كتابات خاصة

خلاصة المغامرات والمفارقات

فتحي أبو النصر

الرئيس هادي وحزب الإصلاح والسلفيين والجزء الواسع من الحراك أيضا، فقد كانت الطريق إجبارية لهم ناحية السعودية والإمارات للاحتماء. أما الآن فإن الصراع السعودي الإماراتي مع قطر صار ينعكس على الشرعية.. بيننا يجب وضع حد لعدم تماسك جبهة الشرعية بشتى الوسائل.

لا أغبى من الحرب التي لايمكن البناء عليها سياسياً.. الحرب الممعنة في خسارتها وطيشها والموغلة في عدم فوزها مع سبق الإصرار..الحرب المزدوجة على الحاضر والمستقبل معا. الحرب غير المستساغة على الصعيد الشعبي لأنها ليست من أجل الدولة والمواطنة، نما من أجل الاستبداد والاستغلال.. حرب المكابرات والمغامرات والأمزجة الهوجاء والمساعي العمياء التي بلا أفق؛ لكن من يديرون الحرب يصابون بالزهايمر، ويعجزون عن التفريق بين الماضي والحاضر والمستقبل.. لكنهم يتحاربون فقط، بل ويعتقدون أنهم يسلون على الشعب المتعوس الذي جعلوه رهينة لحروبهم.
يتحاربون برصانة ممجوجة، كما بإصرار غامض بالطبع، فلا يبالون بخطأ الوسيلة وخطأ الغاية.. وبقدر ما يمعنون في طيشهم اللاوطني أكثر، يتوحشون أكثر، ويفقدون ذاكرتهم أكثر أيضا.. ولقد كان السيناريو بالمقام الأول، ضد الإصلاح والسلفيين، لاقى ترحيبا اقليميا وأمريكيا، بينما لكل جهة أجنداتها الخاصة.. غير أن إيران كانت قد هندست للعب دور أساسي في هذا السيناريو، بضوء أمريكي أخضر كذلك، ومن حيث لا تشعر به السعودية بالذات.. فيما أفضى ذات السيناريو المتخبط وغير الناضج، لتفكك كيانية الدولة ولتطييف المجتمع فقط.
على أن “صالح” استغل السيناريو جيداً لإعادة التموضع، بمقابل أن الحوثي استغله بدأب للبحث عن فرصة تموضع لا تتكرر.. ثم اتحدا ضد هادي والجنوب وتعز وبقية القوى، بعد أن جاهرا بتحالفهما أمام العالم، مستغلين المزاج الإقليمي والدولي في الصراع، وآملين بالانحياز لهما ووضع الجميع أمام الأمر الواقع.
والشاهد أنهما كانا قد تجاوزا الخطوط المرسومة التي “خربطت” كل الأوراق، وبالذات الورقة الأمريكية في الصراع! وفيما راق لإيران حينها أن تكشر عن أنيابها التي كانت مخفية، وتستعد منذ سنوات لهذه اللحظة الفارقة، إلا أنها جلبت لهما السخط الشعبي والإقليمي فقط.
وبعدها بالطبع، بدأ السيناريو الثاني الذي لم يتوقعه أحد، إذ مع إعلان إيران دخولها في الخط، استقوى الحوثي على “صالح” مستغلاً تقوض كيانية الدولة وشرعيتها، في حين أن  السعودية لم تغفر لـ”صالح” أبداً تغلغل إيران إلى هذا الحد.. ثم سريعاً صارت في الوسط بضوء أمريكي أخضر، مع أنها رأت بشكل واضح كل ما حدث منذ البداية مؤججة بالخطر الإيراني المفاجئ هذه المرة.. وأما صالح والحوثي فقد زاد اتكاء تحالفهما على مرتكز القبيلة والمذهب، كما بإحساس الخطر الوجودي الداهم رغم تناقض مصالحهما.. وأما هادي والإصلاح والسلفيين والجزء الواسع من الحراك أيضا، فقد كانت الطريق إجبارية لهم ناحية السعودية والإمارات للاحتماء. أما الآن فإن الصراع السعودي الإماراتي مع قطر صار ينعكس على الشرعية.. بيننا يجب وضع حد لعدم تماسك جبهة الشرعية بشتى الوسائل.
تلك ببساطة خلاصة المغامرات والمفارقات المأساوية الفظيعة التي أودت بالدولة، كما اثخنت المجتمع للأسف، بل وصنعت مآزق وأزمات وطنية جديدة..لا أقل ولا أكثر.
والخلاصة أن ثمة سيناريو ثالث، أصبح يتشكل في الأفق.. سيناريو سيكون أكثر دموية ودرامية، يقود فرقاء للالتقاء، ويقود حلفاء للافتراق، كما يبدو جليا.
*المقال خاص بـ(يمن مونيتور) ويمنع إعادة نشره دون الإشارة إلى مصدره الأصلي.
*المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن سياسة “يمن مونيتور”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى