ما زال المشهد يكرر نفسه بغباء سياسي، بتصدر التخلف والجهل والإرث العنيف بعفوية ساذجة ذقنا وابل العنف، ووهم الحشود والهتافات، والتأرجح وفق المصالح والحقن والشحن والتحريض، في كل مرة حبل الكذب والنفاق ينقطع وتتلاشى الأوهام وتنصهر الأحلام والطموحات، ويبرز مستبد متعجرف يبث فينا روح فرض الإرادات بسقوف عالية، وفق سياسة لي الذراع، والابتعاد عن التفاهمات، والذهاب نحو الخطاب الهستيري، مشحون بالتهم والمناكفة والشتائم والفضائح والترويج للإشاعات.
وما زال المشهد يكرر نفسه بغباء سياسي، بتصدر التخلف والجهل والإرث العنيف بعفوية ساذجة يتحول المثقف وحملت العلم والمعرفة لمجرد توابع يبررون ما يحدث، حيث يتغلب لدى البعض عرقه على علمه، مستعداً أن يتخلى على مخزونه النظري والفكري وقيمه ومبادئه ليتسلط عرقيا أو طائفيا مناطقيا قذر.
للحق قوة كامنة في حججه، لا يحتاج لعنف ولا مليشيات، الحق العام قضية إجماع، لا يحق لأي كان التنازل عنة تحت أي ذريعة ذهنية، يشوه الحق عندما يخصص، الحق الخاص الذي يتعارض مع حق الآخرين، والحرية التي تقوض حرية الآخرين، خارج عدالة القيم والمبادئ الإنسانية، ما لا تقبله على نفسك لا يمكن أن تقبله على الآخرين.
ما يميز الحق أنه كاشف لمعدن حامله، الكثير يدعون الحق وينكشف زور ادعائهم، حيث أن الحق التزام وليس للاستخدام، الحامل المدلس للحق يصعب عليه الالتزام بقيمه، فينهار في أول امتحان.
مخاضنا اليوم هو صراع محتدم بين الحق والباطل، من يدعون أنهم من أهل الحق، وعندما يتمكنون يمارسون الباطل، حيث يتمحورون مع المرحلة بكل مصالحها ورداءتها، لا التزم بشريعة السماء ولا بشرعية الأرض، يختار ولي أمره وفق مصالحه، وشرعيته وفق أهوائه، يعلن خيراً ويمارس شرا، يفتش عن عورات الآخرين، وعوراته مشاعة تعكر صفو الحياة.
سيادته في الارتهان لغير الوطن، وهويته وفق بورصة المال والأعمال، وطنيته عندما يهان وطنه ويدوس أسياده كرامة مواطنيه، بموازين النفاق والباطل، حيث صار المواطن يحتاج لكفيل ليزور أرض أبائه وأجداده، حيث يظهر الحليف كغازي، وحضن لتفريخ شرعيات مقابلة، بمليشيات مناوئة، لتصنع زوابع إبقاء الوطن مرتهن ونبقى تابعين.
عن أي حق يتحدثون هؤلاء، وهم ينتهكون الحق العام، وعن أي حرية يبحثون وهم يقوضون حريات الناس، حيث يتشابهون لفرض الحق الطائفي او المناطقي، ليتسيدون على الآخرين بوهم حق الهي أو ارث صفوي عرقي سلالي، في تنافس قذر بين سلالات العنف والتسلط والهيمنة، لا مانع لديهم أن يكونوا أدوات لأجندات غير وطنية، المانع أن لا يسمحون بتصدر أدوات المدنية والحوار والسلام والتصالح والتوافق والعدالة بكل أشكالها، يجن جنونهم بمجرد سمع صوت ينادي بكل ذلك واجتماع يصب في ذلك.
سلوكهم أفصح عن حقيقتهم، وما يختبئ في مكنوناتهم الفكرية والثقافية وعقيدتهم ومشرعهم.
وهنا تكمن المعضلة، هنا المرض، علاجه الوعي بالحق والثبات بالقيم، أين هذا الحق اليوم على أرضنا الطيبة وأين أهله والمدافعين عنه في وطن يستباح.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.