(واشنطن بوست) بعد شهر من مقتل صالح.. مناخ الخوف والصمت يسيطر على اليمن
كان اليمنيون يتحدثون عن السياسة في مجالس “القات” النبات المخدر المفضل لدى كثيرين في البلاد. والآن الناس يخافون من مناقشة أي شيء مثير للجدل. حتى داخل منازلهم.
يمن مونيتور/ صنعاء/ ترجمة خاصة:
نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريراً عن الأوضاع في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وقالت الصحيفة، حسب ترجمة “يمن مونيتور”، إنه وبعد شهر من مقتل الرئيس السابق لليمن، يقوم الحوثيون المسؤولون عن جزء كبير من شمال اليمن بتعزيز قبضتهم، مستهدفين أي شخص يشتبه في معارضته لحكمهم.
وقال السكان إن الحوثيين ضاعفوا نقاط التفتيش حول العاصمة. ويقوم المقاتلون بالبحث عن الهواتف المحمولة التي تحمل صوراً للزعيم السابق علي عبد الله صالح أو في مواقع التواصل الاجتماعي ويطاردون أي شخصية تعارض الجماعة أو تدعم “صالح”
لقد اُعتقل مئات الأشخاص، بينهم صحافيون اُعتبروا متعاطفين مع صالح ومسؤولين في حزبه السياسي، المؤتمر الشعبي العام، وفقا لقادة الحزب والمحللين السياسيين. إلى جانب أنَّ ذلك تم إعدام أو اغتيل بعضاً من الموالين له.
وقال عادل الشجاع، وهو مسؤول كبير في الحزب “إن السجون الآن مليئة بقادة المؤتمر الشعبي العام”. واضاف “هناك اعتقالات وعمليات قتل خارج نطاق القضاء تجري سرا”.
وكان الشجاع قد فرَّ من اليمن ووصل مؤخرا إلى العاصمة المصرية القاهرة بعد أن حكم عليه الحوثيون بالإعدام. ويختبئ أقاربه.
وأضاف “عائلتي ما زالت في اليمن في وضع خطر”. مشيراً إلى أنَّ الحوثيين ذهبوا إلى منزله ولم يعثروا عليه، كما أنهم حاولوا البحث عن عائلته فلم يجدوها في نفس المنزل.
وأصر مسؤول رفيع المستوى بجماعة الحوثي على أن المؤتمر الشعبي العام لم يكن مستهدفا وأن الجماعة وحزب صالح لا يزالان شركاء. وقال ضيف الله الشامي عضو المكتب السياسي للحوثيين “إن المؤتمر الشعبي العام ليس صالح”. وأضاف “أن جميع أعضاء المؤتمر يؤدون أعمالهم بشكل طبيعي”.
لاعب واحد غير معترف به
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ الحملة أثَّرت على المجتمع اليمني وأدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والسلع الأساسية الأخرى في ظل أزمة إنسانية متزايدة في أفقر بلدان الشرق الأوسط. موضحةً أنَّ تَعمُق الحوثيين في سيطرتهم على يزيد من التوصل لاتفاق ينهي الحرب الأهلية التي دامت ثلاث سنوات.
وقال وضاح المودع وهو محلل سياسي ومحامي: إنَّ المشهد السياسي في اليمن أصبح أكثر تعقيداً بعد مقتل صالح. مضيفاً: “فرص السلام قد قلَت فهناك الآن لاعب واحد يسيطر على الداخل وهو أيضاً غير معترف به دولياً”.
وقد أدى الصراع إلى خسائر بشرية هائلة. وقد قتل ما لا يقل عن 10 الاف مدني، معظمهم في غارات جوية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، وفقا للأمم المتحدة. ويتعرض الملايين من اليمنيين لخطر الجوع أو في براثن وباء الكوليرا -حسب الصحيفة الأمريكيَّة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة الإنسانية في البلاد تفاقمت في تشرين الثاني/نوفمبر عندما اعترضت المملكة العربية السعودية صاروخ حوثي استهدف الرياض. وانتقمت المملكة بفرض حصار بري وجوي وبحري، مما حال دون وصول الإمدادات الإنسانية إلى اليمن.
وقد رُفع الحصار في أواخر الشهر الماضي بعد إدانة دولية واسعة النطاق، بما في ذلك انتقاد عام نادر للسعوديين من قبل الرئيس ترامب.
وظهرت تصدعات بين الحوثيين والموالين لـ”صالح” في وقت مبكر عام 2016. وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول وبعد أنَّ تحول “صالح” عن الحوثيين علناً إلى التحالف العربي؛ قام الحوثيون بقتله وقاموا بتوزيع مقطع فيديو لجسده. وتوقع العديد من المحللين المزيد من الفوضى في أعقاب ذلك.
لم يستفيدوا من وفاة صالح
وقالت الصحيفة إنه وفي الوقت الراهن، يبدو أنَّ أعداء الحوثيين الإقليميين، بقيادة السعودية والإمارات لم يستفيدوا من وفاة صالح.
وفيما أصبح الحوثيون أكثر عزلة، تزايدت سيطرتهم على وزارات رئيسية كان يرأسها مسؤولين من المؤتمر الشعبي العام، بما في ذلك المراكز الأمنية. كما أنَّ حزب المؤتمر تجزأ ففيما فرَّ الشجاع وغيره من كبار المسؤولين من البلاد، خشية الاعتقال أو الموت، بقى آخرون للعمل مع الحوثيين.
لا أحد قيد الإقامة الجبرية
وقال هشام شرف، وزير الشؤون الخارجية والمسؤول في المؤتمر الشعبي العام، إن “الحوثيين لم يضعوه أو أياً من كبار قادة حزب المؤتمر قيد الإقامة الجبرية” كما أنه ما يزال قادراً وحراً في العلم معهم. وقال شرف: “ما زلنا إخوة وأشقاء وقادرون معاً على إدارة الوضع”.
لكن الشجاع ومسؤولون آخرون في المؤتمر قالوا إن “عددا قليلا جداً” من أعضاء الحزب انضم إلى الحوثيين، وأن الغالبية العظمى من الذين بقوا في صنعاء يعتبرون الروابط بين الحزب وجماعة الحوثي لا يمكن إصلاحها.
وقال عضو في المؤتمر الشعبي العام طلب عدم ذكر اسمه بسبب مخاوف تتعلق بأمنه “نخشى التحدث بحرية الآن”. “هذه الميليشيات تتغذى على القتل وتنتشر الخوف والفوضى. ليس لديهم أجندة سياسية. إذا لم تكن واحدا منهم، فأنت عدوهم. كيف يمكن الوثوق بها؟ انهم لا يؤمنون بالشراكة “.
وأشارت الصحيفة الأمريكيّة إلى أن الشعوب بالخوف يمتد أيضاً في شوارع صنعاء. وقال السكان في مقابلات إنهم حذفوا أي صور أو رسائل تهاجم الحوثيين أو تتعاطف مع صالح من هواتفهم؛ خوفاً من توقيفهم في نقاط التفتيش الحوثية. كما أن صور صالح التي كانت منتشرة في كل مكان بشوارع صنعاء في المحلات التجارية والجدران والسيارات قد اختفت.
ولفتت الصحيفة إلى أنه وحتى وقت قريب كان اليمنيون يتحدثون عن السياسة في مجالس “القات” النبات المخدر المفضل لدى كثيرين في البلاد. والآن الناس يخافون من مناقشة أي شيء مثير للجدل. حتى داخل منازلهم.
المصدر الرئيس
A climate of fear and silence emerges in Yemen after killing of former dictator