المزورة والوهمية وأحزاب الفرخة أو وحيدة العضوية ممن تم شراء عضوها الوحيد بالمال”.
وحضر المؤتمر الصحافي “حزام الأسد” عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين، لكنه لم يظهر أمام الكاميرات، ورفض التعليق لـ”يمن مونيتور” وكان هو المشرف والقائم على المؤتمر الصحفي.
هاجم هذا البيان “صالح” وتوعد بمحاسبته، كما توعد “عارف الزوكا” الذي اٌتهم بوضع بيان باسمهم ونشره في تلفزيون “اليمن اليوم” التابع لـ”صالح”.
انهيار دفاعات صالح
استند “صالح” إلى دفاعات هشة كان الحوثيون قد استعدوا لها، لم يستند إلى قاعدة “الحزب” العريضة التي خرجت محتفلة بتأسيسه في ميدان السبعين في أغسطس/آب، وعندما بدّل صالح ولاءه باتجاه التحالف العربي تاركاً الحوثيين على وقع الضغط السياسي والعسكري، حانت اللحظة الحاسمة لإسقاط مملكته والإبقاء على حزب هش كانت الجماعة قد نخرته من الداخل.
ومن بين قادة القبائل وألوية العسكرية التي وقفت مع “صالح” كان مهدي مقولة القائد العسكري البارز الذي سقط أسيراً بيد الجماعة قبل مقتل “صالح”، وعدد من قبائل خولان بقيادة الشيخ علي شعلان وبعض قبائل همدان التي تكن بولائها لصالح اختار آخر لحظاته بعنايه بعد أن أيقن بأن لا فرار من مواجهة جماعة الحوثي التي بدأت باقتحام منازله منزلاً تلو آخر.
وبسبب انتشار وسيطرة الحوثيين على الحرس الجمهوري والقبائل لم تحقق أي انتصار على الأرض بقدر ما حاولت إبطاء وتوقيف الخناق على الرئيس صالح قبل مقتله بيوم واحد، وتمكنت قبائل همدان من الاشتباك مع الحوثيين في معسكر الاستقبال في ضاحية شمال غربي صنعاء واستولت على أكثر من 20 عربة مسلحة تابعة لجماعة الحوثي بما فيها مقاتلين لهم بعد معارك عنيفة سرعان ما تلاشت الخطوط الدفاعية بعد إعلان مقتل صالح؛ كما كانت جبهة خمر بمحافظة عمران التي تلاشت سريعاً بيد الحوثيين، والأمر كذلك في حجة والمحويت إلى الشمال الغربي من صنعاء؛ انهارت دفاعات القبائل الموالية لـ”صالح” في مناطقها مع استمرار القتال في مربع منزله وأقاربه جنوبي صنعاء.
لقراءة المزيد..
(تحقيق) قبائل صنعاء “فقاسة الرجال” كيف اختفت قبل مقتل “صالح”؟!
الحوثي يستخدم الرهائن أوراق ضغط
قُتل “صالح” مخلفاً عبء ثقيلاً على الحزب السياسي، بعد أثَّر وجوده فيه دون قيادة جديدة منذ 35 عاماً حفاظاً على مملكته وأسرته في السلطة، وبعد شهر من مقتله يثير إعلان قيادة جديدة للحزب (في فندق تقام فيه فعاليات مجتمعية لا ترتقي لإنعقاد حزبي فيه بصنعاء جدلاً واسعاً في صفوف حزب المؤتمر الشعبي العام)، وصعد أمين أبو راس وهو شيخ قبلي لم يكن مقرباً كثيراً من صالح إلى قيادة الحزب في اجتماع الأحد بصنعاء؛ وهو ما أثار سخطاً واسعاً.
وقال أنور العامري، عضو في حزب المؤتمر الشعبي العام،: إن كل ما يصدر من اجتماعات مؤتمر صنعاء لن يكون الواقع بل الأمر المفروض على المجتمعين وانه لن يتم إطلاق سراح ابناء الرئيس السابق علي صالح ولا الأسرى ولا انسحاب مسلحين جماعة الحوثي من مقرات ومنازل المؤتمريين إلا إذا أعلن المؤتمر الشراكة مع الحوثيين وبأنه ضد العدوان او سيتم زج البقية في السجون حتى بيان النعي لن يوافق عليه إلا اذا كان عقيماً.
ومنذ مقتل زعيم الحزب علي عبد الله صالح (الرئيس اليمني السابق) ثارت تساؤلات بخصوص ولاء مقاتلي الحزب إنَّ كانت لصف الحكومة المعترف بها دولياً أو البقاء مع الحوثيين، بعد أن بدل صالح ولاءه متخليا عن الحوثيين لصالح التحالف الذي تقوده السعودية.